رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بالفيديو والصور.. طقوس قبائل البادية في شهر رمضان

جريدة الدستور

ولائم وتجمعات، مبارزات بالأبيات والقصائد، أمسيات شعرية من أدب البادية، تجمع الأقارب واستضافة القبائل والعشائر، زردة الشاى والشاى البراد أشهر المشروبات، والثريد واللحم وجريشة القمح أبرز المأكولات المتعارف عليها، تلك هي حياة قبائل البادية في رمضان.

انتقلت عدسة "الدستور" لتجمع قبلى لمعايشة أجواء حياتهم في رمضان، والتعرف على أبرز عاداتهم وطقوسهم وثقافتهم الغير معروفة للكثير من أهالى محافظة الشرقية فهناك في ساحة إحدى قرى مركز بلبيس بمحافظة الشرقية، وفي ساحة واسعة نصب الأهالى في البادية خيام التجمع، واحتشد شباب ورجال القبائل لحضور الأمسية الشعرية والالتقاء بالأهل والأصدقاء، ودارت المشروبات على الجلوس الذين افترشوا الأرض بالوسائد للجلوس في حلقات استعدادًا لبدء الأمسية.

وقال الشيخ الشاعر سليم عواد الحويطى، مستشار الثقافى للاتحاد الوطنى للقبائل المصرية والعربية، إن للبادية سمات خاصة في رمضان، أهمها تجمع الأهل والأقارب والأصدقاء من أبناء القبائل الأخرى، مؤكدًا أنه يتم دعوة أبناء القبائل الأخرى بمحافظة الشرقية والمحافظات الأخرى، للتعارف وصلة الأرحام، وأن أبرز القبائل هي الحويطات ومزينة والأحيوات والعيايدة والهنادى قائلا "لا أحد بين البادية يفطر في رمضان منفردا، لا بدَّ من التجمع كل يوم لدى قبيلة".

وأضاف أن قيم وعادات قبائل البادية جميلة وذات طابع قوى وحازم في الحق، وذلك عكس ما يصف به بعض الجهلاء أن أهل البادية هم مروجى مخدرات أو سلاح، مستنكرًا تلك الآراء التي لم تتعرف على حق حياة البادية، ومؤكدًا أن أهل القبائل هم أكثر من يحترم الوعود والمواثيق ويكرم المرأة.

وسرد: "أن أهل البدو قديما كانوا يوقدون النار على الطريق حتى يراها الغريب أو التائه ويأوى إليهم، وإذا أوى إليهم الغريب وجد عندهم من الكرم والجود وحسن الضيافة ما لم يجده عند أحد، ويأمن من الأعداء حتى وإن كان بينه وبين أهل الدار عداوة تصل للدماء، فإنه يأمن بدخول الدار ولا يقربه أى سوء".

ومن جهته، قال الشاعر حماد منصور، عضو نادي أدب البادية، إن الأمسيات الشعرية هي أهم ما يميز ليالى رمضان، والتى تعقد مرة كل أسبوع، حيث يتبارى أبناء القبائل بأبيات الشعر والقصائد، والتى تكون "مرتجلة" لتكشف الشاعر الحقيقى من ناقل القصائد، حيث يقول الشاعر أبياته في موضوع ليرد عليه في المبارزة شاعر آخر بأبياته الخاصة في نفس الموضوع.

وأكد أن ارتجال الشعر والمعروف لدى البادية "بالسليقة" أى المكتسب الفطرى في ابتداع الشعر، يكشف مواهب الشعر الحقيقة ويتم تبنى الشعراء بنادى أدب البادية وإخراج أشخاص تستحق لقب شعراء البادية، مشيرًا إلى أنه تقام مسابقات في هذا النوع من الشعر، وقد حصد نادي أدب البادية ببلبيس المركز الأول في التنظيم والشعر مؤخرا في المسابقة التي تم عقدها بمحافظة مطروح.

وفي حديثه قال "إن الشاعر له قيمة كبيرة في قبائل البادية وقد كان الشاعر قديما بمثابة المتحدث الرسمى باسم القبيلة، وكان الشعراء يمثلون قبائلهم ويتبارون بالشعر ويسردون بالأبيات أنباء القبيلة وما مر بها من أحداث ومعارك فكان الشاعر هو مرآة قبيلته"، موضحًا أن أبناء البادية مبدعون في كافة أنواع الشعر كالهجاء والرثاء والتحميس والمدح والغزل وشعر الحكمة والذى يهدف لنشر رسالة معينة والشعر الوطنى.

واختتم حديثه بأن أبواب نادي أدب البادية مفتوح لكل من لديه الموهبة حتى لو كان مبتدئا، ويتبناه الشعراء والقائمين على النادي حتى يصل لمرتبة الشعر الكبير القادر على إلقاء القصائد.

وعن عادات أهل البادية، أوضح أبو عدنان الرياشى، شاعر من شعراء البادية ومدير العلاقات العامة والإعلام للاتحاد المصري للهجن، أن تربية الهجن "جمال السبق" من أهم عادات قبائل البادية، ويتم إقامة المسابقات المحلية والدولية، وتبدأ مواسمها في شهر سبتمبر من كل عام، لافتا إلى أن تربية الهجن وسبتقاتها في مصر ترجع لاكثر من 200 عام ويوجد 13 ناديا مخصصا على مستوى الجمهورية بعدة محافظات.

وأشار إلى أن المهرجان الأخير الذي تم تنظيمه بمدينة شرم الشيخ شارك فيه 14 دولة بحضور رئيس الوزراء، وكانت جوائز المراكز الأربعة الأولى هي عبارة عن سيارات قيمة.

وأوضح أنه من أهم ما يميز قبائل البادية ولائم الطعام الذي يغلب عليها تقديم "الثريد" وهي أقرب للفتة المصرية الخبز مع الأرز مرصوص فوقها قطع اللحوم، أو جيشة القمح بالمرقة أو الحليب، والتلبينة والعصيدة، وزردة الشاى والشاى الأخضر هي أهم المشروبات.

ومن جانبه، قال الشاعر محمود مسلم الحويطى، إن قبائل البادية ما زالت متمسكة بعاداتها المتوارثة على مر الزمان ولم تتأثر باختلاف التطور الذي غزا العالم، فما زالت قبائل البادية تلتزم بحسم الخلافات بـ"قعدة العرب" والتى يأخذ فيها كل ذى حق حقه، ومن يلجأ للأمن يتم خصم جزء من حقه المادى إن كان له أموال، نظرا لأن ما قام به يعتبر تصغيرا لأهله من رجال القبائل وعدم قناعة بقدرتهم في جلب حقه، والكلمة بين القبائل تقدر بـ"الدية" إن كانت خطأ يدفع صاحبها الدية المفروضة على كلمته التي خرجت من لسانه.

كما تحرص قبائل البادية على تكريم المرأة، ويتم الاحتفال بالأعراس في 40 يومًا يطلق عليها أيام الفروح، ولا تدفع العروس أى تكاليف في الزواج ولا مستلزمات العرس، فيأخذ الزوج زوجته بحقيبة ملابسها ويتكلف هو بإعداد بيت الزوجية كاملًا، وتتزوج المرأة دون قائمة، بل يدفع الزوج الصداق والمؤخر وذلك حسب وصايا الدين الصحيح، وفي حالة الخطأ في حقها فإن حق الزوجة يكون "مربعًا" بمعنى إن كان لها حق في مليون جنيه يكون حقها 4 ملايين جنيه.

واستكمل الشاعر محمود مسلم حديثه: "وكيف لا نكرم المرأة وقد كرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرص على حقها".

واختتم أن أهالى البادية ما زالوا متمسكين بتلك العادات والأمسيات وأسس الترابط المجتمعى التي توطد العلاقة بين أبناء القبيلة الواحدة والقبائل المجاورة، مؤكدًا أن التجمعات في تلك الأمسيات والتى يأتى إليها أبناء القائل من كل حدب وصوب هي خير دليل وشاهد على التحام أبناء البادية والتمسك بثقافاتهم وفنونهم والفولكلور والطابع الذي يميزهم عن غيرهم.