رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انفخنى.. نحن فى زمن النفخ


غم تقدم علوم وفنون وتقنيات ووسائل الطب الحديث وخبرات التداوى عالميًا ومحليًا فى كل التخصصات، فإن أخبار الحواديت المؤلمة لضحايا عمليات الشد والشفط والنفخ والتمديد والقطع والوصل والحذف والإضافة والتكميم والربط والترقيق والتضخيم والنحت والتبييض والرفع والخفض والكشط والإزالة والتقشير وغيرها فى أجساد بعض راغبى التجمل، لاينقطع الحديث عنها.

بداية من حدوث تشوهات بسيطة وحتى من فاضت أرواحهم ثمنًا لأخطاء مهنية طبية من جانب من تاجروا بغير تأهيل علمى ومهنى فى أجساد الفتيات اللائى يحلُمن بأن يكُن فاتنات مبهرات، والشباب الذين كل أملهم إزاحة الكروش والافتخار بوسامة الوجوه والملامح واكتناز العضلات.

لقد باتت الدعاية والإعلان والإعلام عن بيوت التجميل ونحت القوام وتنحيف البدينات وتسمين النحيفات، أحد أهم الموارد المالية المربحة للمؤسسات الإعلامية وشركات الإعلان ومكاتب توكيلات العيادات وكل مقاولى ممارسات الفهلوة على المواقع الإلكترونية.

وعلى الجانب الآخر نرى أن حالة هوس البنات بعمليات التجميل باتت تسبب كوارث.. نتابعها فى عناوين صفحات الجرائد.. منها.. «إصابة سيدة بالعمى بسبب فيلر خاطئ.. وأخرى بتشوهات الثدى نتيجة النفخ».. و«الأطباء يصرحون: ٥٪ من المترددات على العيادات مصابات نفسيًا.. ويجب اختيار ذوى الخبرة لإجراء الجراحات».

ويبدو أن دكاكين التجارة غير المهنية وغير العلمية فى مجال التجميل ترفع شعار «الجمال طغيان قصير العمر» وهى المقولة الشهيرة للمبدع جورج برنارد شو، حيث تلك النوعيات من عمليات التجميل باتت جاذبة، ويدفع الكثير أموالهم فى سبيل إجرائها، ولكن المفاجأة عندما تكون النتيجة غير مُرضية أو قصيرة المدى تبهرك فى حينها ثم تكون المعاناة والألم مع ظهور النتيجة النهائية الحقيقية.

لا بد من مواجهة دكاكين إعلام الترويج المضلل لمثل تلك التجارة، وفى المقابل دعم الإعلام المرشد والعلمى والموضوعى لمواجهة حالة الإدمان غير المقبولة والخطيرة..

ويبدو أن اللجوء لما كتبه أهل الأدب الساخر بات ضرورة للتعبير فى مواجهة مثل تلك الظواهر.

ذكر أحد الفيسبوكيين المحترفين على صفحته على لسان طبيب: «لقد نفخت الأثداء فى بعضها فلم أندم.. وأصلحت الوجوه الكالحة فلم تصبنى الرعشة.. وأصلحت المناخير دون مخاط، فلم تتوقف يدى عن مصافحة المشرط.. ورفعت الصدور وأخفضت الخدود دون ارتعاش أصابعى.. وشفطت الدهون من طيات البطون فكانت النتيجة مُرضية.. وربطت مصارين البطن حتى تخفف صاحبة القضية من البدانة.. لكنى يا سيدتى إن كنت سيدة سوف تقوديننى إلى ترك هذه المهنة، والذهاب إلى مهنة الحدادين والنجارين والسمكرية، فلا أستطيع إلا شكك بإبرة من السموم الخفيفة كى تعودى ممصوصة العود ومن ثم (تكشين) حتى تصبحى طفلة صغيرة.. بعدها ستعودين إلى بطن أمك إن كانت لك أم أصلًا.. فتعيشين من جديد.. هذا زمان النفخ فانفخنى.. فقد كانت صاحبة الصورة جميلة القد لينة العريكة طرية العود، لكن صويحبات السوء نصحنها بأن تزور طبيب التجميل.. كى ينفخها قليلًا.. فإذا بالنفخ يتحول إلى طبل كبير أجوف.. وإذا العود الريان قد غدا جبلًا من اللحم والعظام.. ولم يزد من يستمع إلى قصتها أن يقول.. دعك مما أنت فيه.. هذا خطأ طبى، فاحمدى الله على أنك ما زلت على قيد الحياة.. وأخيرًا أقسم إنها حقيقة وليس هزلًا.. فتمتعى سيدتى بحياة هنيئة بعد زمان النفخ».

ويبقى السؤال بل وعلامات الاستفهام حول دور غرف الرقابة على الإعلام لمواجهة مشاكل أدعياء احتراف الارتزاق من بيع الوهم لطالبى «النيو لوك».. وأين دور النقابات المهنية؟.. ضحايا كل أشكال النفخ يصرخون.