رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تاريخ لن ننساه (20).. توبة الجماعات الإسلامية

مع بداية من عام 1995 اشتدت فيه هجمات الجماعة الإسلامية علي الدولة متمثلة قوات الأمن بدأت محاولات التوبة من داخل السجون.

ففي يوم 8 فبراير 1995 نشرت الصحف نبأ توبة اثنين من عناصر الجماعة الإسلامية هما. محمود عبد العزيز، وعلي أبو زيد خليفة.

وقال محمود عبد العزيز أنه كان طالبا في كلية الهندسة عندما تعرف على أحد عناصر جماعة التبليغ والدعوة، وطلب منه التفرغ للدين وعبادة الله والخروج في سبيل الله ثلاثة أيام في الشهر أو 40 يوم في السنة لنشر الدعوة، وبالفعل خرجت معهم، ولكن دبت بعض الخلافات بين أفراد الجماعة، وتقابل مع بعض عناصر جماعة الجهاد وانغمس معهم، وشعر أنه لن يستطيع إكمال دراسته، وعندما بدأت الجماعة في تنفيذ عمليات القتل لم يتوقع أن تقوم جماعته بتنفيذ تلك العمليات، ودخل السجون معهم وتناقش وقرر التوبة.

أما علي أبو زيد فقد قرر أنه تقابل مع قياد محكوم عليه بالإعدام لاتهامه في تنظيم طلائع الفتح وتحدث معه عن فكرة الخلافة الإسلامية والحرب في البوسنة والهرسك، واشترك في بعض العمليات التي نفذها التنظيم وقبض عليه ودخل السجن، وعندما زارته ابنته الصغيرة لم تتعرف عليه، ولم يتمالك نفسه وأصيب بحالة هياج وقرر التوبة. 

في يوليو 1995 أعلن عاطف عبد العال وكنيته طارق توبته، وهو عضو قيادي بالجماعة الإسلامية، وأعلن أنه مكث في الخرطوم أكثر من 8 شهور، وتنقل بين 5 دول.

وقرر عادل انه في البداية في عام 1998 كان عضوا في جماعة الإخوان المسلمين بالشرقية، ودعاه محمد عبد الحليم شحاتة عضو الإخوان لحضور اللقاءات الدينية للجماعة كل خميس، وتعرف هناك علي احمد حسين كامل عضو تنظيم الجهاد، ودعاه الأخير الي اعتناق فكر جماعته، وأعطاه مجموعة كتب تحتوي علي فكر الإخوان المسلمين، ولكنها تختلف في التطبيق السلمي أو العسكري.

ولا شك أن مراجعة الأفكار ومبادرة وقف العنف التي أطلقتها الجماعة الإسلامية لم تأت عفوا، ولكنها جاءت في ظروف مدروسة تماما ومحسوبة من قبل قادتها في السجون والخارج، وجاءت في أعقاب متغيرات دولية ومحلية ساعدت في تكوين تلك المبادرة.

ومن أهم تلك المتغيرات:

  • هجمات سبتمبر 2001 الشهيرة التي وقعت على الولايات المتحدة الأمريكية، مما جعل الولايات المتحدة الأمريكية تجند العالم كله لشن حرب لا هوادة فيها على عناصر وجماعات الإرهاب في أيمكان فيالعالم، وشمل الهجوم الدول التي تساند الإرهاب.ويري منظر تنظيم الجهاد السيد إمام عبد العزيز الشريف (المعروف باسم الدكتور فضل) أن أحداث سبتمبر 2001 كانت الكارثة على المسلمين: فقد دُمرت إمارة طالبان الإسلامية ودمرت القاعدة وتسببوا مباشرة في الاحتلال الأميركي لأفغانستان وغير ذلك من الخسائر الفادحة التي لا يتسع المجال لذكرها هنا وكلها في رقابهم. وهو ما اعترف به الدكتور ناجح إبراهيم نفسه من ان هذا الحادث لم يكن في مصلحة الإسلام وليس شرعيا، وتسبب في هلاك دولة أفغانستان وضياع تنظيم القاعدة.
  • وتأتي مبادرة التوبة عقب تصدي رجال الأمن بنجاح وحزم للجماعات الإرهابية، وصبرهم الطويل علي مدي عشر سنوات كاملة، وسقط من بينهم الشهداء، وتركت في عدد منهم جروح بدنية ونفسية لا تندمل، فضلا عن السياسة التي اتبعتها الدولة معهم، وما فعلته من أجل إنضاج تلك المبادرة مثل توفير المراجع الفقهية، وتوفير الوسائل الكافية لهم للمناقشة والمراجعة بالحجج والبراهين، كل هذا ساهم بقدر كبير في خروج تلك المبادرة.
  • كما تأتي المبادرة عقب سياسة خارجية ناجحة للمكافحة أدارتها الدولة، واستطاعت تطويق العناصر الخارجية للتنظيمات الإرهابية سواء عن طريق المعاهدات التي أبرمتها مع عدد من الدول لتسليم المجرمين مثل رومانيا وبولندا والمجر واليونان وأذربيجان، وتوقيع عدد من الاتفاقيات المنية مع باكستان واليمن، مما نتج عنه تسليم الهاربين وعلى رأسهم طلعت فؤاد قاسم والعائدون من ألبانيا.
  • كما تأتي المبادرة بعد عشرين عاما قضاها قادة الجماعات في السجون، وهي فترة طويلة، فعندما دخلوا السجون في بداية الثمانينات كانوا في العشرينات وبداية الثلاثينات، وقد أصبحوا الآن كهولاوعلى أعتاب الشيخوخة، ولم يتذوقوا بهجة الحياة التي يحلو بها كل شاب

ومما لا شك فيه أن طول مدة السجن أتاح لهم التفكير الرصين المتأني، وهو ما ساهم في تقليب الفكرة وترجيحها، كما ان من حقهم ان يتلمسوا السبل لتدارك بقية العمر. مع الأخذ في الاعتبار ان بعضهم تزوج وأنجب في السجون، وسواء كان هذا مقصودا من جانب الدولة أو غير مقصود، فان للبشر نوازع، ومن حقهم وحق زوجاتهم وأولادهم أن يتلمسوا الطرق للخروج من هذا الكهف المظلم.

فقد أعلنت الجماعة الإسلامية في مصر أن ما يقرب من خمسين ألف من أعضائها اعتقلوا منذ عام 1981م وحتى الآن، وأن نحو مائة منهم نفذ فيهم حكم الإعدام في غضون سبع سنوات فقط، في حين قتل قرابة الألفين خلال المواجهات التي دارت مع أجهزة الأمن في حقبة التسعينات.

وأشارت الجماعة في بيان نشر على موقعها الرسمي وعلى مواقع أخرى تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين إلى أن متوسط سنوات اعتقال أعضائها بلغ ما يقرب من اثنتي عشرة سنة وهناك من اعتقل لمدة ست عشرة سنة، بينما ظل قادتها في السجن لنحو ربع قرن.

يتبع