رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"العبور الأخير".. من ينقذ أهالي "إكياد" بالشرقية من الموت؟

جريدة الدستور


أراضي زراعية على جانبي طريق، تلاحمت معه قرى، يفصلهما خط سكة حديد، لا يوجد مزلقان، لا حواجز، لا إشارات تُنبه المواطنين قبيل قدوم القطار، فقط الجميع يتفاجأ بظهوره، الأهالي هنا يصبحون ويمسون على فجيعة ارتطام القطار بأحدهم، بات هذا المشهد المأسوي يتكرر يوميًا في قرى ونجوع محافظات مصر.

هنا "إكياد" بمحافظة الشرقية والتي تفتقر لوجود مزلقانات للقطار، أو بوابات أو أي من وسائل حماية المواطنين، التي تُنذر بقدوم قطار، لا سيما عند مداخل هذه القرى والمناطق المزدحمة بالعمران، وذلك بحسب وقائع وشكاوى خاصة وموثقة تستعرضها "الدستور" في السطور التالية لهذا التقرير.

استيقظ باكرًا أحمد السيد، أربعيني، أعمال حرة، تناول فطوره، وهَمَّ للذهاب إلى أكل عيشه، استقل سيارته الملاكي، واتجه بها نحو الطريق السريع، وقبيل وصوله إلى هذا الطريق، إذا به يصطدم بالقطار، ليلقى حتفه في ذات اللحظة.

أحمد هو أحد أبناء قرية إكياد بمركز فاقوس التابع لمحافظة الشرقية، وهو ليس الضحية الوحيدة لهذه القرى التي لم يتم عمل مزلقانات وحواجز بها خاصًة عند النقاط الأكثر حيوية بالأهالي.

"القطر أخذ العربية لمسافة 700 متر"، يقولها السيد محمد السيد، شقيق الضحية، لـ"الدستور"، موضحًا: "أنه لا يوجد مزلقان عند مدخل قرية إكياد، ولا حتى أي إشارات تبين أن هناك قطر على وشك المرور، وبالتالي نتفاجأ بقدوم القطر، وهذا ما حدث مع أخويا "أحمد"، فهو لم ير القطار قط، وللأسف اصطدم به، والقطر دفع العربية لمسافة طويلة تصل لـ700 متر".
يوضح محمد هاشم، موظف، أحد أبناء الشرقية، أسباب كثرة حوادث القطارات عند بلدة أكياد، قائلًا: "أمر طبيعي أن يكون عند مدخل أي قرية أو بلدة مزلقان يتم غلقه قبيل قدوم القطار؛ لمنع أي شخص من المرور سوًاء كان "توك توك" أو سيارات ملاكي، ولكن مع الأسف لا يوجد أي حواجز عند هذه القرية، ويوميًا نسمع عن حوادث ضحيتها أصحابنا وجيراننا".
" لم تكن قرية أكياد هي القرية الوحيدة التي تعاني من هذه المشكلة، ولكن الأزمة موجودة في معظم مراكز الشرقية وقُراها إن لم تكن جميعها، وسبق وقام الحي بغلق مدخل قرية أكياد بوضع تراب على الطريق، ولكن ازداد الأمر سوءًا، ونريد حل لإنقاذ أرواحنا هنا"، بحسب حديث هاشم مع "الدستور".
يقول إبراهيم صابر، أحد أهالي القرية، "أن عدم وجود مزلقان تسبب في حوادث كثيرة راح ضحيتها أطفالنا ونساءنا"، مستطردًا أنه من المقرر إنشاء خمسة مزلقانات بمركز فاقوس، تم إنشاء أربعة منهم ولكن لا تزال "إكياد" بلا مزلقان شرعي، كما أننا تقدمنا بعدد من الشكاوى لمجلس المدينة؛ لإيجاد حل يحد من هذه الحوادث، ويحفظ أرواحنا، ".
وذكر الرجل، أن قبل سنتين كانت هناك حادثة مروعة، راح ضحيتها أسرة كاملة من خمسة أفراد، مطالبًا بضرورة إنشاء مزلقان للقطار عند مدخل "إكياد"؛ إذ أنها قرية رئيسية ليست بصغيرة فتضم حوالي 30 ألف نسمة، بالإضافة إلى مدرسة رئيسية للتعليم الأساسي، ومقابر البلدة، متسائلًا أنه إذا كانت هذا مزلقان أو ممر عشوائي، إذًا أين هو المزلقان الأساسي لإكياد؟.
"أقرب مزلقان شرعي لنا على بعد حوالي 5 كيلو من إكياد"، يقولها سيد فتحي، من أبناء إكياد، إذ تنتشر المعابر العشوائية بطول شريط القطر في المركز ؛ لأنه لا يوجد أنفاق أو مزلقانات كفاية، سوى على بعد مسافات طويلة تصل إلى كيلوات؛ لذا يلجأ الأهالي لعمل ممرات عشوائية عند مداخل بلادهم وأراضيهم الزراعية، ولكن مع الأسف تزداد الحوادث.
"الحل هو عمل مزلقانات أو أنفاق مع وضع علامات تحذيرية، خصًة عند مداخل القرى والبلاد؛ حتى لا يلجأ الأهالي بعمل طرق عشوائية عند خط السكة الحديد"، بحسب "فتحي".

وفي هذا الصدد يوضح محمد عز، المتحدث الرسمي باسم وزارة النقل، أن مقترح زيادة عدد مزلقانات خط السكة الحديد هو أمر خطير؛ مرجعًا أسبابه أن فكرة إنشاء مزلقانات جديدة هي فكرة غير سليمة هندسيًا وستؤثر على خط سير القطار.

وتابع "عز" في حديثه مع "الدستور"، أنه بالفعل هناك مزلقانات مقامة على جميع خطوط السكك الحديدية وفقًا لمعايير هندسية ومسافات بينية متسقة مع مداخل المراكز والقرى.

كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في نشرته خلال عام 2018، أن عدد حوادث القطارات خلال الـ14 سنة الأخيرة تقدر بـ 16.174 ألف حادث، ووفقًا للتقرير سجل عام 2017 أكبر عدد لحوادث القطارات بـ 1657 حادثا، وفى المقابل 447 حادثًا لعام 2012