شرق بورسعيد بين الحقيقة والادعاء
تدور الإشكالية الرئيسية حول ما إذا كان من الأجدى أن تندرج تنمية محور القناة كوحدة تنموية واحدة، وبالتالى ينبغى وضع مخطط استراتيجى عام لتنميته، مع وضع قانون خاص به، أم أنه من الأنسب أن تكون التنمية قطاعـيا أى كل قطاع عـلى حدة (قطاع بورسعـيـد وقطاع الإسماعيلية وقطاع السويس) على أن يتم التنسيق بين هذه القطاعات الثلاثة، بما يضمن عـدم ازدواجية الأنشطة التى تؤدى إلى التنافس السلبى بينها.
أصبح مشروع تنمية محور قناة السويس من أهم القضايا المطروحة عـلى الساحة المصرية، حتى أصبح أكثر الموضوعات جدلا بين أولئك الذين ينتمون إلى الجماعة وأنصارهم ومؤيديهم وبين أولئك الذين من خارجها من التكنوقراط والمثقفين والمفكرين المصريين، كل يعـتلى منصة حججه يدافع عن وجهة نظره، وتدور الإشكالية الرئيسية حول ما إذا كان من الأجدى أن تندرج تنمية محور القناة كوحدة تنموية واحدة، وبالتالى ينبغى وضع مخطط استراتيجى عام لتنميته، مع وضع قانون خاص به، أم أنه من الأنسب أن تكون التنمية قطاعـيا أى كل قطاع عـلى حدة (قطاع بورسعـيـد وقطاع الإسماعيلية وقطاع السويس) على أن يتم التنسيق بين هذه القطاعات الثلاثة، بما يضمن عـدم ازدواجية الأنشطة التى تؤدى إلى التنافس السلبى بينها، وعـلى أن يتم تطبيق القوانين المصرية التى تتعـلق بالاستثمار والمناطق الحرة العامة والمناطق الاقتصادية الخاصة بما يتناسب مع كل قطاع، ويستند أصحاب هذا الفريق على أن رأيهم يمكن أن يحقق أكبر عـائد ممكن من حيث التكلفة والجهد والوقت، والغريب أن كلا الفريقين قد اتفقا عـلى أن يكون مشروع شرق بورسعيد هو رأس الحربة لتنمية المحور، إلا أنه قد هالنى وآلمنى ما قرأت وشاهدت فى مؤتمر التنمية، من عـدم وجود تنمية حقيقية فى منطقة شرق بورسعيد وعلى الدولة سرعة البدء فى تنمية هذا القطاع، ولابد من وضع الخطط الطموحة لنهضة الدولة ولابد أن تكون البداية من شرق بورسعـيد، وكأن شيئا من التنمية قد تم إحداثها فى هذه المنطقة من قبل، فإذا كان الأمر كما يدعـون، فلماذا تم اختيارها لتكون رأس الحربة لتنمية محور القـناة؟
والواقع فقد تم اختيارها لأنها مكتملة التخطيط، كما تم إنهاء المرحلة الأولى من إنشاء الميناء المحورى وهى الأصعـب، حيث تم شق القناة الملاحية بطول 13كم وبعـمق يصل إلى 17.5م، ودائرة الدوران بقطر 1.3كم التى تسمح بالمناورة الواسعة وتسمح بعـودة حاملة الحاويات من نفس اتجاه قدومها، وتم إنشاء حاجز الأمواج وبرج الإرشاد، ورصيف التراكى بطول1.2كم، ومحطة تداول الحاويات بمساحة 600 الف مترمربع وتزويدها بأوناش الساحة والأوناش العملاقة، والمركبات والمعـدات التى تسمح بالتداول فى المحطة وفقا للمعايير والمعـدلات العالمية، وتم التشغـيل التجريبى للمحطة فى أكتوبر 2004 وافتتاحها رسميا فى 2 ديسمبر 2004 وحضر الافتتاح الدكتور عصام شرف وزير النقل آنذاك، و قـد فاقت هذه المرحلة المستهدف منها، إذ كان المستهدف هو تداول 600 ألف حاوية مكافئة فى السنة الأولى، إلاٌ أن التداول الفعـلى كان 2.1 مليون حاوية مكافئة، الأمر الذى أدى إلى أن يتبوأ ميناء شرق بورسعيد المرتبة الأولى بين موانئ البحر المتوسط من حيث معـدل النمو، وقد تم تزويد المرحلة الأولى بالبنية التحتية التى تضمن عمليـة التشغـيـل بكفاءة تامة (المحور الشريانى بطول حوالى 10كم ـ الطريق الفرعى بطول 8.5 كم ـ إنشاء خط السكة الحديد بطول الميناء ـ محطة تحلية المياه ـ محطة معالجة الصرف الصحى ـ محطة الجهد المتوسط ـ برج الاتصالات).
وقد تم طرح المرحلة الثانية للتنفيذ التى تتضمن إنشاء الرصيف الثانى ومحطة الحاويات الثانية ليصبح طول الرصيف 2.7كم ليعـد أطول رصيف فى العالم ويصبح إجمالى مساحة محطة تداول الحاويات مليوناً و350 ألف متر مربع، وقد انتهت دراسات منظمة «الجايكا» اليابانية وبيت الخبرة الألمانى «ISL» إلى إبراز مدى الأهمية المطلقة لميناء شرق بورسعـيد لحركة التجارة العالمية، إذ أظهرت هاتان الدراستان أن طاقة التداول سوف تصل إلى11مليون حاوية مكافئة فى عام 2015 (وهـو ما تم تخطيطه ضمن المخطط الاستراتيجى لبورسعـيد2000- 2022) وبذلك يكون الميناء المحورى بشرق بورسعيد بمفهومه ومكوناته قادرا على استيعاب ورسو السفن العـملاقة، وتكون أيضاً قناته الملاحية قادرة على استيعاب ومرور السفن فى اتجاهين فى وقت واحد ذهابا وعودة بفضل دائرة الدوران، وهو ما يتسق مع اقتصادات النقل البحرى وفقا لاتجاهات تطويره المستقبلية، وقد شهد الدكتور أحمد نظيف ــ رئيس مجلس الوزراء ــ والمهندس محمد منصور ــ وزير النقل ــ توقيع العـقـد، وقد قامت شركة قناة السويس للحاويات فور توقيع هذا العقد، بتوقيع عـقـد آخر مع شركة «zpmc» الصينية لاستيراد المعـدات اللازمة للمرحلة الثانية التى تشمل توريـد 8 أوناش رصيف عملاقة تتوافق مع معايير الصناعة العالمية، وتوريد 30 ونش ساحة ليصبح إجمالى عدد أوناش الساحة بالمحطة 67 ونش ساحة، بالإضافة إلى 24 ونش رصيف.
أما عـن الظهير البرى داخل حدود الميناء (27.5كم مربع) والظهير البرى المتاخم للميناء أو ما يعرف بالمنطقة الصناعية (87.5كم مربع) فقد تم إسناده إلى مكتب «DHV» الاستشارى الهولندى الذى فاز بالمناقصة العالمية التى تقدم لها 14 مكتباً عالمياً متخصصاً فى النقل البحرى، وفقا لقرار لجنة الاختيار التى ضمت 20 خبيراً مصرياً من وزارات النقل والصناعة والمالية والاستثمار ومجلس الدولة وأساتذة الجامعات، لإعداد المخطط العام لهذين الظهيرين، على أن يشمل الظهير البرى داخل حدود الميناء إنشاء منطقة خدمات لوجيستية، وعلى أن تتضمن الدراسة أيضا دراسة السوق لتحديـد أنسب المشروعات المطلوب توطينها، مع تقدير التكلفة الاستثمارية، واقتراح أفضل أساليب التمويل، وتقدير العائد على الاقتصاد المصرى، وقد تم فى يوم الثلاثاء 28/8/2007 توقيع العـقـد بين الهيئة العامة لميناء بورسعـيد الذى مثلها اللواء بحرى/ شيرين حسن محمود ــ عضو اللجنة الاستشارية التى يرأسها الدكتور عـصام شرف حاليا ــ بصفـته رئيسا لمجلس إدارة الهيئة العامة لموانئ بورسعـيد، والسيد الدكتور بى جى ميترترينر ــ مدير العـمليات الدولية للمكتب الاستشارى الهولندى «DHV» ــ وقد تم الاتفاق على البدء فورا فى إعـداد المخطط العام على أن يتم الانتهاء من إعداد المخطط فى 6 شهور، وتسليمه فى نهاية فبراير 2008، كما تم وضع حجر الأساس لمحطة الصب السائل التى تشمل عمليات مزج ومعالجة وتخزين وتجارة الصب السائل وتموين السفن، ولكن هذا المشروع قد توقف بسبب عدم موافقة القوات المسلحة عليه، مما أدى إلى لجوء الشركة للتحكيم الدولى.
وجدير بالذكر أنه فور الإعلان عـن المخطط العام تقدمت حوالى 65 شركة عالمية بطلبات للاستثمار بميناء شرق بورسعـيد كان آخرها شركة «ميتسوى» اليابانية التى تعـتبر من أكبر الشركات العالمية، بالإضافة إلى 7 شركات تقدمت لإنشاء محطات لتخزين الوقود والزيوت ومحطات لتموين السفن وإنشاء محطة متعددة الأغراض، وجدير بالذكر أيضا أن البنية الأساسية فى الميناء تغطى المرحلتين الأولى والثانية بنسبة 100%، هذه هى حقيقة التنمية التى تم إحداثها فى منطقة شرق بورسعيد فيما يتعلق بالميناء فقط أطرحها بالحق، فى زمن عـز فيه الحق، وفى الأسبوع القادم إن شاء الله أستكمل ما تم إنجازه فى المنطقتين الصناعـية والزراعـية من مكونات مشروع شرق بورسعـيد وفقا للمخطط الاستراتيجى العام لمحافظة بورسعيد 2000 ـ 2022.
■ محافظ بورسعـيد الفترة من 1999 ـ 2008
