رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عصام التل: «ناهض حتر» ضحية تحالف عداوات إخوان الأردن ويسار فلسطين

ناهض حتر
ناهض حتر

◄ هناك احتمالية لضلوع المستشار السابق للقصر في الاغتيال بالتعاون مع مخابرات عربية أو أجنبية
الملقي خلق مناخًا مواتيًا للحادث.. والإرهابية حاولت التسوية مع القصر بعد سقوطها في مصر وتونس

قال عصام التل، الباحث والمحلل السياسي الأردني ، إن تحالف الإسلاميين مع البريروقراطية السياسية في الأردن، كان لهما دور أساسي في تهيئة المناخ لاغتيال الكاتب اليساري ناهض حتر، قبل اكثر من سنة ونصف.
وأضاف أحد الرفاق الفكريين لـ«حتر»، في حواره مع «الدستور»، أن اليسار الفلسطيني كان يجاهر بالعداء لإطروحات الكاتب الراحل، باعتبار أنه «إقليمي» أردني، كاشفاً كثيرا من ملابسات الاغتيال الذي وقع في 25 سبتمبر العام قبل الماضي.
بداية.. هل حُوسب أحد ممن حرضوا على قتل «حتر»؟
لم يُحاسب أحد، لا من المسؤولين الذين كان يجب أن يحاكموا بتهمة إهمال حمايته، ولا ممن حرضوا عليه، وكثيرون منهم معروفون ولم يخفوا هوياتهم.
وما رأيك في تحميل رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي جزءا من المسؤولية؟
أعتقد أن الملقي لعب «دورا بوليسيا»، وكان وراء اتخاذ الإجراءات التنفيذية التي أفضت في نهاية المطاف إلى خلق مناخ مواتٍ للاغتيال، ولكني لا أرى أن له دور مباشراً في التخطيط للاغتيال أو في تنفيذه.
لكن القرائن تشير إلى احتمال كبير بأن يكون لـ «باسم عوض الله»، الوزير والمستشار السابق للقصر، دور مع مخابرات دولة عربية لتوليف ترتيبات الاغتيال، وربما مع أجهزة استخبارات إقليمية أو دولية.
هل ترى لـ«الإخوان» دورا مباشرا في اغتياله؟
أعتقد أن دورهم كان تحريضياً بالدرجة الأولى، إذ تكفلت صحيفتهم «السبيل» بشن حملة مكثفة وبذيئة عليه، بينما استخدم جيشهم الإلكتروني في الأردن وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصا «فيسبوك»، للتحريض ضده وتصويره بأنه ملحد يعادي الإسلام والمسلمين.
بل أن أحد أتباعهم، وهو طبيب في مستشفى «البشير» بعمان - الذي نقل إليه «حتر» بعد اعتقاله- أفتى بـ«قص لسان» الشهيد الراحل.
يبدو أنه كان هناك تحالف بين الإسلاميين وبين سياسيين في الأردن لتهيئة مناخ مثل هذا؟
البيروقراطية الأردنية، شاركت في تهيئة الأجواء بالفعل، على الرغم من أن ناهض كانت له علاقات جيدة مع قطاعات من هذه البيروقراطية، وهذه تدافع عن مصالحها في وجه الخطط الأميركية والإسرائيلية، التي قطعت شوطاً كبيراً من الناحية التنفيذية، وترمي إلى توطين الفلسطينيين في الأردن.
هناك منافسة، لا تعني عدم التداخل أحياناً، بين البيروقراطية الشرق أردنية في أجهزة الدولة، وبين «الكمبرادور» الفلسطيني المرتبط بالخليج وأصبح لوبي نافذ سياسياً ويسيطر على السوق والقطاع الخاص باستثناءات محدودة.
وهناك تخوف شرق أردني من أن يكون الأردن هو الحلقة الأضعف في «صفقة القرن»، وأن يجري تحويله إلى وطن بديل للفلسطينيين، سواء بوجود القصر أم من دونه. وهذا ما تخشاه البيروقراطية الأردنية، لما يعنيه ذلك من تهديد مباشر لمصالحها.
وبالنسبة لـ «الإخوان»، هم جزء من النظام في الأردن منذ نشأتهم، وقد أدى النفوذ الأميركي في الأردن، منذ أوائل الستينيات، إلى تسليمهم مواقع حساسة في صياغة الوعي العام، وخصوصا وزارة التربية والتعليم ووزارة الأوقاف، بمساجدها وجمعياتها وصناديقها، إضافة إلى الرخصة المفتوحة لإقامة الجمعيات الممولة من الخليج التي تحاول التغلغل في صفوف الجماهير من خلال تقديم الخدمات والمنافع.
وكيف تطور دور «الإخوان» بعد ذلك؟
علاقتهم مع السلطة والمجتمع توترت مع بدء تنفيذ مشروع «الفوضى الخلاقة» الأميركي، في عهد أوباما، لتسليم الإسلام السياسي السلطة في المنطقة العربية، وخاصة بعد تسلم «النهضة» السلطة في تونس، و«الإخوان المسلمين الرئاسة في مصر»، إذ أدى هذا إلى بدء تصرف «الإخوان المسلمين» في الأردن على أنهم السلطة المقبلة، سواء بالتفاهم مع النظام، أو من دونه.
ولذلك عمد النظام، الذي يمسك بمفاتيحه التمويلية والجماهيرية والوظيفية، إلى تحجيمهم، وبعد أن اتضح تراجع دور الإسلام السياسي ومشروعهم في الوطن العربي، خاصة بعد ردود الفعل حيال «النهضة» ودورها في تونس، وإسقاط الجماهير المصرية حكم الإخوان في مصر، حاول الإخوان في الأردن التوصل إلى تسوية مع القصر، وفي هذا السياق كان دورهم في الحملة التي هيأت الأجواء لاغتيال الشهيد ناهض حتر.
بصفتك يساري أردني.. ما طبيعة الخلاف بين «حتر» وبين اليسار الفلسطيني؟
اليسار الفلسطيني كان يجاهر بالعداء لإطروحات ناهض، باعتبار أنه «إقليمي» أردني، بسبب مطالبته بتحويل القرار الحكومي في 1988 بفك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية إلى مادة دستورية، والتوقف عن تجنيس الفلسطينيين وإعطائهم الرقم الوطني الأردني لما لذلك من أثر بالإجهاز على حق العودة وتحقيق المطلب الصهيوني- الأميركي بتحويل الأردن إلى وطن بديل.
المزاج السياسي الفلسطيني العام، يمينه ويساره يطالب بما يسمى «الحقوق المنقوصة»، أي إدماج اللاجئين الفلسطينيين في البنية السياسية الأردنية، وفتح أبواب القوات المسلحة والمخابرات وغيرها من الأجهزة الأمنية لهم على قدم المساواة مع الشرق الأردنيين.
وهذا ما عمل الشهيد ناهض حتر ضده بصورة منهجية، وأكسبه عداء «الكمبرادور» (طبقة البرجوازيية حليفة الأجانب) الفلسطيني وقاعدته عموماً، وكذلك اليسار، بما هو معروف من المزاج العصبوي الفلسطيني، وسهولة اتهام الأردنيين بأنهم ضد حقوق الفلسطينيين في الأردن.
أخيرا وبصيغة أخرى.. هل كان لمواجهة «حتر» مشروع توطين الفلسطينيين في الأردن دور في قتله؟
ناهض كان يعبر عن مخاوف وطموحات الشرق الأردنيين في وطن مستقل ينتمي إلى محيطه الشامي، ضمن مفهوم المشرقية، وفي إطار التطلع إلى وحدة عربية ديمقراطية تقدمية.
وكان نموذج وصفي التل (رئيس وزراء أردني سابق اغتيل في القاهرة 1971 على يد منظمة أيلول الأسود الفلسطينية)، في تعزيز دور القطاع العام والبناء الذاتي والاستغناء عن المساعدات الأجنبية، يشكل أحد أوجه طروحاته، لكن من منظور يساري مناهض للإمبريالية والصهيونية والرجعية.
وهذا كان يثير حفيظة اليمين الفلسطيني، بما له من هيمنة على مزاج اليسار والجماهير الفلسطينية عامة.