رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مجدى العجاتى.. اطلع بره


حوار الأخ مجدى العجاتى وزير الشئون القانونية فى إحدى الصحف فى منتهى الخطورة، وفحوى الحوار هو أن العجاتى يوافق بل يسعى من خلال قوانين العدالة الانتقالية إلى الصلح مع الإخوان تلك الجماعة الإرهابية التى لا تزال تمارس بغيها...


... ويبدو أن العجاتى يدخل إلى مفهوم الصلح بسياسة الخطوة خطوة، فهو يقول إنه لا مانع من الصلح مع من لم تتلوث يده بالدماء، والسؤال الذى يطرح نفسه: لسان من الذى يتحدث به العجاتي؟ وهل هناك مؤسسات فى الدولة توافق على هذا الصلح المزعوم؟! وإذا كان ذلك كذلك فما تلك المؤسسات؟ وهل هى نفسها ذات المؤسسات التى رشحتك لتكون وزيراً؟!.

فكرة الصلح يا أخ مجدى ويا أيتها المؤسسات التى دفعتك للكلام والطنطنة مرفوضة شكلاً وموضوعاً، وإطلاقك الكلام بشأنها يدل على أنك لا تعلم شيئا عن شىء، ولا تعرف من القانون إلا اسمه، ولا تعلم من العدالة إلا حروفها، نعم قد تكون عاطفتك هى التى أطلقت لسانك، ولكننا فى مصر يا أخ مجدي، مصر التى لا تعرفها، وفى مصر التى لا تعرفها ولم تحط خبراً بها لا مكان فيها للعاطفة بخصوص الإخوان وأشباههم وأتباعهم، تقول فى شأن قانون العدالة الانتقالية إنه يمكن أن يتم التصالح مع من لم تتلوث يده بالدماء من الإخوان، يا سلااام! ما هذه الفصاحة؟ ومن أين أتيت بهذه البلاغة؟! إذن وما رأيك يا أخ مجدى فيمن تلوثت قلوبهم بالدماء، ماذا تقول فى الإخوان الذين يعملون فى أجهزة الدولة ومؤسساتها ويقومون بتخريبها؟ ماذا تقول فى الذى ينتظر فرصة لكى تتلوث يده بالدماء؟ ماذا تقول فى الذى يبث روح الكراهية فى نفوس الناس الغافلين انتهازاً لزيادة أعباء المعيشة التى هى أصلاً ناتجة من عمليات الجماعة الإرهابية؟ ثم هل تعلم يا أخ مجدى أن فكرة الصلح مع الأفراد لا مجال لها فى القوانين لأن القانون قاعدة عامة مجردة، يعنى لا يجوز أن يصدر قانون من البرلمان يقول نصه: قرر البرلمان إصدار القانون الآتي: «يتم التصالح مع عصام العريان لأنه ثبت أن يده لم تتلوث بالدماء» أو أن يصدر قانون يقول : «يتم التصالح مع عصام سلطان لأنه ثبت أن لسانه فقط دون قلبه هو الذى تلوث بالدماء» يا أخ مجدى مرة أخرى أقول لك إن القانون قاعدة عامة مجردة، أم تراك لم تدرس هذه القاعدة فى كلية الحقوق يارئيس مجلس الدولة السابق؟! أم أن الدكتور الذى كان يدرس لك المدخل لدراسة القانون قد شطب هذا الدرس من المقرر وقتها ! ومن وقتها وأنت أمام محاكم مجلس الدولة تقع فى حيص بيص عندما يواجهك قانون خرج عن نطاق هذه القاعدة.

الصلح المقصود الذى تريد التسلل من خلاله ووضعه فى قوانين العدالة الانتقالية يا أخ مجدى هو مع جماااااعة ، جمااااااعة يا رجل، جماعة يا أخ، جماعة يا مولانا! ليست جماعة فقط ولكنها جماعة إرهابية، ليست إرهابية فقط، ولكنها جماعة إرهابية دموية استغلت المال فى شراء الذمم الخربة، أى أنها جماعة فاسدة، ليست فاسدة فقط ولكنها قتلت وسفكت الدماء ودمرت وحاربت ولا تزال تحارب، هل تعلم من تحارب تلك الجماعة يا ساكن البرج العاجي؟ قتلت المصريين، وحاربت وتحاول أن تدمر مصر، مصر يا سيادة الوزير الذى يجهل أبسط ما يعرفه أهل مصر، مصر التى ثارت على حكم تلك الجماعة وكانت تهتف يسقط يسقط حكم المرشد، ولكن يبدو أن مصر التى فى خاطرى ليست هى مصر التى فى خاطرك! مصر يا أخ مجدى العجاتى التى لا تقبل الصلح ولا تقبل من يُبشر بالصلح، ولا تقبل من سيضع الصلح فى قوانين، هل تقبل أن تكون يا أخ مجدى عدواً للشعب المصري؟ كن كما شئت، كن عدو كسلفك طارق البشرى الذى وضع تعديلات الدستور فى مارس 2011 فكان نكبة على البلاد، وأظن أنه أصبح نكبة بعد أن أصدرت سيادتك حكماً قضائياً بشرعية إجراء هذا التعديل الهزلى المخالف لأبسط مبادئ والذى أطلق عليه أصحابك «غزوة الصناديق» وكنت أنت ثانى شخص يرمى سهمه فى هذه الغزوة فأصابت سهامكم قلب مصر.

لا تصالح مع الإخوان أيها الرجل الغريب، لا تراجع ولا استسلام، أصدقك القول يا أخ أو ــ يا فخ ــ كنا ننتظر منك أن تبشر بمشروع قانون لتطهير مؤسسات الدولة من الإخوان وأشباههم، ولكنك لم تفعل ولن تفعل وأتحداك إن فعلت، ومع ذلك قد نقبل منك أن تكون صديقاً حميماً لعصام سلطان فكثير منا كان من أصدقائه، وقد نقبل ونفهم أن تكون صديقاً لعصام العريان فبعض كبار الإعلاميين كانوا يسعون عنده لا غضاضة فى ذلك، وقد نعرف أنك كنت من المقربين لسليم العوا، فبعض الناس كانت تسعى إليه فى زمن من الأزمنة، وقد نفهم قطعاً علاقتك كتلميذ من تلاميذ المستشار طارق البشري، فكثير من رجال مجلس الدولة كانوا من تلاميذه، وقد نفهم الدواعى التى جعلتك فى زمن مبارك تصدر العديد من الأحكام القضائية لمصلحة الإخوان، وقد نفهم أيضا مبرراتك القانونية التى جعلتك تصدر حكماً بالسماح للجماعة الإسلامية بتأسيس حزبها الإرهابى المسمى «البناء والتنمية» بعد جلسة حضرها أساطين الإرهاب مثل عاصم عبد الماجد وصفوت عبد الغنى، وقتها وبعد أن ترافع سليم العوا وعصام سلطان أصدرت أنت حكمك فهتف الإرهابيون فى القاعة «الله أكبر الله أكبر» لا أعاد الله هذه الذكريات للأذهان مرة أخرى.

نعم يا أخ مجدى قد تكون لك وقتها مبرراتك السياسية أو القانونية فمجلس الدولة أحياناً له دواعيه السياسية، وأظن أنك تعلم هذا بل ومارست هذا فعلاً، لذلك قد نفهم الدواعى التى جعلتك ترفض الحكم ضد الدعوة المشبوهة بتعديل الدستور بعد الثورة والتى كانت دعوة دينية عنصرية، لا شك أن حكمك وقتها ساعد على استتباب الأمر للإخوان وتمهيد الطريق لهم، ولكن قد تكون لكرؤيتك القانونية أو السياسية، وقد نفهم لماذا فى زمن مبارك أصدرت عشرات الأحكام لمصلحة الإخوان ومصلحة مرشحيهم فى المجالس النيابية، كل هذا مفهوم أيها الأخ، ولكننا لا نفهم أبداً أن تخلط علاقاتك الشخصية والعاطفية وقناعاتك العقائدية بمهامك التنفيذية أيها الوزير، لذلك خذها منى ومن كل مصرى يا أخ مجدى نقولها لك جميعنا: أيها الأخ الوزير إما اعتذرت وإما اعتزلت.