رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيادة الرئيس.. لله والوطن


سيادة الرئيس .. بداية نقدر مجهودكم ورجالك الشرفاء .. نثمن بكل أمانة وشرف جميع خطواتكم الداعمة لنهضة مصر ورفعتها .. نتابع بكل أمانة رحلاتكم الخارجية المكللة بالنجاح.. وننتقد بشدة كل من يقزم من هذه النجاحات.

وهذا يعطينا الحق أن نطالبكم بالاستعانة بالدكتور كمال الجنزورى - رئيس وزراء مصر الأسبق- فى حل الأزمة الاقتصادية الراهنه نظراً لخبرته وقدرته فى هذا المجال.

سيادة الرئيس.. جميعنا يدرك جيداً ما جاء فى خطابكم الأخير عندما أكدت مراراً وتكراراً على أن نحصل منك شخصياً على المعلومات المهمة دون غيرك.. ولأننا نحبك لله وفى الله بسبب اخلاصك لهذا البلد.. فلابد وأن نكتب لك عما نشعر ويشعر به أمثالنا.. فمصر يا سيادة الرئيس فى مأزق حقيقى مع أصحاب الأهواء والأجندات والمصالح الشخصية والحزبية المصابين بشيزوفرينيا الطمع والفوقية والأنانية والتهور والجنون فى آن.. وسط كل هذا «العجن» هناك طبقة تتألم من نيران الأسعار التى أكلت ما تبقى فى جيوبهم «المخرومة» أصلاً.. وفى المقابل نجد «قلة قليلة» كانت ومازالت تنعم بخيرات هذا الوطن دون حسيب أو رقيب.. الفقراء ضاقوا ذرعاً من فساد هذه «القلة» معدومة الضمير والحس الوطنى.. فلا يعقل أن نطالع حالة السُعار التى أصابت الدولار حتى وصل سعره إلى عشرة جنيهات فى السوق السوداء ولا نتكلم.. سنتكلم لننقل لك سيادة الرئيس حقيقة آلامنا ولا علاقة لنا بالأرزقية.. سنتكلم عسى أن تصلك كلماتنا الصادقة.

سنشكو لك من وزارة البترول التى تصر على صرف رواتب موظفيها بالدولار فى ظل الأزمة الدولارية التى تشهدها مصر.. ونفس الشىء تفعله الجامعات والمعاهد والمدارس والحضانات الخاصة، فضلاً عن الأندية التى تتعاقد مع اللاعبين والمدربين الأجانب بالدولار.. وفى هذا السياق علمت أن لدينا ١٧٠ سفارة بالخارج يتقاضى موظفوها المليارات بالعملة الصعبة.. فلماذا لا نقلصها إلى ٧٠ سفارة فى الدول المهمة فقط حتى نوفر على الدولة هذه المبالغ الطائلة؟! خصوصاً وقد علمت أن أمريكا «بجلالة قدرها» لديها ٩٠ سفارة فقط حول العالم.. وجميع عناصر استخباراتية فى الـ «f.b.i» والـ «c.i.a» نضف إلى ذلك ضرورة الاستغناء عن فئة المستشارين للهيئات الحكومية.. ولنسأل أنفسنا: من هؤلاء بحق الله.. وماذا عن الخدمات التى يقدمونها لهذه الهيئات.. وهل يمكن أن تكشف لنا الأجهزة المعنية عن المليارات التى تذهب إلى كروشهم من دم هذا الشعب المكلوم؟

أيضاً وجب علينا سؤال متعلق بنفس الموضوع حتى تهدأ موجة الغليان المتأججة فى صدور الغلابة: يا ترى يا هل ترى.. ما سبب إعفاء أولاد «البطة البيضاء» من الحد الأقصى للأجور؟.. وكيف تبرر للموظف البسيط والعامل الأجرى باليومية والشباب العاطل عن العمل هذه الاستثناءات؟!.. ولمثل هذه الفئة الجشعة خصوصاً قيادات البنوك الذين يتقاضون عشرات الآلاف من الدولارات أقول إن راتب محافظ البنك المركزى الإنجليزى يصل إلى مليون جنيه إسترلينى سنوياً مخصوم منه ٤٠٪.. أى أنه يتقاضى ٦٠٠ ألف جنيه سنوياً.. و٥٠ ألفاً فى الشهر، مع ملاحظة أن قيمة الجنيه الإسترلينى فى إنجلترا تعادل قيمة الجنيه المصرى فى وطنه.. أوجه هذا الكلام الذى سبق وأشرت إليه إلى كل شخص يهدد الدولة بترك منصبه والهروب للعمل فى الخارج إذاطبق عليه الحد الأقصى للأجور!!.. ولمثل هؤلاء أقول: «فلتذهبوا إلى الجحيم أو إنجلترا إذا شئتم».. فالشعب سئم أفعالكم الدنيئة وجرائمكم القذرة بحقه ولم يعد يحتمل سخافاتكم أكثر من ذلك.. فلدينا بدلاً منكم خبرات وكفاءات وطنية حريصة على الاقتداء بسلوك رئيس الجمهورية لإنقاذ مصر من عثرتها الاقتصادية.

أما عن رجال الأعمال الذين كذبوا علينا وادعوا ــ ظلماً وافتراءً ــ أنهم تبرعوا لصندوق «تحيا مصر» بمليارات الجنيهات.. فقد كشفهم الرئيس حين صرح مؤخراً بأن هذا الصندوق تلقى منذ نشأته وحتى الآن مبلغ ٤.٧ مليار جنيه فقط.. منها ملياراً من أموال المخصصات المالية لقواتنا المسلحة!! أما بقية المبلغ فأنا متأكدأنه من جيوب الفقراء والمساكين.. والسؤال الذى يطرح نفسه: أين الأموال التى أعلن عنها رجال الأعمال لهذا الصندوق؟!.. لقد قال أحدهم إنه تبرع بثلاثة مليارات.. وصرح ثان بأنه مشارك بسبعة مليارات.. وثالث كشف عن مساندته بمليار و.. أين هذه الأموال إذاً.. هل كنتم تضحكون علينا؟!.. وهل نستحق منكم هذا العبث بعدما نهبتم ثرواتنا؟!.. أعلم أن حجم الضرائب المستحقة عليكم تصل إلى ٤٧ مليار جنيه.. فلماذا لا تسددونها للدولة التى فقدت الأمل فيكم بعدما منحتكم الدعم اللازم من كهرباء ومياه وصرف صحى وتليفونات حتى تجنوا كل هذه المليارات؟!.. ناهيك عزيزى القارئ عن ١٤٢ مليار جنيه أخرى. هى حق الدولة من ثلاثة طرق صحراوية هى «القاهرة ــ الإسماعيلية» و«مصر ــ إسكندرية» و«مصر ــ السويس» نهبها لصوص المال العام خلال العقود الماضية بملاليم ثم باعوها بالمليارات.

أما عن أموال الصناديق الخاصة.. فحدث ولا حرج.. فقد كشفت الخبيرة المصرفية د. بسنت فهمى عن وجود تريليون جنيه فى الصناديق الخاصة.. وهذا المبلغ يزيد على حجم الودائع فى الجهاز المصرفى بالكامل.. بمعنى أن تلك الصناديق ــ بحسب الخبراء ــ يمكنها أن تحل مشاكل مصر فى أيام معدودة.. وأوضحت د. بسنت أن نسبة كبيرة من المعونات التى كانت تأتى لمصر من الخارج دخلت حساب هذه الصناديق.. موضحة أنها كانت تستخدم فى دفع الأجور الخيالية لبعض القيادات المصرفية تحت مسميات «مستشارين وخبراء» بدلاً من أن تستخدم للأغراض المخصصة لها.

هناك أيضاً أموال المعاشات التى لهفها يوسف بطرس غالى وأمثاله.. وهناك الأموال المهربة للخارج من مبارك وعصابته.. وهناك ملفات أخرى مثل الآثار والمعونات الخارجية و.. فإذا كنا فعلاً جادين فى إصلاح هذا البلد.. فلنقف جميعاً خلف الرئيس فى محاربة الفساد حتى نقضى عليه.. أما إذا تقاعسنا وتركنا مصيرنا بأيدى الفاسدين والإرهابيين فلن نحصد إلا المزيد من الذل والمهانة والمرض والجوع.. وكلمة أخيرة أوجهها للحكومة وبقية المسئولين كل فى موقعه بما فى ذلك مجلس النواب.. أرجوكم لا تجعلوا الرئيس يواجه معارضيكم بسبب الفشل الذريع الذى يلاحقكم.. اتركوا الرجل لمهامه الثقيلة وقفوا أنتم وقفة رجل واحد لمواجهة أزمات مصر والعمل على حلها قدر المستطاع.. فإذا فشلتم فلتعلنوا فشلكم أمام الشعب حتى نفكر فى استعارة رجل اقتصاد قوى من الخارج كمستشار للرئيس مثل مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا، الذى استطاع أن يغير وجه بلاده ويحقق نهضتها التنموية ويضعها فى مصاف الدول الاقتصادية المتقدمة لتصبح ماليزيا بفضل مجهود واخلاص هذا الرجل مصدر فخر واعزاز ليس لمواطنيها فقط.. وإنما للأمة الإسلامية كلها.