رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"دعم مصر" العازف المنفرد.. "المصريين الأحرار" اتهمه بالعقم السياسي.. وتكتل "25 – 30" شريكه المخالف.. رحيل اليزل عرقل طريقه.. وشبح الحزب الوطني لاحق أغلبيته

جريدة الدستور

أغلبية برلمانية سعى ائتلاف "دعم مصر" إلى تشكيلها منذ بدء انعقاد الدور الأول لمجلس النواب، وسط مخاوف سياسية من إمكانية تحويله إلى نواة حزب وطني جديد خاصة بعد أن تجاوز عدد أعضاؤه ثلاثمائة عضو.
وبعد مضي 9 أشهر من عمر الائتلاف داخل مجلس النواب، شهد فيها خلافات برلمانية بين أحزاب المجلس تارة، ومن داخل أعضاؤه تارة أخرى، يستعرض "الدستور" أهم المحطات النيابية في تاريخ ائتلاف "دعم مصر" صاحب الأغلبية بمجلس النواب.
وبدأت فكرة تأسيس ائتلاف "دعم مصر" في ديسمبر من العام الماضي خلال اجتماع عقد بأحد فنادق القاهرة وضم حوالي أربعمائة نائب برلماني، وتم اختيار اللواء سامح سيف اليزل رئيسًا له، وجرى خلال المؤتمر توزيع مشروع لائحة ائتلاف دعم مصر، كما تم الاتفاق على أن يتم تشكيل هيئة مكتب للائتلاف خلال الفترة المقبلة.
وأعلن سيف اليزل خلال الاجتماع تغيير اسم "ائتلاف دعم الدولة" إلى "ائتلاف دعم مصر"، كما أعلن انضمام 8 أحزاب جديدة للائتلاف أبرزها "الوفد"، مؤكدًا أن تغيير الاسم جاء بموافقة أغلبية الأعضاء المؤسسين، وأنهم وزعوا هذا المشروع لكي يدرسه النواب ويوافقوا عليه.


وفاة سامح سيف اليزل:

وارتطم ائتلاف "دعم مصر" بوعكة سياسية في إبريل الماضي، بعد أن أعلن النائب أسامة هيكل نائب رئيس ائتلاف دعم مصر، وفاة اللواء سامح سيف اليزل رئيس الائتلاف، بعد معاناة كبيرة مع المرض.
وأثيرت عديد من المخاوف والتساؤلات حول مصير ائتلاف "دعم مصر" بعد وفاة اللواء سامح سيف اليزل، إذ رأى البعض أن الائتلاف سيتعرض لخلل كبير على إثر غياب قائده الأول سامح سيف اليزل، فيما رأى آخرون أنه ائتلاف دولة وليس ائتلاف فرد، وبالتالي لن ينهار، وإنما سيتم تصعيد رئيس آخر ليتولى مهام قيادته، وبالفعل تم تعيين اللواء سعد الجمال رئيسًا لائتلاف "دعم مصر"، خلفًا للواء سامح سيف اليزل.


تكوين الائتلاف:

وعقب وفاة النائب البرلماني اللواء سامح سيف اليزل، تقدم النائب سعد الجمال رئيس الائتلاف، بطلب تأسيس ائتلاف "دعم مصر"، وأرسل وثيقة الائتلاف، ونظامه الأساسية، متمضنا توقيع 337 نائبًا على استمارة العضوية، راغبين فى الانضمام، منهم 121 عضوا من الأحزاب، و 216 مستقلًا، وأعلن الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب، موافقة هيئة مكتب المجلس بشكل رسمي على تأسيس أول ائتلاف برلماني، تحت اسم ائتلاف دعم مصر.

وقال الدكتور على عبد العال، إن علاقته انقطعت بائتلاف دعم مصر، في يوم 10 يناير 2016، وهو اليوم الذى فاز فيه برئاسة مجلس النواب، وذلك ردًا على حديث النائب عبد الحميد كمال، الذى طالبه بإدارة المجلس بالعدل بين جميع الأطراف، وذلك إعلان البرلمان اليوم، موافقته على تأسيس ائتلاف "دعم مصر".

وفي مارس الماضي، استطاع ائتلاف دعم مصر إقرار لائحته الجديدة بشكلها النهائي، والخوض فى معركة الانتخابات على هيئات مكاتب اللجان النوعية، كذلك الحصول على أغلبية المجلس، والتى تعنى نصف عدد نواب البرلمان +1، إذ أكد النائب أسامة هيكل، نائب رئيس ائتلاف دعم مصر، أن عدد أعضاء الائتلاف تجاوز الـ300 عضو، وهو ما يعني أن الائتلاف أصبح هو الأغلبية داخل مجلس النواب خاصة أن نصف عدد النواب يساوى 298.

وفي آوائل مايو الماضي، اكتملت قائمة إئتلاف دعم مصر، بواقع 317 نائبًا، منهم 101 عضو ممثلين عن 7 أحزاب، وهم: حماة الوطن، ومصر بلدى، ومستقبل وطن، والمؤتمر، والشعب الجمهورى، والحرية، ومصر الحديثة.

وتضمنت القائمة 216 نائب مستقل، بينهم 7 معينين وهم كريم عبد الكريم درويش، وأشرف محيى الدين العربي، ورانيا عمرو مصطفى علواني، وجهاد جلال أنيس عامر، وهالة محمد سلطان أحمد أبو علي، وشيرين إبراهيم حسن فراج، ومهجة غالب عبد الرحمن هاشم.

ووفقًا لللائحته الداخلية، فإن ائتلاف دعم الدولة هو تحالف يضم أعضاء مجلس النواب المنتمين لهذا الائتلاف، بهدف تشكيل أغلبية برلمانية تمكن المجلس فى ممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية وإقرار السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ودعم الثوابت الوطنية وترسيخ وحماية الأمن القومي.


حزب وطني جديد:

وفور إعلان تأسيس ائتلاف "دعم مصر"، تناثرت التحذيرات من إمكانية تحويله إلى نموذج آخر من الحزب الوطني المنحل في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، إذ كان هذا الائتلاف هو الأبرز في مجلس النواب، وسعى إلى تكوين حزب الأغلبية داخل البرلمان، ما أثار ريبة قطاع من الأحزاب والسياسيين.

وفي تصريحات صحفية سابقة، أكد الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أنه إذا استمر الائتلاف في استقطاب أعضاء الأحزاب للانضمام إليه، فإنه يخالف بذلك المادة السادسة من قانون مجلس النواب والتي تنص على أن "يُشترط لاستمرار العضوية بمجلس النواب أن يظل العضو محتفظًا بالصفة التي تم انتخابه على أساسها، فإن فقد هذه الصفة أو غيّر انتماءه الحزبي المنتخب على أساسه أو أصبح مستقلًا أو صار المستقل حزبيا، تسقط عنه العضوية بقرار من مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس".

وعقب موجة من الانتقادات الحادة التي تلت الإعلان عن تأسيس ائتلاف "دعم مصر"، أفسح ذلك الهجوم مجالًا حول إمكانية تشكيل ائتلاف جديد من عدمه تحت قبة البرلمان، إلا أن الدكتور السيد البدوي، رئيس حزب الوفد، أكد في تصريحات له آنذاك، أن الحزب يرى أن الظروف الحالية لا تحتمل تشكيل ائتلاف برلماني، مضيفًا: "رضينا بوجود ائتلاف واحد داخل البرلمان، دون الآخر".

وفي يوليو الماضي، أعلن ائتلاف "دعم مصر"، أنَّه سيشكل تحالفًا انتخابيًا لخوض انتخابات المحليات من خلال قوائم سيتفق عليها بين أعضاء الائتلاف المستقلين والحزبيين، وقال اللواء سعد الجمال رئيس الائتلاف، إنَّ الائتلاف عقد العزم على اختيار أفضل العناصر خاصة الشبابية وأصحاب الطموح والرغبة في خدمة المجتمع من أصحاب الفكر المستنير.


صراع مع "المصريين الأحرار":

وخاض ائتلاف "دعم مصر"، أولى صراعاته البرلمانية، مع حزب "المصريين الأحرار"، وذلك بعد إعلان الأخير رفضه الدخول في ائتلاف " دعم الدولة"، وواصل الطرفان حرب التصريحات وتراشق الاتهامات، بعد هجوم مؤسس حزب المصريين الأحرار على ائتلاف دعم الدولة ووصفه للائتلاف بأنه فكرة عقيمة.

وبدأ الصراع بين الطرفين، منذ أن هاجم المهندس نجيب ساويرس، رجل الأعمال، ومؤسس حزب المصريين الأحرار الائتلاف قائلًا، إنهم لن يدخلوا ائتلاف "دعم الدولة المصرية" لكونه فكرة عقيمة وتستخف بعقول الشعب وليست ديمقراطية.

بدوره رد محمد سليم عضو مجلس النواب عن قائمة "فى حب مصر" بالقليوبية، على تصريحات ساويرس بقوله، "إن ما فعله حزب المصريين الأحرار أثناء الانتخابات البرلمانية هو العقم السياسى"، مضيفًا، أن حزب المصريين الأحرار "أختطف مرشحين من الأحزاب ".

و تابع سليم قائلا :"اتحدى أن يوجد نائب واحد داخل المصريين الأحرار دخل لاقتناعه بفكر الحزب، بل كان المرشحون يدخلون حزب المصريين الأحرار من أجل الاتفاق المالي بين الحزب و المرشح".


خلاف مع تكتل "25– 30":

وكان "تكتل 25 – 30" من أبرز المخالفين لسياسة ائتلاف "دعم مصر"، تحديدًا فيما يخص تقييم أداء الحكومة وإقرار الموازنة العامة، ففي الوقت الذي يؤيد فيه ائتلاف "دعم مصر" مواقف الحكومة، نجد على الجانب الآخر نواب ائتلاف "25 - 30" هم أصحاب الصوت المخالف تحت القبة، الأمر الذي يتمحور حوله حقيقة الصراع بين الجانبين.

ونتيجة لاحتدام الخلاف بينهما، أصدر النائب محمد أنور السادات، رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، بيانًا له أكد فيه أن الخلاف الشديد الذي نشب بين ائتلاف دعم مصر، وتكتل 25-30، حول آلية مناقشة وإقرار الموازنة العامة والتراشق الإعلامي الذي دار بينهما جاء من منطلق الحرص على صالح المواطن والإحساس بالمسئولية.

ودعا السادات رئيس المجلس الدكتور علي عبد العال، إلى مراعاة ما أشار إليه تكتل "25-30"، من وجوب العدالة في إعطاء الكلمة ومراعاة التعددية الحزبية والفكرية والحيادية وحرية وحق الاختلاف وغيرها من الأمور التي أثارت غضب بعض النواب.

من جانبه، أعلن ائتلاف "دعم مصر" احترامه وتقديره لكل النواب، معتبرًا أن البيان الذي أصدره تكتل"25 - 30" يعبر عن رأيهم، مضيفًا: "نحن ومع احترامنا للرأي الآخر نختلف في معظم ما جاء ببيانهم، ونأمل أن يحترموا رأينا كما احترمنا رأيهم".

وقال الائتلاف، في بيان له: "ليس كل من يؤيد الحكومة منبطح ومستفيد، وليس كل من يعارض خائن أو عميل، فجميعنا وطنيون وحريصون على المصلحة العامة، والجميع أقسم على رعاية مصالح الشعب واحترام الدستور والقانون".


استقالة مصطفى بكري:

وإلى جانب خلافاته مع التكتلات والأحزاب البرلمانية الأخرى، شهد ائتلاف "دعم مصر"، خلافات أخرى بين أعضاؤه، بسبب رغبة البعض في الترشح لرئاسة اللجان، وشغل عضوية المكتب السياسي، وهو ما يتعارض مع اللائحة التي تمنع الجمع بين المنصبين.

وأدى تفاقم الخلاف إلى إنسحاب بعض النواب من الائتلاف بالكامل، وكان النائب مصطفى بكري أول المنسحبين، بالرغم من وجود اتجاهات لاحتواء بكري، بمنحه مقعدًا داخل المكتب السياسي للائتلاف، لتجنب انسحابه وتأثيره على عشرات النواب الذين ساندوه من قبل في ترشحه لمنصب وكيل مجلس النواب.

وبعد احتدام موقفه مع إدارة الائتلاف، تقدم بكري باستقالته من ائتلاف "دعم مصر" في الثاني من فبراير الماضي، مؤكدًا أن استقالته جاءت بعد فترة من العلاقات المتوترة مع قيادات الائتلاف، وذلك فى ظل عدم دعوته للاجتماعات المتتالية للائتلاف خلال الفترة الماضية، وعلى رأسها تجاهل الائتلاف دعوة بكري لحضور اجتماعه العام بفندق "ماريوت".


البيان الختامي:

وفي ختام دور انعقاد البرلمان، عبر اللواء سعد الجمال، رئيس ائتلاف دعم مصر، ورئيس لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب، عن اعتزازه بما أنجزه مجلس النواب خلال دور الانعقاد الأول.

وقال "الجمال" فى كلمته خلال الجلسة العامة الختامية للبرلمان،: "هذه الدورة تعبر عن تجربة ديمقراطية حديثة، وجاءت بعد فراغ تشريعى وبرلمانى وفى فترات عصيبة تمر بها البلاد، لتستكمل خارطة الطريق واستحقاقات الوطن الدستورية التى رسمها القائد والزعيم الرئيس عبد الفتاح السيسى".

وأضاف "الجمال": "هذا البرلمان تميز تميزًا غير مسبوق بين شرائح الشعب المصري عن المجالس السابقة، بما يحقق التجربة الديمقراطية بأن يحكم الشعب نفسه بنفسه، فأنشأ لجانًا نوعية حديثة متخصصة فى البرلمان، ويحسب له أنه اختتم هذه الدورة بقانون انتظره المصريون عقود طويلة من الزمان، وهو قانون بناء الكنائس ما يعكس مفهوم المواطنة والسلام الاجتماعي، منوهًا إلى الدور الرقابي المتميز للمجلس من خلال لجنة تقصي الحقائق في فساد صوامع القمح.