رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جرائم في زمن الحرب.. زمن " كورونا "

يحدث في أزمنة المتغيرات الحادة الخطيرة  أن تُخرج الشعوب أفضل مالديها من قيم فاضلة ، ولكن ــ وللأسف ــ يُخرج البعض من بنيها أسوأ مالديهم ..
نتابع على المستوى المحلي ، العديد من المبادرات الرائعة .. الرئاسية والحكومية والشعبية والفردية التي تطلقها منظمات المجتمع المدني لإعانة مواطنينا إنسانيًا واجتماعيًا لتحمل ظروف جديدة تفرضها تلك المتغيرات الصعبة والمباغتة والتي في الغالب يُعانون في ظل حدوثها من عدم الجاهزية للمواجهة أو المقاومة .. وبشكل خاص عندما تكون تلك المتغيرات تحدث لأول مرة وبظواهر وسمات وأشكال مجهولة قادرة على إحداث ارتباك مجتمعي ومخاوف وفقدان ثقة ودرجات من اليأس والقنوط والغربة وصعوبة العيش ..
يذكر من عاشوا زمن حرب 6 أكتوبر 1973 بكل دهشة وامتنان كيف اختفى الفعل الإجرامي وأصحابه من الشارع المصري ، وكيف تراجعت أعداد حالات تسجيل البلاغات المستغيثة في أقسام الشرطة من وقائع إجرامية ، و هي الحالة التي أطلق عليها " روح أكتوبر " لتُعد تلك الظاهرة من مكارم وفضائل وتبعات تلك الحرب الإيجابية التي خاضها شعب عظيم لإعادة الحق والمستحق على أرضه .
لقد تعرضت كل شعوب الدنيا لأبعاد وتبعات جائحة كونية كارثية بهبوط فيروس وبائي عاصف قاتل على سطح الأرض ، تتغير وتتبدل صفاته وأحواله وأشكاله في التعامل مع أجساد الناس ومعنوياتهم وعواطفهم ومشاعرهم وأحوالهم الاجتماعية وتقاليد وطقوس حياتهم اليومية وعلاقاتهم بالغير وبدور العبادة وطقوسهم الإيمانية والعقائدية الروحية .. بإيجاز أحدث ذلك الفيروس متغيرات حياتية باتت تشكل ملامح حياة جديدة قاسية ، ولعل أقسى مافيها حالة حيرة أهل العلم ومايعانونه من صعوبات في ملاحقة متغيراته والفشل حتى الآن في إعلان أو توقع لنهاية أورحيل لذلك الكابوس المرعب !! 
ولكن ــ للأسف ــ أن هذا الفيروس الذي بات يلاحق الناس ويقف بإجرام على عتبات بيوتهم وينتهز الفرص للدخول من أنوفهم وأفواههم لم يخف  أصحاب النفوس الضعيفة ، ولم يردع من بادروا بكل انتهازية حقيرة للمتاجرة والغش والسرقة في وضح النهار في أدوات وأجهزة معاونة الناس في الالتزام بالاجراءات الاحترازية لمقاومة الوباء الكارثي !!
وإذا كان البعض يلتمس لهؤلاء العذر بدعوى أن الوباء قد تسبب في حالات تراجع اقتصادي وبطالة وضيق ذات اليد عند البعض ( وهو بالطبع عذر غير مقبول على وجه الإطلاق إنسانيًا فلا يمكن أن يكون العوز إلى المال مبررًا لإزهاق الأرواح ببضاعات مغشوشة أو التتضيق على فرص حياتهم بيسر في زمن الأزمات !! ) .. فما قولنا في سلوكيات وقيم تراجعت دون مقابل مادي وبوقاحة لا يمكن توقعها في زمن الجائحة ..
أتركك عزيزي القارئ مع تفاصيل ذلك الحادث الإجرامي الذي تناولته كل وسائط الميديا بالانزعاج والالم .. يقول الخبر " في الوقت الذي كان يهرول لإنقاذ حياة عشرات المرضى المتكدسين داخل المستشفى، بعد أن تغلغل فيروس كورونا المستجد برئتهم، ويمد يد العون لمداواتهم وتخفيف آلامهم ، لم يكن يدري الطبيب المسكين أنه سيتعرض لكسور بيديه تمنعه عن استكمال عمله على يد أقارب عدد من المرضى.تسود حالة من الغضب بين الأطباء ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، إثر تداول واقعة الاعتداء بالضرب على طبيب العظام نشأت الصياد، في مستشفى السنطة العام، التابعة لمحافظة الغربية، حتى أصيب بكسور في يديه الاثنين.
وروى  بعضهم  تفاصيل الواقعة "الدكتور كان عنده نبطشية عزل كورونا وكانت فيه حالة تعبانة عندها نقص أكسجين فعملها دخول في المستشفى عشان تتحجز، وتخيلوا مين رفض إن الحالة تتحجز؟.. قرايب مريضة تانية هما اللي يرفضوا إن الحالة تتحجز مع قريبتهم في العنبر بالرغم إن مكنش فيه أماكن سراير إلا ده..." .. طلع لهم الطبيب المجني عليه وقال لهم                  " مينفعش إحنا مستشفى حكومي ومش من حق حد أنه يستحوذ على المكان بمزاجه ده مش أوتيل يعنى.. وأصر إن الحالة اللى عندها نقص أكسجين وبتموت لازم تدخل غصب عنهم، في اللحظة دي بقى 5 من قرايب المريضة اللي رافضين الحالة اللي بتموت تقعد معاها بيقرروا يتهجموا على قسم العزل بالكامل وبيكسروا مستلزمات العزل وبيضربوا التمريض والاتنين أمن الغلابة وبيمسكوا الدكتور الضحية ويتجمعوا عليه يكتفوه ويضربوه ويكسروله إيديه الاتنين"!!.
في أزمنة الحروب يتم تغليظ العقوبات وتوقيع الأحكام الفورية على الجناة .. ونحن في زمن الحرب الأصعب مع كورونا .. وكل يوم تطالعنا أجهزة وزارة الداخلية النشطة والرائعة ببياناتها الكاشفة عن جرائم بشعة ، ولعل ما كشفت عنه أسباب حادثة قطاري سوهاج حيث الإهمال والتسيب وعدم المبالاة بأرواح الركاب ما يدعم أهمية تغليظ العقوبات ... يا برلماننا العتيد .. اللهم بلغت فهل من استجابة تلحق بالعقوبات التي تم تغليظها لتجريم التحرش وختان الإناث والاغتصاب وبشكل خاص في زمان حربنا مع كورونا  ؟