دبلوماسى إسرائيلى: نتنياهو عالق فى غزة وفشل بحربه ضد حماس
قال ألون بنكاس، الدبلوماسي الإسرائيلي الذي شغل منصب القنصل العام لإسرائيل في نيويورك من عام 2000 إلى عام 2004، إن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، عالق الآن، فهو غير قادر على اتخاذ قرار التراجع عن الحرب في غزة أو تحقيق أي نصر يذكر على حركة حماس، حيث أصيب بالشلل بسبب مطالب الجمهور الإسرائيلي والولايات المتحدة، ويكافح نتنياهو من أجل تقديم حلول أو رؤية للمستقبل.
مستقبل نتنياهو على المحك.. حماس تضعه فى ورطة كبرى
وتابع "بنكاس"، في مقالة له بصحيفة "الجارديان" البريطانية، أنه كان ينبغي على نتنياهو أن يستقيل بعد ساعة، ثم يوم، ثم أسبوع وشهر بعد كارثة 7 أكتوبر، اليوم الأكثر فظاعة في تاريخ إسرائيل، ولم يفعل، لأنه لا يرغب في الرحيل بهذه الطريقة، فهو يرى أن المساءلة والنزاهة مفاهيم غريبة مخصصة للضعفاء وليس له، حيث يرى نفسه كشخصية تاريخية، والمسئولية تحته، فهو ليس متحديًا فحسب، بل إنه مرعوب من احتمال استمرار محاكمته بتهمة الفساد والرشوة إذا استقال، كما أصيب بالشلل بسبب تصور مفاده أنه لن يكون هو والدولة كيانًا واحدًا بعد الآن.
وأضاف أنه منذ صباح يوم 7 أكتوبر وجد نتنياهو نفسه في موقف دفاعي؛ يحاول إنقاذ نفسه من خلال تحويل المسئولية إلى الجيش والشاباك (جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي)، وإلقاء اللوم على المعلومات الاستخباراتية الخاطئة، وابتكار رواية موازية يدّعي فيها أن إسرائيل تواجه حرب الاستقلال التكوينية الثانية لمحاولة إنقاذ الحضارة الغربية من الفاشية الإسلامية، مشيرا إلى أن نتنياهو، الذي يشبه نفسه بوينستون تشرشل، لا يرقى إلى مستوى المثال الذي وضعه نيفيل تشامبرلين، الذي استقال في عام 1940 بعد الغزو الألماني للنرويج.
تداعيات حرب غزة على مستقبل نتنياهو
وأشار "بنكاس" إلى أن مسار الحرب يفرض مجموعتين من الضغوط على نتنياهو: إحداهما داخلية والأخرى أمريكية، حيث يعاني نتنياهو من نقص كبير في المصداقية في الولايات المتحدة. يعود هذا إلى سنوات عديدة ويمتد على مدى عدة رؤساء، ولكن مع جو بايدن تفاقم الأمر خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2023، عندما أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي انقلابًا دستوريًا متنكرًا بشكل رقيق تحت غطاء "الإصلاح القضائي"، وقد رفض بايدن علنا التحول الاستبدادي لنتنياهو وامتنع بشكل ملحوظ عن دعوته لزيارة واشنطن خلال تلك الفترة.
وأوضح أنه عشية السابع من أكتوبر كانت الولايات المتحدة تسير على مسار واضح نحو فك الارتباط مع الشرق الأوسط. وكانت الأسباب عديدة: تحقيقها الاستقلال في مجال الطاقة، والإرهاق وخيبة الأمل إزاء الحروب المكلفة في أفغانستان والعراق، فضلًا عن التحول الاستراتيجي نحو منطقة المحيط الهادئ الهندية، والاعتراف بأن التحدي الرئيسي هو الذي تفرضه الصين الآن، لكن هذه الاستراتيجية تحطمت بحلول السابع من أكتوبر، مع تزايد احتمالات "التصعيد الأفقي"، وهو احتمال أن تؤدي الحرب إلى صراع بين إسرائيل وحزب الله، وكانت واشنطن تشعر بالقلق من أن هذا قد يجر الولايات المتحدة إلى تدخل عسكري نشط ضد إيران، ولهذا السبب مارست الولايات المتحدة ضغوطًا على إسرائيل لتقليص عملياتها العسكرية في غزة ومواصلة سلسلة الهدنة.
وأكد "بنكاس" أن في الوقت نفسه، وقبل عام كامل على الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر 2024، بدأ بايدن في دفع ثمن سياسي محلي لدعمه الثابت لإسرائيل، وينظر كثيرون في الولايات المتحدة إلى دعمه خلال قصف غزة على أنه غير متوازن.
وتابع أن بايدن وجد نفسه أيضا مجبرا على توجيه سؤال بشأن اليوم التالي للحرب، حيث طالبت الإدارة الأمريكية إسرائيل بضرورة الكشف عن رؤيتها لغزة ما بعد الحرب والفراغ السياسي الذي قد ينشأ إذا تم القضاء على حماس. من سيحكم؟ هل تنوي إسرائيل البقاء؟ إلى متى؟ فهل ستتولى مسئوليات الحكم؟ وقد تهرب نتنياهو حتى الآن من هذه القضية، مستخدمًا عبارات جوفاء مثل: "لن تكون هناك حماس".
وأوضح "بنكاس" أنه وفيما يتعلق بالموضوع، فإن إحجام نتنياهو عن معالجة هذه القضية يزيد من احتمال التصعيد في نهاية المطاف ويعكس جهله ولا مبالاته، كما أن مصداقية نتنياهو في أدنى مستوياتها داخل إسرائيل، وسوف يتحول مئات الآلاف الذين تظاهروا ضد انقلابه الدستوري طوال عام 2023 إلى حركة جماهيرية تطالب باستقالته أو إجراء انتخابات فورية، ومن المرجح أن يطور سردًا يجرده من المسئولية عن الهجوم بسبب الافتقار إلى التحذير، ولكن هذا قد لا يكون كافيًا لوقف هذا المد.
وتابع أنه في نهاية المطاف يتعين أن يعلم الجميع أنه بالرغم من الخسائر البشرية والمادية الهائلة في قطاع غزة، فإن مشهد تسليم حماس للمحتجزين في شمال غزة تأكيد على أنها المنتصر والفائز الوحيد في هذه المعركة، وإسرائيل بالرغم من قوتها العسكرية الهائلة لم تحقق أي انتصار.