رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أن نثق بما نراه.. كيف غيرت الفوتوغرافيا صورتنا عن أنفسنا (أنا وأمي)

العديد من الفوتوغرافيين لجأوا لتصوير  والديهم - وخاصة أمهاتهم - كموضوعات ، علي سبيل التوثيق أو مجرد الإمتنان لكن بتأطير عدساتهم للأمومة أثبتوا جميعا أنه مهما اختلفت طبائعهم وخلفياتهم وعلاقتهم ثمة رابط خفي يتشاركونه جميعا .                     

صوري تلخص محاولاتي الجاهدة لوقف الوقت to stop time” هكذا لخص المصور الراحل لاري سلطان ، الذي توفي في عام 2009سلسلة صوره عن والديه التي شكلت عمله في التسعينات  ،ما بدأ كرغبة الابن في تكوين صورة بسيطة لوالديه سبر أغوار مناطق أعمق، كأسرة مهاجرة وفي أوج حقبة ريغان ، عندما روج لمؤسسة الأسرة كصورة قوية وأداة سياسية كان لاري يسعي لهدم أسطورة العائلة في الحلم الأمريكي ، والصورة المقولبة للنجاح ،وإعادة تصور المثل الأعلى للعائلة الأمريكية.                كان لاري مهتمًا بتصوير اللغز الكامن في جمال  الحياة اليومية ، والذي وجده لا يكشف عن نفسه  ولا يظهر إلا في أماكن غير متوقعة .

يقول "... جادلت والدي بأن مفاهيمنا المتضاربة حول كيف تبدو أمي وكيف ينبغي تمثيلها تستند إلى علاقاتنا المختلفة معها، هي أمي لكنها زوجته، أشرت إلى أنه في كل صورة تقريبًا يلتقطهالها  ، تظهر وكأنها عارضة أزياء  ، أنا لا أراها بهذه الطريقة ، أنا لا أجملها بصوري ولهذا السبب يدعي أن صوري تقتل حيويتها في الواقع إني أقاوم صورتههو عن حيويتها ".

 

 

أمي في الباب لاري سلطان ، صور من المنزل (1992)

 

حظي مشروع "صور من المنزل" بتفسيرات عدة ، ومهما اختلفت التأويلات والاسقاطات السياسية والإجتماعية ربما يبقي جوهر المشروع هو مقولة لاري " أرغب أن أوقف الوقت ، أريد أن يعيش والداي إلى الأبد ".

هذه الرغبة التي يشعر بها طفل تجاة والديه ،وهي رغبة أكثر شمولية من الحلم الأمريكي الوهمي والفكرة الاستهلاكية للنجاح التي غالبًا ما يقترن بها. هي صور عن الألم العميق من الفراق ، النهم لتخليد التفاصيل وبعث الحياة في الفاني .

افتتح Niko Giovanni Coniglio مشروعه (دانيللا ، صور شخصية لأمي) الحائز علي العديد من الجوائز العالمية قائلا "بدأت في تصوير والدتي لأتعلم كيفية استخدام الكاميرا ، واصلت القيام بذلك من أجل قضاء بعض الوقت معها. ما زلت أصورها لأشهد وأروي قصتنا. التصوير الفوتوغرافي يبني  علاقتنا فيساعدني على التعرف عليها"

 

 

Daniela, Portrait of My Mothe- Niko Giovanni Coniglio
Daniela, Portrait of My Mothe- Niko Giovanni Coniglio


 

يمثل جيوفاني في هذا العمل برمزية عالية مواقف وأحداث مرت في حياة أمه وكانت سببا مباشرا في التأثير علي حياته في اللاوعي ، تكمن الصعوبة في عمله أنه يجسد القصص و المواقف الحقيقية التي قد تشوشها الذاكرة سهوا أو عمدا ،وهو ما يستدعي رمزية عالية  "بالطبع ظهرت في روحي بعض التشققات المؤلمة وعشت بعيدًةعن الواقع لا أدري لمتي". هذه إحدى الجمل التي كتبتها والدته في مذكراتها ، والتي تقدم نقطة مرجعية مهمة لمشروعه.

 

 

Daniela, Portrait of My Mothe- Niko Giovanni Coniglio

 

من خلال التصوير الفوتوغرافي ، استطاعت رانيا مطر أن ترى أن نشأتها كإمرأة مشابهة جدًا لتجربة بناتها ، على الرغم من الاختلافات بين الأجيال والثقافات، هي  نشأت في لبنان إبان حرب أهلية و تربي أطفالها في الولايات المتحدة. تقول"الناس بشر، وتمر النساء بمراحل مماثلة في الحياة".

تعتمد صور رانيا  على كشف  أوجه التشابه بدلاً من الاختلافات ، وتسلط الضوء على كيفية تطور ذاتية الأنثي عبر الخطوط الثقافية  المتوازية.كتبت جوي كيم - القيّمة على معرضرانيا مطر"سواء كنت ترتدي الحجاب في مخيم للاجئين الفلسطينيين أو البكيني في بوسطن ، النساء اللواتي تصورهن يتشاركن سمات مشتركة  بغض النظر عن الخلفية"

توفيت والدة مطر عندما كانت في الثالثة من عمرها ، لذلك فإن بناتها هن مدخلها إلى علاقة الأم بابنتها. تستكشف في صورها المستقبل الذي حُرمت منه ، هي مفتونة برؤية كيف تطورت العلاقات بمرور الوقت ، وكيف أصبحت الأمهات والبنات صديقات في النهاية. سلسلة مطر "محادثات غير منطوقة" ،  تجمع الأمهات والبنات عبر الثقافات والمراحل المختلفة في الحياة.                   نشأت فكرة المشروع عندما كانت تصور مشروعين فوتوغرافيين مستقلين بعنوان الفتاةوغرفتها "A Girl and Her Room" ، والنساء البالغات في "Women Coming of Age" ،  اكتشفت رانيا أنها تلقائيا تدمج الأم والإبنة في الصور وهو ما حول تركيزها من الفرد إلي الجماعة 

 

Rania Matar - Unspoken Conversations

 

في مشروعها "محادثات غير منطوقة" سجلت النظرات المسروقة وإشارات اليد والتحولات الغير ملحوظة في لغة الجسد  من حيث التقارب أو البعد.أصبح الإحراج المشترك من فكرة التصوير والاعترافات التي تكشف عمق العلاقةمحور الصور.              وعن طريق الجمع بين النظرات والايماءات التي تكشف عواطف الفرد في صورة واحدة ، تتضح في نفس الوقت نقاط التميز  الشخصية وأوجه التشابه العالمية للعلاقة المعقدة بين الأم والابنة.العمل عبارة عن حوار تعاوني يستكشف مدى تشابك مفهوم الأنثي والأم  ، الترابط والتوتر وقبول الشكوك والمحادثات المنطوقة وغير المنطوقةالتي تشكل جميعها جزءًا من النمو.

 

Rania Matar - Unspoken Conversations

 

Rania Matar - Unspoken Conversations

 

بدأمارك فيتون تصوير والدته لسنوات ،عبر هذا المشروع تمكن من صنع وسيلة للتواصل معًا بطرق بديلة واكتشاف لغة مشتركة بينهما والانخراط خارج التسلسل الهرمي لوحدة الأسرة وهدم الصورة المألوفة لعلاقة الأم والابن 

يقول " لقد غيرت هذه التجارب تصوراتي عن والدتي ، من رؤيتها كشخصية أبوية إلى امرأة لديها رغبات حقيقية وعلاقات حميمة ،سمح لي العمل مع والدتي باستكشاف جانبيالأنوثتي بحرية ، والذي شعرت دائمًا أنهمكبوت لحد ما أثناء نشأتي.       لقد تبادلنا الأدوار عندما نتصور بعضنا البعض من خلال تمثيلات بصرية جديدة ".

بملاحظة علاقة الحب والحميمية بين أبويه ، تطور مشروعه مما دفعه لبحث العلاقة بين الرجل والمرأة ، والأدوار المختلفة لهما داخل الأسرة باعتبارهما محبين وأبوين ، بواسطة السيناريوهات المعدة ، انصب تركيزه على هدم الصورة النمطية من خلال تقديم نفسهكمراقب في لحظات خاصة بين أبويه ، عبر تكرار الصور صارت كل صورة  وسيلة لاستكشاف بعضهما البعض مرة أخرى وتعميق علاقتهما ليس فقط معًا ، ولكن كأسرة

" بدأت في النظر إلى علاقة والدتي بوالدي كنموذج لعلاقتي مع الرجال.. من خلال هذا المشروع ، أتيحت لي الفرصة لتفسير علاقة والديّ وتقديم فهمي الخاص لما يعنيه أن يكون لديّ شريك".

 

 

 

Mark Fitton

 

Mark Fitton

 

Mark Fitton

يعتبر تيرني جيرون الصور هي تعبير عن الرعاية والاهتمام بأفراد الأسرة وإبراز الحميمة بينهم "عندما تعتني بأسرتك جيدًا ، فهذه أكبر هدية ودرس في الحياة يمكنك أن تقدمه لنفسك ولأطفالك. إنه يعلمهم أن يعتنوا بأنفسهم بشكل أفضل ويخلق نظام دعم قويً وقوة في الحياة ". 

Tierney Gearon

 

الكاميرا بالتأكيد وسيلة اتصال بين البشر وطريقة لحفظ اللحظات الأسرة ،لكنها يمكن أيضاأن تكون جسر لعبور الأرواح ، وذريعة لقضاء وقت مع شخص ما  تحبه حقا - في هذه الحالة ، هذا الشخص هو الأم.