رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ليبيا فى «برلين».. كمان مرة!

مؤتمر «برلين ٢» بشأن ليبيا، ينعقد غدًا الأربعاء، على مستوى وزراء خارجية الأطراف المدعوة. وأبرز أهدافه إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، والتحضير للانتخابات المقرر إجراؤها فى ٢٤ ديسمبر المقبل، وقد تمتد المناقشات إلى توحيد المؤسسات العسكرية، بحسب بيان أصدرته الخارجية الألمانية. ونتمنى أن ينجح المؤتمر فى تحقيق تلك الأهداف، أو أحدها، وأن يتمكن من إيجاد حلول توافقية تعالج الانسداد السياسى الراهن، وألا يكون الهدف منه هو إعادة تقسيم حصص القوى الخارجية المتداخلة فى الشأن الليبى!

الجهود المصرية مستمرة لمساندة الأشقاء فى تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية، ودعم المجلس الرئاسى الليبى وحكومة الوحدة الوطنية فى مساعيهما لمكافحة الإرهاب وتفكيك الميليشيات والتخلص من التدخلات الخارجية، وتوحيد المؤسسات العسكرية، ودعم العملية السياسية، وصولًا إلى إجراء الانتخابات، فى موعدها المقرر، باعتبارها السبيل الوحيد لإقامة الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، التى يتطلع إليها الشعب الليبى. ولدى استقباله نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية الليبية، أمس الأول الأحد، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى دعم مصر الكامل لليبيا فى مسارها السياسى، على اعتبار أن أمنها القومى يمثل امتدادًا للأمن القومى المصرى.

على هامش الاجتماع الوزارى العربى، الثلاثاء الماضى، بالعاصمة القطرية، اجتمع سامح شكرى، وزير الخارجية، مع نظيرته الليبية وناقشا التطورات على الساحة الليبية. وفى مباحثات استضافتها القاهرة، السبت الماضى، أكد الوزيران ضرورة وضع قضية إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة ووقف التدخلات الخارجية على رأس أولويات مؤتمر «برلين ٢». وبلسان وزير خارجيتها، أعلنت مصر عن دعهما لـ«مبادرة استقرار ليبيا»، التى عرضتها «المنقوش» على وزراء الخارجية العرب، فى الدوحة، وتهدف، أيضًا، إلى إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة. 

مسار التسوية فى ليبيا، كما حذّرت وزيرة الخارجية الليبية، فى الدوحة، يواجه تحديات كبيرة. وفى القاهرة، أشارت «المنقوش» إلى أن «العملية السياسية تتطور ببطء»، وأوضحت أن حكومة الوحدة تواجه «تحديات أمنية واقتصادية، وكذلك تركة الانقسام لسنوات»، لكنها تحدثت عن «بوادر أمل» يمثلها اجتماع برلين»، وأثنت على «المساندة المصرية فى تفعيل ودعم جهود تسوية الأزمة الليبية فى مختلف المسارات السياسية والعسكرية والاقتصادية، فى ضوء الروابط التاريخية بين البلدين الشقيقين، ومن ثم الدراية التامة بالواقع الليبى».

فى مؤتمر «برلين ١»، الذى انعقد فى يناير ٢٠٢٠ أكد قادة أبرز الدول المعنية بالنزاع فى ليبيا، التزامهم باحترام حظر إرسال الأسلحة إلى هذا البلد، وعدم التدخل فى شئونه الداخلية. لكن ما حدث، هو العكس تمامًا، إذ استمرت تركيا فى إرسال الأسلحة، والمرتزقة السوريين. وفى تصريحات تليفزيونية، مساء الجمعة، نفى اللواء خالد المحجوب، مسئول التوجيه المعنوى بالجيش الوطنى الليبى، واللواء خيرى التميمى، عضو وفد الجيش إلى لجنة «٥+٥» حدوث أى تطور إيجابى فى هذا الشأن، بسبب «مصالح الدول المتورطة فى الملف الليبى».

حظر إرسال الأسلحة إلى ليبيا، نص عليه قرار أصدره مجلس الأمن فى ٢٠١١، كما نص اتفاق وقف إطلاق النار، الذى تم توقيعه فى أكتوبر الماضى، برعاية أممية، على إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من الأراضى الليبية، خلال ٩٠ يومًا. ما يعنى أن القرار الأول كان كعدمه أو «زى قلّته»، وأن ما جاء فى الاتفاق، كان مجرد حبر على ورق. وكذا، كان قرار مجلس الأمن، الذى صدر فى وقت لاحق، ودعا كل الأطراف المعنية إلى سحب قواتها ومرتزقتها. وبات فى حكم المؤكد أن تلك الأطراف، أو تركيًا تحديدًا، لن تفعل ذلك، إلا بالإكراه، أو بحصولها على ضمانات تحفظ مصالحها، التى تتعارض مع مصالح الشعب الليبى.

بعد «برلين ٢»، سيكون الملف الليبى حاضرًا، على جدول أعمال قمة القادة الأوروبيين، المقرر انعقادها، يومى الخميس والجمعة، فى بروكسل. كما كان الملف نفسه حاضرًا، أيضًا، فى اجتماع الرئيس الفرنسى مع نظيره الأمريكى، على هامش قمة مجموعة السبع، وفى اجتماع الإثنين، الفرنسى والأمريكى، مع نظيرهما التركى، على هامش قمة حلف الناتو. والجمعة الماضى، نشرت مجلة «بوليتيكو» الأمريكية، تفاصيل خطة فرنسية، تهدف إلى «زيادة الاستقرار فى بلد يقع على الحدود الجنوبية للاتحاد الأوروبى»، تضمنت جدولًا زمنيًا يمتد ستة أشهر، لخروج القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضى الليبية، على ثلاث مراحل.

.. وتبقى الإشارة إلى أن حالة من الغضب الشديد سادت فى الأوساط السياسية والشعبية الليبية عقب إعلان رجب طيب أردوغان عن استعداد بلاده للتعاون مع أذربيجان فى مجال الصناعات البتروكيماوية فى ليبيا، وهناك تكتلات سياسية ليبية تعتزم مخاطبة الأمم المتحدة لوضع حد للتجاوزات التركية، ولإدانة «تصريحات الرئيس التركى الوقحة، التى تنال من السيادة الليبية»، كما أعلنت تلك التكتلات عن أنها ستخاطب، أيضًا، مجلس النواب الليبى للتحرك فى نفس الاتجاه.