رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نعترف بالهزيمة.. انتصر علينا الفساد الثورى


إنها الحقيقة.. لماذا لا نعترف بها؟؟ هناك 9 ملايين أسرة من أصحاب المعاشات يمثلون تقريبا 40% من الشعب المصرى.. بالإضافة إلى 18 مليون أسرة يعملون الآن فى المؤسسات العامة والخاصة.. كل هؤلاء هم أصحاب أموال التأمينات. لدينا 5 ملايين أسرة تتقاضى شهرياً 500 جنيه وأقل من ذلك...

... هؤلاء ترتكب ضدهم الآن جرائم ضد الإنسانية، كما يوصفها القانون الدولى، حيث يتعرضون لمجاعة مخططة ومقصودة.. فى ظل ارتفاع رهيب للتضخم وجنون الأسعار، حيث تنخفض يومياً القيمة الشرائية لمعاشاتهم.. إن هؤلاء الملايين هم الذين خرجوا فى كل الميادين كى يسقطوا حكم جماعة الإخوان.. وهم نفس الملايين التى خرجت كى تبنى الدولة الجديدة.. كل هؤلاء أصبحوا الآن فى حالة احتقان شديد «وزعل» أشد من الاستنكار نفسه!!.. إن العدالة الاجتماعية أصبحت مواد داخل الدستور.. ونسمع عنها فى تصريحات المسئولين.. لكنها أصبحت غائبة تماماً عن حياة الملايين من المصريين أصحاب المعاشات!!

هل يمكن لمسئول يوزع 500 جنيه على أسرة شهرياً يتعرض فيها واحد أو أكثر لمرض لو عدة أمراض.. والعلاج أصبح مستحيلاً؟! هل يمكن للأسرة أن تعيش بهذا المعاش ونحدثها عن العدالة الاجتماعية؟؟.. إننا نتعرض لحملة إبادة تستعمل فيها أسلحة الجوع والحصار والفقر الدائم.. إننا نتعرض لحاملة ممنهجة من أجل الخلاص منا.. لقد أثبتت الوقائع أننا أصبحنا خارج جدولالعدالة الاجتماعية حتى صراختنا لم يعد يسمعها أحد.. إننا نعلم الحقيقة.. أن أموالنا.. وهى تحويشة عمرنا.. طمعت فيها كل الحكومات.. وهم يعلمون تماماً أننا من كبار السن لا نستطيع المقاومة، حيث تمكنت منا أمراض جعلتنا لا نستطيع المقاومة كما كنا نقاوم من قبل.. إننا نعترف بالهزيمة.. رغم أننا لم نهزم قط فى تاريخنا كله.. لكن الهزيمة لحقت بنا من جراء «الفساد الثورى»!!.. كنا نعتقد أن الفساد سيتراجع وأموالنا ستعود.. ومن اعتدوا عليها سيحاكمون.. طبعاً كنا بنحلم.. بعد الحلم أصبحنا نعيش فى كابوس «الثورة»!!.. تقول الأرقام الرسمية إن هؤلاء أصحاب المعاشات الذين يتساقطون الآن من الجوع والفقر والمرض يملكون 620 مليار جنيه.. كما تعلن وزيرة التضامن ذلك بنفسها.. هل من يملكون هذه الأموال يعيشون الآن هذه الحياة، حيث لم تمر عليهممن قبل حتى فى أصعب أيام التاريخ.. لقد صمت الجميع.. وكأن هؤلاء الملايين سوف تجرفهم الأيام.. ثم المقابر وتصبح الخزانة العامة هى الرابح الوحيد!!.. إننا نعترف حقاً بالهزيمة.. إنها هزيمة العدالة نفسها، حيث تعلو الآن أصوات الرجال والنساء من شدة الجوع وآلام المرض.. إنهم ليسوا أطفالاً.. بل الكبار أنفسهم..!!

لقد رفضت وزيرة التضامن أن يكون لأصحاب المعاشات حد أدنى كما هو وارد فى المادة 27 من الدستور رغم أننا نملك من الأموال ما يجعلنا نعيش حياة كريمة.. لكن أين أموالنا؟؟ ترفض الوزيرة بشدة إعادة 80% من خمس علاوات اجتماعية نزعت من كل أصحاب المعاشات رغم صدور أحكام قضائية ونهائية لبعض أصحاب المعاشات.. تطلب الوزيرة أن يذهب 9 ملايين من أصحاب المعاشات إلى المحاكم!! كما ترفض بكل قوة أى حقوق مادية.. أى أنها اتخذت موقفاً فى مواجهة العدالة الاجتماعية نفسها.. استغلت وزيرة التضامن الأوضاع السياسية بالبلاد وما يتعرض له الوطن من أخطار وأخذت توجه لنا الضربات منفذة بذلك توجيهات منظمة العمل الدولية حيث تخضع الوزيرة لها.. كما تنفذ كل التعليمات التى تسببت فى رفع درجة الاحتقان الشديد داخل الملايين من أصحاب المعاشات.. لقد سمعنا عن ثورتين.. كل ثورة أطاحت بنظام لكن الفساد الثورى هو الذى انتصر فى النهاية وأصبح من اعتدوا على أموالنا يتحدثون باسم الثورة ويعاقبوننا بنزع حق المواطنة منا.. نعم إننا نعترف بالهزيمة أمام الفساد الثورى الذى أصبح يعلن فى كل مكان عن انتصاره.. وأصبحت العدالة الاجتماعية فى ذمة التاريخ بعد أن لحقت بأموالنا.. إننا ندفع الآن ثمن جريمة لم نرتكبها بل كنا الضحايا.. لقد تخلى عنا الجميع وتركونا بلا حماية.. إننا نعترف بالهزيمة.. لكننا لم ولن نوقع على شروط الاستسلام.. إننا سنقاوم إنه الطريق الوحيد لنا والأخير..