«الأستاذ» ملأ الدنيا.. وشغل الناس
إن «هيكل» الصحفى المفكر، كان فوق ذلك صاحب رسالة شاملة نبيلة، تهيأ له بالسفر والنظر واستخلاص العبر رابطاً بها بالماضى والتاريخ معايشة التجارب والأحداث الكبرى العالمية والمحلية وثقافته المتميزة الإنسانية، أن يؤديها فى امتلائها وازدهارها، لا إلى أمته العربية وحدها، بل للإنسانية قاطبة، وأى شىء فى الدنيا أجمل من تنوير الأذهان وتفتيح الآفاق، وإعلاء قيم الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية سيبقى أثر «هيكل» فينا ما بقيت هذه الرسالة.
كما امتاز «هيكل» بالذكاء الفطرى النادر وحضور البديهة ودقة الملاحظة، والشعور المرهف للصحفى النابه إلى جانب دقة فى التحليل الرصين وترفع عن الصغائر .ولذا لنبوغه سعى الرؤساء والحكام للالتقاء به غدا بين الناس موسوعة ضخمة أن الأستاذ قد «ملأ الدنيا وشغل الناس» .هيكل هو صوت ثورة يوليو 1952 وعبر عن فترة المد القومى الناصرى ناقلاً ورفيقاً وناصحاً لزعيم الأمة العربية وكاتب خطب بانى النهضة المصرية الحديثة وقائدها جمال عبدالناصر عبر عن آلمنا فى نكسة 1967 وأملنا فى النصر الذى تحقق فى نصر أكتوبر، وصوت ضمائرنا بعد أن شاخت السلطة وتحولت إلى مياه راكدة. وكانت له قدرة لا تجارى فى ابتكار الكلمات الجديدة وإثراء اللغة الصحافية والإعلامية، وكان مستنيراً جريئاً شكل وعى أجيال وكان المعبر الأكبرعن مصر الطموحة القادرة الواعية. كان الحكيم الذى يقدم «روشتة الخلاص»، و«نوراً» يتقدمنا لاقتحام ذلك النفق المظلم الذى استطال بأكثر مما يجب، و«المرجعية» التى يعود إليها الوطن لنبحث لديه عن «بوصلة الاتجاه» الصحيح، ورشد ورشاد التوجه المستنير، وكان دائماً مرتب الفكر، صافى الذهن، واضح الرؤى، صادق التوجه، حيث قدم للأمة تجاربه وخبرته ونصائحه ليس عن الماضى فقط ولكن عن الحاضر والمستقبل. رحم الله الأستاذ وأسكنه فسيح جناته.
■ كاتب وباحث أكاديمى