رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في نهاية دور انعقاده الأول.. مجلس النواب للـ"الخدمة المدنية": حظ سعيد الدورة القادمة

جريدة الدستور


ضجة قوية وجدل حاد أثاره قانون الخدمة المدنية منذ اللحظة الأولى لإصداره، ليشهد سجالًا طويلًا دام لأكثر من عام، بين السلطة التنفيذية والتشريعية، وسط توصيات الرئاسة، واعتراضات البرلمان، وتعديلات الحكومة، لينهي مجلس النواب معركة القانون، ويقرر الموافقة عليه عقب تعديلاته الأخيرة، إلا أن قرار التصويت النهائي لم يحسم بعد، إذا قرر البرلمان إرجاء عملية التصويت لحين إنعقاد دورته الثانية في أكتوبر المقبل.. "الدستور" تستعرض أبرز محطات قانون الخدمة المدنية منذ لحظة صدوره إلى الآن.

في 12 مارس 2015، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، القانون رقم 18 لسنة 2015 وتم العمل به بدءًا من اليوم التالي من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية؛ أي اعتبارًا من يوم 13 مارس 2015، وذلك طبقا لنص المادة الرابعة من مواد إصدار القانون.

وشمل نطاق تطبيق أحكام القانون كل من؛ وظائف الوزارات ومصالحها، والأجهزة الحكومية، ووحدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة، وذلك ما لم تنص قوانين أو قرارات إنشائها على ما يخالف ذلك، بينما لا تطبق على وظائف قطاع الأعمال العام، أو القطاع العام، أو القطاع الخاص.

وكان الهدف الرئيسي من القانون تغييرهو آليات عمل الجهاز الإداري المصري، وحل المشكلات الناجمة عن بقاء الوضع الراهن، إلا أنه منذ اللحظة الأولى لإصدار القانون، أثار غضب ملايين المواطنين، خوفًا من المساس بأجورهم ورواتبهم الأساسية.

ولم يحدد القانون اختصاصات واضحة لمجلس الخدمة المدنية، وجعله مجلس توصيات، وليس صاحب قرارات مسئول عن تنفيذها، كما لم يحدد الحد الأقصى لساعات العمل، وأغفل تحديد عدد سنوات الخدمة الفعلية.

وفي 20 يناير 2016، قرر مجلس النواب رفض قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 18 لسنة 2015 بشأن إصدار قانون الخدمة المدنية، وصوت بالموافقة على رفض القرار 332 نائب، بينما وافق 150، وامتنع 7 نواب.

وأرسلت الأمانة العامة لمجلس النواب مذكرة للرئيس السيسي، توضح أسباب رفض المجلس للقانون، مرفقا بها تقرير لجنة القوى العامة ومضابط الجلسات الخاصة بالقانون.

وتضمنت المذكرة 20 بند أهمها؛ أن القانون بُنيت فلسفته على أن العاملين بالجهاز الإدارى للدولة هم المسئولون عن ترهل الجهاز بالمخالفة للحقائق، وبعيدًا عن جوهر المشكلة المتعلقة بالسياسات وضرورة تصحيحها وهو ما أغفله القانون.

كما تناولت المذكرة عدم دستورية القانون بعد أن نصت المادة الأولى من مواد الإصدار على استثناء بعض الجهات والمصالح والأجهزة الحكومية ووحدات الإدارة المحلية من الخضوع لهذا القانون، وهو ما يخالف المواد9 و14و53، من الدستور، كما يعد إهدارًا للعدالة الاجتماعية، ومبدأ المساواة، وعدم التمييز، وتكافؤ الفرص.

وبمجرد رفض البرلمان لمشروع القانون، عكفت الحكومة على إدخال تعديلات عليه، تمهيدًا ﻹعادة طرحه وتقديمه لمجلس النواب، بعد مراعاة تحفظات بعض النواب.

وفي 22 يناير 2016، أعلنت حكومة المهندس شريف إسماعيل استعدادها لإعادة قانون الخدمة المدنية مرة أخرى للمجلس عقب انتهاء الاحتفال بذكرى 25 يناير، وذلك عقب تفادي المواد التي آثارت جدلًا فى البرلمان.

وعقب قرار البرلمان برفض القانون، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أنه لن يتدخل فى عمل البرلمان، إلا أنه لديه بعض الملاحظات، قائلًا "لازم أتكلم لأن مصر مسئولة مننا وأمانة فى رقبتنا".

وأوضح الرئيس السيسي فى كلمته خلال الاحتفال بعيد الشرطة، أن البرلمان رفض أحد قوانين الإصلاح، في الوقت الذى نطالب فيه بمزيد من التقدم، فى إشارة إلى قانون الخدمة المدنية، قائلًا: "أما النهاردة يعرض قانون للإصلاح ووجه نظر نواب الشعب أنه لا يقر، مفيش مشكلة، لكن خلي بالكم انتو بتطالبوني بالإصلاح والتقدم ومسئولية شعب مصر، والولاد دول صعبة، إحنا مش بنعيش لوحدنا" .

وأضاف، أن مصر لديها 7 ملايين موظف، نحتاج منهم مليونًا واحدًا فقط، والقانون لن ينتقص من حقوق أو رواتب أحد، قائلًا: "إنه منذ بداية توليه للحكم أكد أنه لن يستطيع تحمل المسئولية بمفرده".

وفي فبراير 2016، قرر الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلغاء قانون الخدمة المدنية الجديد والعودة للعمل بقانون 47، الذي كان معمولا به قبل تقديم القانون الجديد، كما أصدر الرئيس القرار رقم ٧٦ لسنة ٢٠١٦ بتفويض رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، فى مباشرة بعض اختصاصات رئيس الجمهورية المنصوص عليها فى قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة فيما يتعلق بوظائف الدرجتين العليا، والممتازة.

وفي 18 فبراير 2016، نشرت الجريدة الرسمية قرار مجلس النواب، رقم 1 لسنة 2016، بعدم إقرار القرار بقانون رقم 18 لسنة 2015 بإصدار قانون الخدمة المدنية، مع اعتماد نفاذه فى الفترة من تاريخ صدروه فى 12 مارس2015، إلى 20 يناير 2016، وما يترتب على ذلك من آثار.

وفي مايو 2016، قال أشرف العربي، وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري إن التعديلات التي تمت على قانون الخدمة المدنية جاءت وفقا للملاحظات الثماني التي أبداها مجلس النواب عقب رفض القانون،
مشيرًا إلى أنه تم الاستجابة لكافة الملاحظات .

وجاءت أهم التعديلات في المادة الخاصة بمحو الجزاءات والتي ستوقع تدريجيًا وعلى حسب طبيعة الخطأ، كما اشتملت تعديلات القانون إمكانية أن يكون للموظف الحق في التظلم على تقرير الكفاية، وهو ما لم يكن يتضمنه المشروع الأول.

وبعد أن انتهى مجلس النواب من مناقشة مشروع قانون الخدمة المدنية الجديد الذى يبلغ عدد مواده 76 مادة، بالإضافة إلى مواد الإصدار، وافق المجلس على مشروع القانون فى مجموعه، كما وافق على تحديد نسبة العلاوة الدورية في الأجور بنسبة 7 % من الأجر الوظيفي علي أن يعاد النظر في هذه النسبة بصفة دورية منتظمة.

وفي 24 يوليو الماضي، أسدل مجلس النواب، برئاسة الدكتور على عبد العال، الستار على قانون الخدمة المدنية، بالموافقة على مشروع القانون، إلا أن المجلس أرجأ التصويت النهائي لحين اكتمال نصاب ثلثي الأعضاء وهو الأغلبية المتطلبة للموافقة على القانون.

وفي سبتمبر الجاري، فاجأ مجلس النواب الجميع بإعلانه فض دور الانعقاد الأول، دون أخذ الرأي النهائي على مشروع قانون الخدمة المدنية، رغم الانتهاء تمامًا من مناقشته والموافقة عليه فى مجموعه، ما تسبب في تعطيل إصدار القانون إلى شهر أكتوبر المقبل انتظارًا لبدء دور الانعقاد الثاني.

وقالت لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، إن الحكومة ستستمر فى تطبيق القانون رقم "47" لسنة 1978، الخاص بالعاملين المدنيين فى الدولة، على الموظفين، لحين التصويت النهائي على مشروع قانون "الخدمة المدنية" وإقراره رسميًا، بعد تأجيله من قِبَل مجلس النواب، فيما كشفت مصادر عن أن هناك حالة استياء شديد داخل الحكومة، من تأجيل مشروع القانون، وتأخر المجلس فى إقراره.