رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيدى الرئيس... ازرع أناساً!!


«إذا أردت عاماً من الرخاء والثراء، فازرع حبوباً.. وإذا أردت عشر سنوات من الرخاء، فازرع أشجاراً.. وإذا أردت مئات السنوات من الرخاء، فازرع أناساً».. هذه هى حكمة صينية. هذا هو فكر وثقافة الصين... هذا هو سبب نجاح الصين.. هكذا أصبح اقتصادها من أكثر اقتصادات العالم نمواً، وإحدى الدول الاقتصادية الكبرى وأكثرهم قدرة على المنافسة وعلى مواجهة الأزمات بل هى على حافة احتلال مركز الصدارة وأن تصبح «قوى عظمى». فهى أكبر دولة مصدرة فى العالم، وأصبحت تمتلك ترسانة نووية لأنها اعتمدت وتعتمد على الإنسان.. ثقافته، تعليمه، معتقداته، مبادئه، أفكاره «قوة التنين الناعمة». فى الصين... زرعوا أناساً مؤمنون بأنهم لابد أن يخرجوا باقتصادهم من الدائرة الضيقة... صناعة البضائع المقلدة وترويجها بأثمان زهيدة إلى الإبداع والصناعة حتى أصبحت الصناعات المختلفة هى العامود الفقرى للاقتصاد، فهم يؤمنون «إن التجارة شىء أكبر من البضائع والخدمات، فهى تبادل لأفكار، والأفكار بمقدورها أن تصل حيث لا تستطيع الجيوش أن تغامر». فنشروا الفكر الإنسانى والقيم الإنسانية والأخلاقية العظيمة والبناءة ولم ينشروا أفكاراً تكفيرية أو إرهابية!!! بل عملوا على نشر الثقافة من خلال المنتجات، الأكلات، المطاعم، الصناعات....

زرعوا أناساً يؤمنون بأن «الحجر الكريم بلا فائدة حتى تصقله، والإنسان بلا فائدة حتى يتعلم».. فاهتموا بالتعليم وبتعلم كل ما هو جديد واختيار نوع التعليم الأنسب لهم... زرعوا أناساً أقوياء يتحملون مسئولية أفعالهم، فهم لا يلقون اللوم على الآخر على أى خطأ ولا يتهربون من تحمل النتائج لأن ذلك لن يغير شيئاً.... زرعوا أناساً إيجابيين لا يعرفون السلبية فى حياتهم، فهم يؤمنون أن لكل إنسان عيوبه ومميزاته وعليه أن يتعرف على نفسه وأن ينافس نفسه وأن يعمل دائماً على مصالحة نفسه وتحول نقاط ضعفه إلى نقاط قوته فتحولوا من أشخاص سلبية إلى إيجابية.. فى الصين.. زرعوا أناساً مبدعين، مغامرين يؤمنون أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة فى الاتجاه السليم، تليها خطوة أخرى كل يوم تقربهم من أهدافهم، لا يغلقون عقولهم لكل ما هو جديد أو حديث بل يتعرفون على كل ما هو جديد فى جميع المجالات...

زرعوا أناساً يؤمنون بأن «حوار واحد مع عقل خبير متخصص وفكر حكيم خير من دراسة عشر سنوات».. لا يتبعون «ثقافة الفهلوة».. «ثقافة الكروتة»... «ثقافة أبو العريف» الذى يفهم فى كل شىء وفى أى شىء. زرعوا أناساً يقطنون نفس الأرض ويحافظون عليها أكثر من عشرة آلاف سنة ويزرعونها بنفس التقاليد الزراعية التى ورثوها من الأجداد فلم يجرفوها، ولم يبنوا منازل أو ملاعب مخالفة على الرقعة الزراعية!! سيدى الرئيس... لننجح فى حربنا ضد الإرهاب، الفساد، الفهلوة، الكروتة تلك الثقافات والأمراض المنتشرة فى مصر و«تسوس» معظم أركان وأسس الدولة... عليك أن تهتم بزراعة أناس يمتلكون الأخلاق، الموهبة، الكاريزما، الفكر، الثقافة، الطموح حتى نعيش مئات السنوات من الرخاء... اللهم... ارزقنا بزراعة أناس إيجابيين يحلمون، فيبدعون، فينجحون وتنجح معهم مصر.. آمين. موعدنا الأحد المقبل إن شاء الله.