رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إذا ماتت ضمائرنا.. فلنقل على الدنيا السلام


ما الذى يجرى الآن فى مصر.. شىء مؤسف جداً أن تظل أخلاقنا هى نفسها بعد ثورتين قمنا بهما ضد الفساد والظلم والخيانة..صدقونى لوغيرنا ألف حكومة وألف رئيس لإصلاح أحوالنا دون أن نغير من أنفسنا ..فسنظل كما نحن «محلك سر»..إن ما صرح به رئيس الجمهورية مع الإعلامى عمرو أديب بأنه تولى مسئولية بقايا دولة..كلام صحيح 100%..وأنا معه قلباً وقالباً..قالها الرجل وهو مؤمن بانهيار منظومتنا الأخلاقية طوال العقود الخمس الماضية..فإذا كانت ضمائرنا فى أجازة مفتوحة ..هل يمكن أن نتقدم.. ثم ما الذى ننتظره –مثلاً-من موظف مرتشٍ يعطل مصالح الناس ويستحل أموالهم بالباطل.

بعينى أرى يومياً مواطنين من كل الأعمار والثقافات المختلفة يلقون بفضلاتهم فى الأماكن العامة دون خجل أو حياء..وإذا تجرأت وحاولت أن تنصح أحدهم.. يبقى ياويلك يا سواد ليلك..ستسمع عبارات من اللى عمرك ما سمعتها مثل: «ما تخليك فى حالك».. و«أنت مال أهلك ..هو دا شارع أبوك لا مؤاخذة».. و«حاتعملى فيها مصلح اجتماعى.. ما هى البلد كلها غلط فى غلط إشمعنى أنا يعنى».. إلخ هذه البذاءات التى تُخرج الإنسان عن شعوره..ولنكن صرحاء مع أنفسنا وصادقين مع الله إذا كنا فعلاً نريد الإصلاح والتقدم بهذا البلد إالى الأمام.. فلابد أن نحاسب أنفسنا.. نتصدى للفساد ونردع الخونة ونحاسب العملاء.

فلا يمن أن تنصلح أحوال وبيننا المدرس الذى يبخل على تلاميذه فى الفصل بالشرح فيما يجتهد فى الدروس الخصوصية و«يلهف» أموالهم..والطبيب الذى يذهب إلى عمله فى المستشفيات الحكومية يوماً واحداً فى الأسبوع بينما يقضى بقية أيام الأسبوع فى عيادته الخاصة.. والمهندس الذى يفتح «كرشه» أمام أصحاب المبانى المخالفة ويستخرج لهم الرخص «المضروبة» ويعتمد المبانى والطرق والكبارى غير المطابقة للمواصفات..ورجل الشرطة الذى يجلس فى مكتبه تاركاً الشارع والأسواق ليل نهار تعج بالبلطجية الذين يروعون المواطنين..وعضو البرلمان الذى يلهث خلف مصالح حزبه ومصالحه الشخصية ضارباً بعرض الحائط مصالح الموطنين والمواطن..ورجال الأعمال الذين يحتكرون الغذاء والدواء والمسكن والملبس..وإمام المسجد الذى يقف على خشبة المنبر فى الصباح واعظاً وفى المساء تتناقض أفعاله مع أقواله..والقاضى الذى يحصل على ثلاثة أشهر أجازة فى العام فيما تعج محكمته بآلاف القضايا..والرئيس الذى سمح لنفسه باغتصاب أموال شعبه ليضعها فى بنوك سويسرا.

ناهيك عزيزى القارئ عن المسئول الذى يسرق ويهرب آثار بلده وتاريخها ليبيعها للمنظمات الصهيونية بمساعدة معدومى الضمير والشرف والوطنية من مافيا الداخل والخارج..وتجار الدين الذين يعيثون فى الأرض فساداً ويتعاملون مع العدو ضد بلادهم..وسائق التاكسى الذى يتحكم فى الراكب ويبتزه بشكل أو بآخر دون حسيب أو رقيب..والصياد الذى يلقى بالسموم فى المياه لقتل كميات كبيرة من الأسماك حتى يضاعف مكسبه على حساب صحة المواطن..و أصحاب مزارع الدواجن والفواكه والخضار التى تتغذى على الصرف الصحى والهرمونات والأدوية المغشوشة..ومثقفى وسياسى وإعلامى وأدباء ونشطاء السبوبة الذين يهاجمون وطنهم كلما سنحت لهم الفرصة هنا وهناك، والمحامى الذى ينصب على عملائه متسلحاً بالأغلبية القانونية .......... فهل يعقل أن نظل على هذا الحال بعدما بدأنا أولى خطوات الإصلاح بانتخاب رئيس وطنى وصياغة دستور وافق أغلبنا عليه..وبعد الانتهاء من الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق بانتخاب برلمان جاء باختيار أغلبنا وإن شابه بعض النواقص ؟؟!! .

والمطلوب منا أولاً أن نراعى ضمائرنا فى كل أمور حياتنا.. ومن أعضاء مجلس النواب أن يدرسوا الحالة المزرية التى اعترت الشارع المصرى ويحاولوا إيجاد حلول علمية وعملية لتحقيق أهداف الثورتين من خلال تشريعات عادلة ترضى كل فئات الشعب.. و من الرئيس عبدالفتاح السيسى بالاتفاق مع البرلمان سرعة تفعيل قانون العزل السياسى وتطبيقه لمدة لا تقل عن 10 سنوات على أقل تقدير ضد كل من أسهم أو شارك فى إفساد الحكم أو الحياة السياسية بطريق الإضرار بمصلحة البلاد أو التهاون فيها.. وكذلك كل من تحوم حوله الشبهات سواء من نظام مبارك أو الجماعة الإرهابية أو من ينتمى إليها حتى يهدأ الشارع من حالة «الغليان» التى تسيطر عليه الآن .. سيادة الرئيس إن قانون العزل السياسى هو نفسه «قانون الغدر» الصادر بمرسوم بقانون رقم 344 لسنة 1952.. لذا نرجوك أن تعجل بتطبيقه حتى تنقذنا من فساد «العصابة» التى سرقت خيراتنا ونهبت أموالنا واغتصبت أرضنا وحرمتنا من أدنى مقومات الحياة.

سيادة الرئيس نريد دولة قوية لا تخل بميزان العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص..دولة تدعم إرادة المنجزين والمجتهدين والمبدعين..دولة تحاسب من يخترق القوانين ويشيع ثقافة المحاباة ويقتل قيم العمل ليخلق حالة من اليأس والإحباط واللامبالاة.. دولة تطبق الحد الأقصى والأدنى على الكل دون استثناء..نريد دولة تقطع يد من يتطاول على المال العام ويسرق أراضى الشعب ويقنن الرشوة.. دولة تحرص على حماية الرقابة والمتابعة وتعمل بمبدأ الثواب والعقاب ..دولة تقضى على النزعة الشخصية والمزاجية فى الإدارة حينما تعتبر الوظيفة العامة ملكية خاصة وتحارب الكفاءات الواعدة.. سيادة الرئيس: «نحن فوضناك فى القضاء على الإرهاب مثل الفساد» هذا هو المطلوب منكم..أما المطلوب من الشعب فهو صحوة الضمير فى كل شىء..فبدون صحوة ضمائرنا فلنقل على الدنيا السلام.