رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اخلع رداء التعصب


«مشكلة العالم هى أن الأغبياء والمتعصبين واثقون دائماً من أنفسهم فى حين أن العقلاء تعتريهم الشكوك فى أنفسهم» صدقت يا راسل. توقفت عند هذه الجملة وأنا أتابع المشهد السياسى والاجتماعى والرياضى والدينى المتعصب حولى... وأنا أراقب الاتهامات بين القوى السياسية، شيوع فتاوى التكفير والقتل لكل من يخالف الرأى!!! الجميع متعصب لفكره، لرأيه، لرؤيته، لقلمه، لناديه، لحزبه، لمعتقداته بصراخ وبتشنج، أما العقلاء فلا صوت لهم فلا نسمع منهم إلا الهمس!!. كلما شاهدت هذا التعصب أتذكر «أن عجبت لشىء فعجبى لرجال تنمو أجسامهم وتصغر عقولهم» الأحنف بن قيس. و«العقل الضيق يقود دائماً إلى التعصب» لأرسطو.

فنحن نعانى من آفة التعصب القائم على احتقار أو كره الآخر، بل إلغاء الرأى الآخر مع رفض مناقشته. لأن كل متعصب يعتقد أنه وحده من يمتلك الحقيقة والرأى الصائب.. وأنه الوحيد الذى على حق بينما الآخر فهو على باطل أو على خطأ دون منطق، حجة، دليل أو برهان. فالمتعصب يرفض تقبل الآخر، فهو ينظر للآخر على أنه العدو دون النظر إليه على أنه بشر له فكره ومعتقداته الخاصة التى قد تخالفه.. فهو يصدر أحكامه بشكل حكم مسبق أو تعميم، أو من خلال أفكار نمطية بالية، مع إصراره على التمسك بآرائه!!. وقد أخذت كلمة التعصب من «العصبية» وهى أن يدعو الإنسان إلى نصرة عصبيته، ظالماً أو مظلوماً.. مع أن شفيعى وشفيعك محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «من تعصب أو تعصب له، فقد خلع ربق الإيمان من عنقه». «وما تحلى طالب علم بأحسن من الإنصاف وترك التعصب» ابن القيم.

كما رفض الأئمة الأربعة التعصب فى الرأى «إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا فى رأيى، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه». «إذا وجدتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة خلاف قولى، فخذوا السنة ودعوا قولى فإنى أقول بها» الإمام الشافعى.

«لا تكتبوا عنى شيئاً ولا تقلدونى ولا تقلدوا فلاناً وفلاناً، وخذوا من حيث أخذوا». الإمام أحمد بن حنبل.

فى عالمنا.. تختلف الوجوه، الأجناس، اللغات، العادات، الأديان، الثقافة، ولكننا نستنشق نفس الأكسجين ونعيش على نفس الكوكب.. فلا تكن متعصباً وترفض من يخالفك الرأى، فهل تقبل أن يرفضك الآخر لاختلافك عنه؟. وقد أشارت العديد من الدراسات إلى أن الفرد الذى لا يتقبل نفسه لا يتقبل الآخرين. والتعصب أنواع: التعصب الرياضى لنادٍ معين أو للعبة معينة أولفريق معين. التعصب الاجتماعى لطبقة معينة ولمهنة معينة. التعصب السياسى لحزب معين. التعصب الدينى أو الطائفى أو المذهبى لجماعة معينة أو لأفكار معينة.. التعصب القبلى أو العرقى أو القومى، فالمتعصب يشعر بتوتر وكراهية تجاه العرق الآخر أو تجاه القبيلة الأخرى دون مبرر أو منطق!! اللهم.. ارحم وأنقذ مصر والعالم من المتعصبين على جميع ألوانهم وأشكالهم.. آمين يارب العالمين. موعدنا الأحد المقبل إن شاء الله.