رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الملتقى اللاتينى الثالث

بدعوة كريمة من مركز الحوار للدراسات السياسية والإعلامية، (المعنى بشئون دول قارة أمريكا الجنوبية)، شاركت فى اللقاء الشهرى لـ"الملتقى اللاتينى الثالث"، فى نهاية شهر أبريل 2024، والملتقى مبادرة من برنامج الشئون اللاتينية بمركز الحوار، لتسليط الضوء على شئون القارة اللاتينية، والعلاقات المصرية اللاتينية، ويعقد ندوته فى الثلاثاء الأخير من كل شهر.
ونظرا للظروف والأحداث التى يمر بها وطننا العربى، من عدوان صهيونى على الشعب الفلسطينى، منذ الثامن من أكتوبر 2023، وحتى الآن، تناول الملتقى فى الشهرين السابقين القضية الفلسطينية.

وأيضا ألقى الضوء على الاقتتال فى دولة السودان ونتائجه وعواقبه الوخيمة على الشعب السودانى، كما تناول مواقف دول أمريكا الجنوبية، الداعم والمساند لحق الشعب الفلسطينى فى التحرير والعودة، وفى مقاومة الاحتلال، وحقه فى إقامة دولته، كما تناول إدانة معظم دول أمريكا اللاتينية للعدوان الصهيونى، ومطالباتهم بوقف الحرب فورا، ووقف الإبادة الجماعية، ورفض التهجير القسرى، والتطهير العرقى للشعب الفلسطينى.

إلى جانب طبعا المطالبة بإدخال المساعدات الإنسانية فورا لقطاع غزة، الذى يعانى من انعدام مقومات الحياة، الغذاء والمياه والكهرباء والوقود والدواء.
وهنا لا بد من الإشادة بموقف الدول التى قطعت علاقاتها مع إسرائيل، بوليفيا وكولومبيا وهندوراس وتشيلى، والإشادة بموقف فنزويلا البوليفارية والبرازيل وكل الدول التى وقفت مع الحق الفلسطينى فى مجلس الأمن وفى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وصوتت لصالح عضوية كاملة لدولة فلسطين.

أقام الملتقى اللاتينى الثالث ندوة تحت عنوان "الميركوسور 33 عاما من التكامل الاقتصادى"، وفى هذه الندوة التى أدارها الأستاذ محمد ربيع مساعد مدير المركز للشئون اللاتينية، ومدير تحرير مجلة شئون لاتينية، قدمت الدكتورة سماح على مقرر البرنامج الاقتصادى بمركز الحوار، ورقة حول الميركوسور وجهود االتكامل الاقتصادى، ثم تحدث الدكتور فتحى يوسف مدرس الاقتصاد بجامعة بنها حول "الميركوسور ومصر  نحو آفاق مستقبل واعد"، وسأحاول فى السطور التالية إلقاء الضوء على ما قدمه الدكتور فتحى يوسف.

فى البداية ألقى الدكتور يوسف نبذة عن ماهية التكتل الاقتصادى لمجموعة من الدول، حيث أوضح أن هناك العديد من التكتلات الاقتصادية منها اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية ورابطة الأسيان ومجموعة البريكس، والتكتل الاقتصادى له أشكال متعددة منها "الرسوم الجمركية" بتوحيد الرسوم، و"سوق مشتركة" لحركة رءوس الأموال والبضائع، و"الاتحاد الاقتصادى" بتوحيد السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية، وسوق مشتركة، مثل الاتحاد الأوروبى (27 دولة) والذى يعتبر اندماجا اقتصاديا متكاملا، حيث وصل لعملة موحدة وبرلمان أوروبى، وسلطة إقليمية موحدة.

ولننتقل إلى موضوع الندوة "الميركوسور" السوق المشتركة الجنوبية، وهو تجمع لدول المخروط الجنوبى بقارة أمريكا اللاتينية فى إطار اقتصادى، تأسس فى 26 مارس 1991، من 4 دول البرازيل والأرجنتين وأورجواى وباراجواى، ويهدف هذا التكتل إلى تحقيق التكامل الاقتصادى. وفى عام 1996 انضمت تشيلى وبوليفيا بصفة شريكة للمجموعة، ثم انضمت بيرو كشريك 2003، ثم الإكوادور، وكولومبيا.

أما فنزويلا تحالفت رسميا، مع البرازيل وباراجوار واورجواى فى يوليو 2006، ثم انضمت رسميا إلى الميركوسور عام 2012، ولكن الدول المؤسسة للسوق المشتركة لأمريكا الجنوبية ألغت عضوية فنزويلا عام 2016، بتهمة انتهاك المبادئ الديمقراطية للمجموعة.
تهدف مجموعة الميركوسور إلى تحقيق نوع من التكامل الاقتصادى بين أعضائها من خلال تعزيز التجارة البينية الحرة، وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع، وأصبحت ضمن أكبر القوى الاقتصادية فى العالم، وعلى المستوى السياسى التزمت بالعمل على تثبيت دعائم الحكم الديمقراطى فى أمريكا اللاتينية، ولقد أبرمت المجموعة اتفاقيات اقتصادية مع عدد من الدول العربية مصر والمغرب ودول الخليج، كما عقدت اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبى، وتشكل هذه المجموعة 62% من سكان أمريكا الجنوبية، و76% من الناتج المحلى الإجمالى لأمريكا اللاتينية.

العلاقة بين مصر وتجمع الميركوسور تعود إلى بداية مفاوضات فى عام 2004، وانتهت هذه المفاوضات إلى توقيع اتفاقية تجارة حرة بين مصر والميركوسور فى يوليو 2010، والتى أتاحت امتيازات للصادرات المصرية إلى أمريكا الجنوبية، كما أتاحت خفض تكلفة الواردات المصرية من تلك الدول، مثل السكر والحبوب واللحوم وزيت الصويا، كما تهدف الاتفاقية إلى خفض الرسوم الجمركية بأكثر من 90% بين مصر ودول الميركوسور، وإلغاء الرسوم على السلع الزراعية، مع تعزيز التعاون فى مجالات الاستثمار والخدمات. ولقد توصل الجانبان إلى شكل نهائى للاتفاق ودخل حيز التنفيذ فى 2018.
لقد استطاعت المجموعة تحقيق العديد من الإيجابيات عبر هذه السنوات ومنها تأسيس صندوق التقارب الهيكلى التابع للتكتل فى عام 2006، والذى يهدف إلى
أولا تقليص مشكلات النمو لدول التكتل (11 دولة)، مما ساعد على زيادة النمو الاقتصادى وحجم التجارة البينية لدول التكتل، ولقد وصل متوسط النمو لدول المجموعة إلى 5% فى السنوات الأخيرة.
ثانيا: حل المنازعات بين الدول بطرق سلمية.
ثالثا: التقدم الإيجابى فى عملية التكامل.
رابعا: إنشاء لجنة برلمانية مشتركة.
ويواجه التكتل تحديات منها، عقد اتفاقيات مناطق التجارة الحرة مع بعض الدول والتكتلات الأخرى بشكل منفرد، وأيضا بعض الخلافات السياسية، ومنها أيضا احتكار البرازيل لبعض الصناعات وهيمنتها على السوق من خلال الإغراق بمنتجاتها.
وإننى أؤكد أهمية وجود التكتل الاقتصادى "الميركوسور" لمجموعة من الدول المتقاربة، والمشتركة فى اللغة الإسبانية والبرتغالية، والديانة الكاثوليكية، والأصول المشتركة، والتاريخ المشترك، والتجارب السياسية المشتركة، مجموعة لها هدف مشترك، وهو التحرر من الهيمنة الأمريكية والغربية، والعمل على مصلحة شعوبها وبلدانها، والتعاون المشترك من أجل نهضة ونمو وتقدم بلدانها، وسط الصراعات العالمية والإقليمية. وأيضا أؤكد أن وجود أقطاب صاعدة عالميا كالصين وروسيا على المستوى الاقتصادى والعسكرى، ستقف فى وجه هيمنة القطب الواحد (الولايات المتحدة الأمريكية) على دول العالم الثالث ونهب ثرواتها وإضعافها، بتأجيج الصراعات فى الداخل والخارج من أجل ضمان سيطرته وضمان أمن الكيان الصهيونى العنصرى المحتل لفلسطين العربية.
إننا نحلم بعالم خال من العنف والصراعات يسوده العدل والخير والسلام عالم تقوم العلاقات فيه بين الدول على أساس التعاون المشترك والمنفعة المتبادلة وعدم التدخل فى الشئون الداخلية واحترام سيادة الدول.