رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مستمرون فى العدل الدولية

مصدر رفيع المستوى أكد، أمس السبت، أن مصر عازمة على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإدانة الممارسات الإسرائيلية أمام محكمة العدل الدولية، نافيًا شائعات، أطلقتها صحف إسرائيلية، ونقلتها منصات إخوانية وأخرى تحت مستوى الشبهات، زعمت أننا تراجعنا عن الانضمام إلى جنوب إفريقيا فى الدعوى، التى تتهم دولة الاحتلال بارتكاب «إبادة جماعية» ضد الشعب الفلسطينى، والتى تنظرها المحكمة، منذ يناير الماضى، وأمرت، فى شقها العاجل، باتخاذ تدابير طارئة لم تلتزم بها دولة الاحتلال. 

بالتزامن، قال الدكتور زين دانجو، ممثل جنوب إفريقيا أمام المحكمة، المتحدث الرسمى باسم فريقها القانونى، إن انضمام مصر للدعوى «خطوة مهمة وضرورية تسهم فى حل النزاع»، مؤكدًا أن مصر بلد كبير فى إفريقيا، وتقوم بدور محورى بما تملكه من ثقل بالمنطقة وقدرات سياسية قوية. كما شدّد «دانجو» على أن دعم مصر الدعوى سيكون رسالة للجميع، ولإسرائيل على وجه الخصوص، بأن هناك وحدة دولية من أجل تحقيق الهدف النهائى؛ وهو تحرير الأراضى الفلسطينية وحماية المواطنين الفلسطينيين.

حين أعلنت الخارجية المصرية، الأحد الماضى، عن اعتزام مصر التدخل فى الدعوى التى أقامتها جنوب إفريقيا، أوضحت أن هذا التدخل يأتى فى ظل تفاقم حدة ونطاق الاعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين فى قطاع غزة، والإمعان فى اقتراف ممارسات ممنهجة من استهداف مباشر للمدنيين وتدمير البنية التحتية، ودفع الفلسطينيين للنزوح والتهجير خارج أرضهم، ما أدى إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة أدت إلى خلق ظروف غير قابلة للحياة فى قطاع غزة، فى انتهاك صارخ لأحكام القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، واتفاقية چنيف الرابعة لسنة ١٩٤٩ بشأن حماية الأشخاص المدنيين فى وقت الحرب.

طالبت مصر، أيضًا، إسرائيل، بالامتثال لالتزاماتها باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، وتنفيذها التدابير المؤقتة الصادرة عن محكمة العدل الدولية التى تطالب بضمان نفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية على نحو كافٍ يلبى احتياجات الفلسطينيين فى قطاع غزة، وعدم اقتراف القوات الإسرائيلية أى انتهاكات ضد الشعب الفلسطينى باعتباره شعبًا يتمتع بالحماية وفقًا لاتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية. وجددت الدولة المصرية مطالبتها لمجلس الأمن والأطراف الدولية المؤثرة، بضرورة التحرك الفورى لوقف إطلاق النار فى غزة، والعمليات العسكرية فى مدينة رفح الفلسطينية، وتوفير الحماية اللازمة للفلسطينيين.

المهم، هو أن تدخل مصر لدعم الدعوى، التى أقامتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، سيكون رابع تحرك مصرى ضد دولة الاحتلال، أمام المحكمة نفسها، خلال أقل من سنة. إذ سبق أن أكدت الدولة المصرية، فى يوليو وأكتوبر ٢٠٢٣، عدم شرعية الممارسات الإسرائيلية الممنهجة ضد حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة وغير القابلة للتصرف، فى مذكرتين مكتوبتين، قدمتهما للمحكمة، ثم جاءت مرافعتها الشفهية، فى فبراير الماضى، لتنسف كل مزاعم الضرورة الأمنية أو العسكرية لجرائم دولة الاحتلال، خلال الجلسات التى عقدتها المحكمة استجابة لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، كان قد طلب رأيها الاستشارى بشأن الآثار القانونية للممارسات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة.

فى المرافعة الشفهية، التاريخية، التى صارت جزءًا أساسيًا ومفصليًا من تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى، أكدت مصر الأهمية القصوى لرأى محكمة العدل الدولية الاستشارى، فى ظل الظروف الراهنة، وعلى خلفية تاريخ يمتد لنحو ٧٥ سنة من الممارسات الإسرائيلية الرامية إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وتنفيذ سياسات العقاب الجماعى، والاستخدام الممنهج والعشوائى للعنف ضد المدنيين. وبشكل واضح، مستفيض وفاضح، أكدت المرافعة، التى أعدها الفريق القانونى للخارجية المصرية، وألقتها الدكتورة ياسمين موسى، المستشارة القانونية بمكتب وزير الخارجية، أن الاحتلال الإسرائيلى، الذى طال أمده، خالف قواعد لاهاى الخاصة بقانون وأعراف الحرب والمبادئ التى تحكم مشروعية استخدام القوة.

.. وأخيرًا، نرى أن الشك واجب فى القدرات العقلية والسمعية والبصرية لمن يتعامون عن الجرائم والاعتداءات والممارسات الإسرائيلية، التى تزعزع الاستقرار فى المنطقة وتحاول المساس بالأمن القومى المصرى، ويزعمون أن مواقف مصر العادلة، التاريخية والثابتة، الداعمة للشعب الفلسطينى الشقيق، هى التى تعرّض العلاقات المصرية الإسرائيلية للخطر وتذهب بمعاهدة السلام إلى حافة الهاوية.