رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ورحل نور فرغل


ورحل نور فرغل ..رحل صاحب الإبتسامه التي لا تغيب ..رحل ابن البلد صاحب الشهامه والرجوله ..خادم الجميع ..أحب الناس فأحبوه ..تفاني في خدمتهم فأكرموه ..اجتمع حوله كل من عرفه ..في الحي والشارع والعمل ..كان شخصيه محوريه استطاع بهدوئه ودماثة خلقه أن يكون محط أنظار الجميع ..لم يخذل أحدا يوما سواء كان يعرفه أو لا يعرفه..كان رصيده الحقيقي حب الناس وكنت أحسده علي ذلك ..سألته يوما ما هو السر في كل هذا الحب فقال :أنام وليس في صدري شيئا لأحد. 
خدم اللواء نور فرغل وطنه في عهد مبكر وشغل أرفع المناصب في أهم مؤسستين في مصر ..رئاسة الجمهوريه ومجلس الوزراء ..كان رحمه الله أركان حرب الياوران برئاسة الجمهوريه في عهد عبد الناصر ،ثم تولي منصب أمين أول رئاسة الجمهوريه في عهد الرئيس السادات واستمر في هذا المنصب حتي أوائل عهد الرئيس مبارك ثم انتقل إلي مجلس الوزراء كأمين عام مساعد للمجلس حتي سقط وهو جالس علي مكتبه عاش بعدها سنوات طويله مع المرض .
عرفت اللواء نور فرغل عام 86 وكنت وقتها محررا لشئون مجلس الوزراء بجريدة الوفد وكان هو أمين عام مساعد المجلس ومقرب من الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء في ذلك الوقت.. صحيح أن الدكتور الجنزوري كان شخصيه قويه لكن نور فرغل أضاف الكثير للدكتور الجنزوري ولمجلس الوزراء .
كان الوزراء يحترمون نور فرغل ويقدرونه ، واستطاع بحكم خبرته أن يكون في موقع متميز داخل مجلس الوزراء واحتفظ بمكانه رفيعه بين الوزراء ،ولم يشغله ذلك عن إدارة المنظومه داخل قطاع مهم وهو المراسم والعلاقات العامه .
بشهامة ابن البلد وقف نور فرغل مساندا لي في مواقف كثيره كنت أحتاج فيها إلي وقفة المخلصين ومن أبرزها موقفين تدخل فيهما رئيس الجمهوريه الأول كان أزمه مع المرحوم سليمان متولي وزير النقل الأسبق حول تصريحات نشرتها له عن جنسية الشركه المنفذه لميناء شرق التفريعه، والآخر كان أزمه شهيره فجرتها بين صفوت الشريف وطلعت حماد بسبب الصراع الذي احتدم بينهما في ذلك الوقت علي منصب المتحدث الرسمي باسم الحكومه .
كانت الكرامه أعز ما يملك نور فرغل لأنه كان يعرف قيمة وقدر نفسه ..فعندما وجه له أحد الوزراء عباره لا تليق بشخصه ومكانته لم يتحمل الرجل ما سمع وسقط بعدها بدقائق ..كنت معه علي السلم المؤدي لمكتب رئيس الوزراء قبل أن يتعرض لهذا الموقف ..بعدها دخل إلي مكتبه ولم تمر دقائق حتي أصيب بجلطه تم علي أثرها نقله إلي مستشفي القصر العيني ..دخلت عليه في الطوارئ وكان يجلس علي سريره لا يستطيع الحركه ..لكنه أشار إلي بابتسامه وكله شموخ وكبرياء ..خرج نور فرغل وظل علي سرير المرض بين منزله ومستشفي الجلاء 17 عاما كامله ..أراد الله أن يطهره قبل أن يقبض روحه.
في محنة نور فرغل ظهر المعدن الأصيل لزوجته السيده ميرفت الخشاب التي وقفت بجانبه في رحلة مرضه 17 عاما كامله كانت له الزوجه والطبيبه والممرضه والرفيقه ..ضربت الزوجه الصابره أروع المثل في الوفاء لذلك كانت الأقرب له في ساعة الإحتضار حتي أنه مسك بيديها في هذه الساعه لا يريد أن تفارقه وكأنه يقول لها لن أنسي الوفاء والتضحيه والعشره الطيبه .
رحل نور فرغل وبكي عليه جيرانه وأصدقائه أكثر من أهله وأسرته ..وكان مصابهم فيه أليم فقد كان لهم الأب والأخ والصديق .
رحل نور فرغل وترك رصيدا من الحب وملحمه من الصبر ونموذج من العطاء ..وأبدا ستبقي سيرته ذكري جميله علي مر السنين .