رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لهذه الأسباب تمضى المقاطعة الاقتصادية لمنتجات فرنسا فى طريق مقلق (تقرير)

مقاطعة المنتجات الفرنسية
مقاطعة المنتجات الفرنسية

تتصاعد دعوات مقاطعة المنتجات الفرنسية في عدد كبير من الدول العربية، ففي متاجر عدة دولة إسلامية منها الكويت وليبيا وسوريا ظهرت أرفف منتجات شركة لوريال وغيرها فارغة تمامًا، مع دعوات أخرى لمقاطعة مولات في مصر والسعودية والإمارات وتركيا وغيرها، استكمالا للموقف الحاسم إسلاميًا- بعد فتوى الأزهر بالمقاطعة- تجاه فرنسا عقب تصريحات إيمانويل ماكرون في استمراره في حماية القيم العلمانية الفرنسية في مقابل الإسلام المتطرف.

حملة المقاطعة بدأت تأخذ أبعادًا سياسية على نحو كبير بالأخص بين تركيا وفرنسا، فقد أكسبت الحملة توترًا أكثر بين البلدين، المتوترة علاقتهما أصلاً، فقد أمر ماكرون مؤخرًا بسحب السفير الفرنسي من أنقرة بعد تصريحات أردوغان التي وصف فيها ماكرون بأنه يعاني خللًا عقليًا.

تمضى المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الفرنسية في طريق مقلق، رغم كون المقاطعات الاقتصادية ورقة ضغط معروفة ومشروعة ضد الحكومات التي تنتهك من وجهة نظر الدول المقاطعة القيم والمبادئ والثقافات، لكن السؤال هنا هل ستحقق هذه المقاطعة أهدافها حقًا، أم ستعزز التوتر السياسي، وتخلق مناخًا خصبًا للمغالطات، ومزيدًا من الإصرار الفرنسي على حماية قيم العلمانية حتى تهدأ دعوات المقاطعة من تلقاء نفسها؟

الواضح أن بدايات التعامل مع إعادة نشر الكاريكاتير، في ذكرى مقتل فناني شارلي إبدو، قد جرى بمشاعر دينية غاضبة بعيدًا عن الخطاب العقلاني، وهو تكرار لنفس التعاطي الذي لم يُفض سوى للقتل في المرة الأولى، حتى من جانب الرموز الدينية الراسخة كشيخ الأزهر، الذي تبنى على نحو سريع دعوة المقاطعة دون طرح سبيل لمناقشة ضرورة إعادة النظر في الخطابين الإسلامي الذي يحمس على القتل، والعلماني الذي يحفز المشاعر العدائية المتطرفة.

وجاء مقتل المدرس الفرنسي صامويل باتي ليكشف عن مشهد مرعب حول مواجهة الأفكار مهما كانت مستفزة بالقتل، ليعزز الصورة التي أصبحت لصيقة بالدين الإسلامي، بأنه دين عنف، وتوريطه في دفاع مستهلك، لا يسلم من التشكيك، لماذا الصورة العامة للدين الإسلامي مقبضة على هذا النحو ما دام الدين في حد ذاته يحث على التسامح والسلام والتفاهم؟

العمل بمبدأ «العصبة الدينية والعصبة العلمانية» يهدد الأمن في فرنسا، فالعصبية الدينية قادرة على تكوين مجتمع مسلم مضاد يقدرعدده بنحو ستة ملايين مسلم في فرنسا، في مقابل باقي المجتمع الفرنسي المؤمن بقيم العلمانية وحريتها الكاملة في التعبير، حتى ولو في شكل رموز كاريكاتيرية للأنبياء، وهو مشهد يشبه شكل القوة التي كانت تتمتع بها الكنيسة في أوروبا قبل عصري النهضة والتنوير.

المغالطة الأكثر خطورة في أزمة رسومات شارلي إبدو ومقتل المدرس صامويل باني، أن حملات المقاطعة تعتبر فرنسا في حالة عداء واضح مع الدين الإسلامي، رغم أن الموقف الرسمي واضح أن حرب الدولة مع الإسلام المتطرف، وهو ما ظهر في خطاب أردوغان المغالط حين سأل ما هي مشكلة الفرد الذي يُدعى ماكرون مع الإسلام ومع المسلمين؟