رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معركة توحيد الشاحن!

المعركة بدأت منذ ٢٠٠٩، وتم حسمها جزئيًا، أمس الأول الثلاثاء، بموافقة كل دول الاتحاد الأوروبى، ممثّلة فى المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبى، على قانون جديد يفرض شاحنًا سلكيًا موحّدًا للتليفونات المحمولة والأجهزة الإلكترونية الصغيرة ومتوسطة الحجم، فى غضون سنتين ونصف السنة. لكن لن يتم حسم المعركة كليًا، أو بشكل نهائى، إلا لو التزمت الشركات، خاصة شركة «أبل» بتطبيق هذا القانون داخل الاتحاد الأوروبى وخارجه.

بأغلبية كبيرة، صوّت البرلمان الأوروبى، على مشروع القانون، فى أبريل الماضى، بعد أن كانت لجنة السوق الداخلية وحماية المستهلك قد وافقت عليه، بأغلبية ٤٣ صوتًا مقابل صوتين فقط، وأشارت اللجنة إلى أن القانون يقلل من النفايات الإلكترونية، ويعالج استدامة المنتج، ويجعل حياة العملاء أسهل. وأوصت بالعمل على توحيد شواحن أجهزة الكمبيوتر المحمولة «فى غضون ٤٠ شهرًا من دخول القانون حيز التنفيذ»، أى بحلول سنة ٢٠٢٦، وكذا الشواحن اللاسلكية، التى تشهد انتشارًا كبيرًا.

البرلمان الأوروبى أوضح فى بيان أن «المستهلكين لن يحتاجوا بعد الآن إلى جهاز وسلك مختلفين للشحن كلما اشتروا جهازًا جديدًا، بل سيكون بإمكانهم استخدام شاحن واحد لكل أجهزتهم الإلكترونية المحمولة الصغيرة ومتوسطة الحجم». وأضاف البيان أن «التليفونات المحمولة والأجهزة اللوحية وأجهزة القراءة الإلكترونية وسماعات الأذن والخوذ والكاميرات الرقمية ووحدات التحكم بألعاب الفيديو المحمولة ومكبرات الصوت المحمولة، فى حال كانت قابلة لإعادة الشحن بواسطة سلك، ينبغى أن تكون مزودة بحلول خريف ٢٠٢٤ بمنفذ (يو إس بى) من النوع سى، بغض النظر عن الشركة المصنّعة».

مشروع قانون أوروبى سابق، اصطدم فى يناير ٢٠٢٠ بمعارضة الشركات التكنولوجية الكبرى. أما القانون الجديد، فتم الكشف عنه، أواخر سبتمبر الماضى، ووقتها قالت المفوضية الأوروبية إن «الشخص الأوروبى النموذجى، يمتلك ما لا يقل عن ثلاثة شواحن، ويستخدم جهازى شحن بشكل منتظم، لكن ٣٨٪ من الأشخاص أفادوا بعدم قدرتهم على شحن هواتفهم مرة واحدة على الأقل، لأنهم لم يتمكنوا من العثور على شاحن متوافق». واقترحت المفوضية بيع أجهزة الشحن بمعزل عن الأجهزة الإلكترونية، بهدف تقليل النفايات وتشجيع المستهلكين على إعادة استخدام أجهزة الشحن الموجودة لديهم عند شراء جهاز جديد.

بدأت المعركة، كما أشرنا، سنة ٢٠٠٩، حين كان عدد أنواع أجهزة الشحن يقترب من الـ٣٠، وفى يونيو من تلك السنة، استجابت ١٤ شركة لضغوط الاتحاد الأوروبى، من بينها سامسونج وهواوى ونوكيا وإل جى وسونى وموتورولا ولينوفو، ووقعت فى يونيو من تلك السنة على مذكرة تفاهم طوعية، لتطوير وإنتاج شاحن مشترك لجميع الأجهزة الذكية التى تباع فى أوروبا، عبر استخدام منفذ «Micro USB» كمعيار قياسى فى أوروبا. وفى ٢٢ أكتوبر التالى، أعلن الاتحاد الدولى للاتصالات السلكية واللاسلكية معيارًا دوليًا للشواحن. وبعد ظهور «تايب سى»، قامت الشركات، سنة ٢٠١٨، بتعديل تلك الاتفاقية الطوعية.

هذه الاتفاقات أدت إلى تناقص عدد أنواع الشواحن تدريجيًا، حتى وصل إلى ثلاثة أنواع فقط، أحدها يخص أجهزة شركة «أبل»، التى اعترضت على القانون الجديد، وعلى كل محاولات الاتحاد الأوروبى السابقة، بزعم أن توحيد الشاحن، أو توحيد مخرج الشحن، يخنق الإبداع ويسبب اضطرابًا لا لزوم له للمستخدمين فى الدول الأوروبية وفى كل دول العالم. وقالت «أبل» فى بيان سابق: «يتم شحن أكثر من مليار جهاز من أجهزة أبل، بالشاحن الحالى. ونريد التأكد من أن أى تشريع جديد لن يؤدى إلى أى اضطراب لعملائنا».

.. وأخيرًا، تشير التقديرات إلى أن المستهلكين الأوروبيين، الذين ينفقون حاليًا نحو ٢.٤ مليار يورو، سنويًا، على شراء أجهزة شحن، سيتمكنون من توفير ٢٥٠ مليون يورو، سنويًا، بعد تطبيق القانون الجديد، إضافة إلى أن المخلفات المرتبطة بالشواحن غير المستخدمة، والمقدرة بـ١١ ألف طن سنويًا، ستنخفض بمعدل ألف طن أى بنسبة تقترب من الـ١٠٪. غير أن دراسة أجرتها مؤسسة «كوبنهاجن للاقتصاديات» انتهت إلى أن القانون الجديد سيكلف دول الاتحاد الأوروبى ١.٥ مليار يورو، ولن يوفر غير ١٣ مليون يورو فقط!