رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دماء العلماء على مذبح السياسة.. جمعة ينجوا من الاغتيال.. وطلقة في عين الذهبي تودي بحياته .. وتفجير البوطي تائه بين الأسد والثوار.. والقرني دفع ثمن مواقفه من الشيعة في الفلبين

جريدة الدستور

الإغتيال عقوبة كل عالم دين يتطرق إلى السياسة سواء بتأييد الأنظمة الحاكمة أو معارضتها، مبدأ اعتمدته الجماعات المتطرفة في تصفية خصومها، ودللت على صدقه الأيام، فكان آخر هذه الحوادث التي حاولت حركة إرهابية تنفيذها امام احد المساجد 6 أكتوبر محاولة اغتيال الشيخ الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية الأسبق.

وتعرض الدكتور على جمعة، إلى حادث إطلاق نار من مجهولين إثناء دخوله أحد المساجد لأداء صلاة الجمعة بمدينة السادس من أكتوبر، ما أدى لإصابة الحرس الخاص به، فيما لم تلحق بجمعة أي إصابات، وألقى خطبة الجمعة، وأدى الصلاة في المسجد ذاته، وغادر بعدها.

جمعة، عرف عنه معارضته جماعة الإخوان ، وانتقد سياستها في الحكم وأيد فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بالقوة كما وصف الجماعة وعناصرها بخوارج العصر وكلاب أهل النار.

الذهبي والتكفير

ولم يكن على جمعة الشيخ الوحيد الذي تستهدفه الجماعات الإرهابية أو حتى النظامية لمعارضته لها أو هجومه وانتقاده لاستراتيجيتها التنظيمية، حيث اغتالت يد إرهاب جماعة التكفير والهجرة في سبعينيات القرن الماضي الشيخ الدكتور محمد حسين الذهبي وزير الأوقاف الأسبق عام 1977.

وقام عناصر من جماعة التكفير والهجرة، في الـ 3 من يوليو 1977، باختطاف الذهبي، من منزله في ضاحية حلوان جنوب القاهرة واقتادته إلى جهة غير معلومة، وفي اليوم التالي أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن قتلة ، وبدأت أجهزة الأمن البحث لتحرير الشيخ إلى أن عثرت عليه قتيلًا ومصابًا بطلق ناري بالعين اليسرى في إحدى الفيلات في منطقة الهرم.

وبعد أيام أصدر الرئيس الراحل محمد أنور السادات قرارا جمهوريا بإحالة القضية إلى محكمة عسكرية وفي الثامن من يوليو تم القبض على أمير الجماعة شكري أحمد مصطفي، ووجهت تهمة قتل الشيخ الذهبي إلى مصطفي عبد المقصود غازي لكن قرار الاتهام الذي أصدره المدعي العام العسكري محمد عبد العليم مخلوف في الحادي عشر من أغسطس من العام نفسه، وجه تهمة قتل الشيخ الذهبي إلى ضابط الشرطة المفصول أحمد طارق عبد العليم الذي شارك في عملية الاختطاف أيضا.

وجاء اغتيال الذهبي، بسبب كتيب أصدرته وزارة الأوقاف التي كان يتولى رئاستها، وكتب في مقدمة الكتيب يقول :"يبدو أن فريقا من المتطرفين يسعون في الأرض فسادا ولا يريدون لمصر استقرارا ، استغلوا الشباب وصوروا المجتمع بأنه مجتمع كافر تجب مقاومته ولا يجوز معايشته وأن العنف هو الحل لفرض الشريعة وهذا أبعد مايكون عن الدين السمح وعن الوسطية الإسلامية التي التي هي شريعة الإسلام وينادى بها الأزهر الشريف ولهذا أقدم هذا الكتيب لشرح معنى الإيمان في الإسلام والوسطية في الدين وأن مدى صدق شهادة المسلم مرتبط بما في قلبه وعلى الذين يوزعون الإيمان والكفر على الناس أن يراجعوا أنفسهم وإلا باءوا بإثم كبير ".

وكشف رئيس جهاز أمن الدولة الأسبق، فؤاد علام، في كتابه "الإخوان..وأنا " إلى أن الجماعة اتخذت قرارها بإعدم الشيخ الذهبى وأن شكرى مصطفى أثناء محاكمته أكد أن الشيخ الذهبى خرج عن الدين ووجب قتله بعد اختطافه وفعلا بعد القبض على قاتلى الذهبى وجدت جثة الشيخ ملقاة على السرير في إحدى الشقق الخاصة بالجماعة بعد إطلاق النار عليه في عينه اليسرى. وكان من أقوال القاتل إنهم سيرثون الأرض ومن عليها ولن يصيبهم أحد بسوء وإنهم سيحررون العالم الإسلامي ويقيمون الخلافة مرة ثانية".

البوطي شهيدًا

وفي سوريا وقبل 3 سنوات لقي العالم الكبير الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي المولود عام 1929 ، مصرعه بعد تفجير استهدف مسجدًا كان يلقي فيه درسًا دينيا، وأودي بحياة 50 من مرافقيه.

ويعد الشيخ رمضان البوطي، من المرجعيات الدينية الهامة على مستوى العالم الإسلامي، وحظي باحترام كبير من قبل العديد من كبار العلماء في العالم الإسلامي، واختارته جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم في دورتها الثامنة عام 2004 ليكون شخصية العالم الإسلامي، باعتباره شخصيةً جمعت تحقيقَ العلماء وشهرةَ الأعلام، وصاحبَ فكرٍ موسوعي، واختاره المركز الإسلامي الملكي للدراسات الاستراتيجية في الأردن في المركز 27 ضمن قائمة أكثر 500 شخصية إسلامية تأثيراً في العالم لعام 2012، ويُعتبر ممن يمثلون التوجه المحافظ على مذاهب أهل السنة الأربعة وعقيدة أهل السنة وفق منهج الأشاعرة.
وترك البوطي، ما يربوا على ستين كتاباً في علوم الشريعة، والآداب، والتصوف، والفلسفة، والاجتماع، ومشكلات الحضارة، كان لها أثرٌ كبيرٌ على مستوى العالم الإسلامي.

وبعد اشتعال الثورة السورية أصبحت مكانة البوطي في العالم الإسلامي مثاراً للجدل والخلاف بسبب موقفه الرافض للثورة السورية، ودعمه لنظام الرئيس بشار الأسد، انتهت باغتياله في 21 مارس 2013 بيد أن المعارضة السورية والنظام في آن واحد انتقدا اغتياله ليضيع دمه بين القبائل.

عائض القرني

ومؤخرًا تعرض الدكتور عائض بن عبد الله القرني الكاتب والشاعر والداعية السعودي، إلى محاولة اغتيال أثناء القائه محاضرة دينية في مدينة زامبوانغا جنوب الفلبين، حيث تعرض لاطلاق ناري ما تسبب بإصابته بطلقتين في بطنه.

القرني من مواليد قرية آل شريح بمحافظة بلقرن في 1 يناير 1959، وحصل على الشهادة الجامعية من كلية أصول الدين من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ثم حصل على الماجستير من جامعة الإمام في الحديث النبوي عام، ثم على الدكتوراه من جامعة الإمام عام بعنوان "المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم للقرطبي" دراسة وتحقيقا.

ودرَّس القرني في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الحديث النبوي مدة 7 سنوات، وشغل منصب الأمين العام لمؤسسة لا تحزن للإعلام والنشر، وتفرّغ للدعوة وزار كثيراً من الدول وحضر عشرات المؤتمرات وألّف أكثر من ثمانين كتاباً وأشهرها كتاب لا تحزن والذي بيع منه أكثر من مليون نسخة
ولقي القرني المضايقات في عمله الدعوي ومنها اعتقاله إثر سلسلة محاضرات ألقاها في أبها وسبت العلايا منددًا بالوجود العسكري الأجنبي بسبب غزو الكويت، وأطلقت السلطات سراحه فيما بعد، ولكنها قيدت نشاطه ومنعت نشر مقالات أسبوعية له في صحيفة المسلمون، وتم سجنه في أحد سجون أبها على إثر اتهامات عديدة، وتوقف نشاطه لنحو 10 سنوات وترك مسقط رأسه وسكن في الرياض، ثم عاد بعد ذلك للدعوة وكانت أول محاضرة له بعنوان أما بعد والسلسلة من روائع السيرة.

في عام 2005م ونتيجة لكثرة المضايقات والهجمات التي تعرض لها من المجتمع بسبب مشاركته في فيلم موجه للمجتمعات الغربية "نساء بلا ظل"، قال فيه إنه لا حرج على المرأة أن تعمل من دون أن تغطي كفيها ووجهها، المهم أن تكون محتشمة ومحجبة وأنه بجوز قيادة المرأة للسيارة ضمن حدود وضوابط لتقوم حملة شرسه ضده من معارضي هذه الأقول في البلد المحافظ السعودية وهو ما دفعه للاعلان عن اعتزاله العمل الدعوي والاعلامي.

وبعد إعلانه الاعتزال تلقى عدد من الاتصالات والرسائل التي تحاول أن تثنيه عن قرار الانقطاع، حيث التقى بأمير الرياض آنذاك سلمان بن عبد العزيز، وتلقى اتصالاً من سلمان العودة وسعد البريك، ومن مجموعة من خاصته، مما دعته إلى التفكير الجاد في العودة إلى الساحة الدعوية والإعلامية، وقد فعل بعد أقل من عام عن الانقطاع .

وفي يوم الثلاثاء 1 مارس 2016 تعرض القرني لمحاولة إغتيال وأصيب جراء محاولة اغتياله بإطلاق النيران تجاهه، نفذها مجهولون في الفلبين، وتم نقله لمستشفى في مانيلا لاستكمال الفحوصات الطبية، حيث كان يلقي محاضرة في مدينة زامبوانجا الفلبينية بحضور أكثر من 10آلاف شخص بدعوة من إحدى الجمعيات الخيرية، أطلق مجهول عليه النار أثناء ركوبه السيارة، وقام الجاني باطلاق ثلاث طلقات أصابته في يده وببطنه، وألقيت الاتهامات على فصائل شيعية.