رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مطلوب بهلول فى كل وزارة


يحكى أن الخليفة العباسى «هارون الرشيد» قد مر على «بهلول» وهو جالس فى إحدى المقابر، فقال له هارون: «يا بهلول يا مجنون ...متى تعقل؟». فرد عليه «بهلول» قائلاً: « يا هارون يا مجنون ..متى تعقل؟». فقال هارون: « أنا المجنون أم أنت الذى يجلس فى المقابر؟. فقال له بهلول : « بل أنا العاقل .. لأنى عرفت أن هذا زائل وأشار إلى «قصر هارون». وأن هذا باقٍ «وأشار إلى القبر» فعمرت هذا قبل هذا، أما أنت، فإنك عمرت هذا «ويقصد قصره» وخربت هذا «ويشير إلى القبر» فتكره أن تنتقل من العمران إلى الخراب مع أنك تعلم أنه مصيرك لا محال. فقل لى .. أينا المجنون؟». بكى «هارون» و قال له : «والله إنك لصادق. زدنى يا بهلول». فقال له: « يكفيك كتاب فالزمه». فقال له هارون: «ألك حاجة فأقضيها لك؟». قال بهلول: « نعم ثلاث حاجات.. إن قضيتها شكرتك.. أن تزيد فى عمرى!.. فقال هارون: « لا أقدر». فقال بهلول: «أن تحمينى من ملك الموت!!» فقال هارون: « لا أقدر» .. فقال: «أن تدخلنى الجنة و تبعدنى عن النار!!» فقال له هارون : « لا أقدر ..فقال له بهلول : «فاعلم أنك مملوك ولست ملكاً، و لا حاجة لى عندك». صدقت يا بهلول.

كم نحن بحاجة جميعاً إلى «هارون» و«بهلول» فى هذا الزمان «فالحق يحتاج إلى رجلين: رجل ينطق به و رجل يفهمه». جبران خليل جبران. كم نحن بحاجة إلى «بهلول» فى قصور رئاسة وملوك العرب الذى يصدق القول لمليكه، لأميره، لرئيسه!!. كم نحن بحاجة إلى «بهلول» فى مكتب رئيس الوزراء، وفى كل وزارة. مطلوب « بهلول» الصادق، الأمين، الشريف الذى يواجه كل مسئول، كل راع، كل مدير بالحقيقة دون تزييف أو رتوش أو شعارات براقة لأننا نعيش «الساعة» التى وصفها الشيخ الغزالى «هناك ساعة حرجة يبلغ الباطل فيها ذروة قوته، ويبلغ الحق فيها أقصى محنته، و الثبات فى هذه الساعة الشديدة هو نقطة التحول».

«بهلول» الذى لا يصفق للباطل أو للفاسد «إن لم تستطع قول الحق فلا تصفق للباطل» الشيخ الشعراوى .... « بهلول» الذى يرفض «أن يكون القانون وعاء لرغبة الحاكم، أو بدلة يفصلها على قياسه». محمود يا درويش .. مطلوب «بهلول» الذى يواجه الفساد بقوة لأنه يخاف الله، يضع الموت بين أعينه، لا يخشى لومة لائم، يكون حيث يكون الحق، يقول الحق مهما كانت النتائج ...

مطلوب «بهلول» و«لسان حق بهلول» فوراً فى مصر وفى كل الدول العربية لأنه «حين سكت أهل الحق عن الباطل، توهم أهل الباطل أنهم على حق». الإمام على بن أبى طالب.. مطلوب «معارض وطنى شريف» فى كل وزارة .. موعدنا الأحد المقبل إن شاء الله.