رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معركة الإبداع تحتدم أسفل القبة.. "خدش الحياء" يهدد حرية التعبير على ميزان البرلمان.. مجلس النواب يرفض تعديلات قانون العقوبات.. وحقوقيون يكشفون لغز المأزق الدستوري

جريدة الدستور

شعرة فاصلة بين حرية التعبير وخدش الحياء، تدق ناقوس الخطر بين أوساط المدافعين عن حقوق الفكر والإبداع، بعد رفض البرلمان مشروع قانون يطالب بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات رقم ٥٨ لسنة ١٩٣٧ المتعلقة بالعقوبات الصادرة في قضايا النشر الخاصة بخدش الحياء العام.

وكانت اللجنة التشريعية بمجلس النواب، برئاسة المستشار بهاء أبو شقة، رفضت بأغلبية ٢١ صوتًا مقابل ٦ أصوات مشروعي القانونين المقدمين من النائبة نادية هنري، والنائب أحمد سعيد، طالب باستبدال نص المادة ١٧٨ من القانون رقم ٥٨ لسنة ١٩٣٧ بإصدار قانون العقوبات بالنص التالي: "يعاقب بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه" كل من نشر أو صنع أو حاز بقصد الاتجار أو التوزيع أو الإيجار أو اللصق أو عرض مطبوعات أو مخطوطات أو رسومات أو إعلانات أو صور محفورة أو منقوشة أو إشارات رمزية أو غير ذلك من الأشياء أو الصور عامة إذا كانت خادشة للحياء العام.

ونص المشروع على أنه لا يجوز رفع أو تحريك الدعوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية التي تحتوي على الأشياء والصور العامة الخادشة للحياء العام أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة.

كما أن كل مبدع لعمل فني أو أدبي أو فكري تضمن طعنًا في أعراض الأفراد بشكل علني، يجوز للمتضرر من الجريمة تحريك الدعوى الجنائية ضد مبدع العمل الفني أو الأدبي أو الفكري للمطالبة بتعويض مدني عما لحقه من أضرار من الجريمة.

ويأتي رفض اللجنة التشريعية لمشروع القانون ليكن بمثابة جرس إنذار لحقوق التعبير وحرية الرأي، لاسيما بعدما طالب أحد نواب البرلمان بضرورة معاقبة الأديب العالمي نجيب محفوظ على أعماله الأدبية مثل "السكرية" و"قصر الشوق" لتضمنها تعبيرات خادشة للحياء.

وتباينت آراء الخبراء حول كيفية التفرقة بين حرية الرأي والتعبير، وبين خدش الحياء وجرائم النشر، حيث رأى البعض أنه لابد من وضع معايير خاصة على يد منخصصين لتحديد الفرق بينهما، فيما رأى آخرون أن الأمر يعود أخيرًا إلى معرفة القاضي للفصل بين هذا وذاك.

الدكتور شوقي السيد الفقيه القانوني أكد أنه لا تعارض بين مشروع القانون ونص الدستور، لأن خدش الحياء ليس ضمن جرائم النشر وإنما هو حق في حرية التعبير، وبالتالي فإن المسألة تكمن في النهاية إلى كيفية تطبيق القانون بمعرفة القاضي للفصل بدقة بين حرية التعبير وجرائم النشر.

وأوضح في تصريح لـ"الدستور"، أنه إذا كان العمل الفني أو الابداعي يأتي في إطار النقد الموضوعي اللاذع والمباح، ففي هذه الحالة يجوز التعبير كيفما يشاء المؤلف حتى وإن كان باستخدام ألفاظ قاسية، أما إذا تطرق الأمر إلى الطعن في الأعراض على سبيل المثال في هذه الحالة يصبح الأمر خدشًا للحياء.

وأضاف السيد، أن الشعرة الفاصلة بين حق التعبير وخدش الحياء مثلها مثل الفرق بين حرية الرأي
وجرائم السب والقذف، لافتًا إلى أن رواية "ألف ليلة وليلة" على سبيل المثال، كانت تحوي بعض التعبيرات والألفاظ القاسة.

من جانبه قال، جورج اسحاق عضو المجلس القومي لحقوق الانسان، أنه ليس هناك معنى لمصطح "خدش حياء"، وإنما يوجد حرية تعبير أو لا يوجد، منوهًا إلى أن المناقشات التي تدور بين النواب داخل البرلمان هي التي يمكن أن تكون "خادشة للحياء".

وأضاف في تصريح خاص لـ"الدستور"، أنه لابد من وضع عدة معايير موضوعية على يد مجموعة من المتخصصين يتم تطبيقها بدقة لتحديد الفرق بين جرائم النشر وحرية التعبير، مشيرًا إلى أن النائب أبو المعاطي الذي طالب ضرورة معاقبة نجيب محفوظ على أعماله الفنية، لم يقرأ جريدة يومًا ما، ولفت إلى أنه لا يجب أن تسلم سلطة البرلمان إلى مثل هؤلاء النواب.