رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحلية مياه البحر بثلاثة.. ومياه النيل بسبعة!!!


ما ينطبق على المياه ينطبق أيضاً على الكهرباء التى أصبحت مرفقاً لترويج الأكاذيب والمبالغة فى الأسعار والادعاء الكاذب بتنامى دعم الكهرباء وهى مسئولية خالصة للدول فى العالم كله.

فى السنوات العشر الأخيرة أدخلت اليابان والولايات المتحدة الأمريكية تقنيات حديثة فى إعذاب وتحلية مياه البحار المالحة ووصلت بتكاليفها فيما يتراوح بين 30 – 50 سنتاً أمريكياً أى ما يعادل من 2 – 3 جنيهات لإنتاج المتر المكعب من المياه العذبة وهو ما يطبق حاليا وبنجاح فى المملكة العربية السعودية والكويت وباقى دول الخليج التى تفتقر تماما إلى المياه العذبة من الأنهار أو المياه الجوفية أو الأمطار. وفى المقابل فإن وزير البنية التحتية الحالى ورئيس مرفق مياه الشرب السابق يعلن أن تكلفة تنقية المياه العذبة لنهر النيل تقترب من الجنيهات الثلاثة ولابد من رفع سعر المتر المكعب من المياه للمنازل ليغطى هذه التكاليف على أن تباع للمناطق الساحلية والشواطئ السياحية فى الإسكندرية ومطروح والساحل الشمالى ليس بأقل من سبعة جنيهات؟؟!!!

ما كل هذه المبالغات التى نعيش فيها حاليا وتُطرح بسذاجة على العامة وتحتوى على أكاذيب مفضوحة لكل رجل علم ومتخصص فى مصر فى دولة يرأسها أستاذ جامعى ويرأس مجلس وزرائها متخصص فى المياه والرى ثم يسمحان للوزراء بالادعاء بأن تنقية المياه العذبة للنهر أغلى سعراً من إعذاب المياه المالحة للبحر؟؟!! هذا الأمر لا يعكس إلا فساداً كبيراً فى أسعار توريد واستلام مستلزمات التنقية بحيث أصبحت مصر هى أغلى دولة فى العالم فى أسعار مياه الشرب والتى كانت لا تكلفنا شيئا أثناء إقامتنا فى دول الخليج أو فى الولايات المتحدة الأمريكية وهى الدول التى لا تدعم الخدمات ولا الأسعار وأول من أسس الاقتصاد الحر؟؟!

حتى نظام الشرائح العميق الذى تطبقه الدولة فى حصص المياه والكهرباء ليس له مثيل فى العالم فى التفرقة بين أبناء الوطن الواحد فى أسعار الخدمات التى تقدمها الدولة لأبنائها فجميع دول العالم تقدم الكهرباء والمياه بأسعار واحدة وثابتة لسنوات طويلة لجميع مواطنيها ولا تفرق بين مواطن وآخر فى أسعارها فالجميع يستخدم المياه بنفس المعدلات والجميع يحتاج إلى الكهرباء بنفس المستوى وبالتالى فهناك مخالفة دستورية واضحة فى تفرقة الدولة فى تقديم خدماتها بين مواطنيها حيث ينص الدستور على عدم التفرقة بين المواطنين لأى سبب من الأسباب. وحتى الآن لم أر دولة واحدة فى العالم تمتلك نهراً يوفر لها المياه العذبة وتبيع مياه الشرب لمواطنيها بمثل هذه المبالغة التى تحدث فى مصر والتى تتطلب مراجعة أسعار المواد الخام المستخدمة فى التنقية بالمقارنة بأسعارها العالمية وأسباب ارتفاع أسعار مياه الشرب فى مصر عن مثيلاتها فى جميع دول العالم.

وكيف تكون تنقية مياه النيل التى تصيب أطفال المصريين بكل أنواع الأمراض أعلى سعراً من إعذاب مياه البحار المالحة والنقية والخالية من الأمراض لأن الفساد واضح فى هذا المرفق الحيوى الذى يقوم بتحصيل مبالغ كبيرة من المواطنين مقابل أمراضهم ويسبب الضرر لهم مادياً ومعنوياً وصحياً. فيا حضرات العقلاء غير العلميين ولا الموضوعيين لا توجد دولة واحدة فى العالم تبيع المتر المكعب للمياه العذبة لمواطنيها بسبعة جنيهات أى أكثر من دولار مهما كانت درجة ثراء مواطنيها ومهما كانت عدوانية مسئوليها.

وما ينطبق على المياه ينطبق أيضاً على الكهرباء التى أصبحت مرفقاً لترويج الأكاذيب والمبالغة فى الأسعار والادعاء الكاذب بتنامى دعم الكهرباء وهى مسئولية خالصة للدول فى العالم كله. فعلى حين توضح الميزانية العام للدولة فى عام 2010 أى منذ عامين فقط بأن دعم الكهرباء فى مصر قد أصبح صفرا أى أن الدولة لا تدعم الكهرباء وأن تكاليف بيعها للمواطنين يغطى جميع تكاليفها نجد أن وزير الكهرباء الحالى يدعى أن دعم الكهرباء فى مصر قد وصل إلى 12 مليار جنيه سنوياً!! على الرغم من تحول أغلب محطات الكهرباء إلى العمل بالغاز الطبيعى بدلا من المازوت والسولار الأعلى سعراً فإن تكاليف إنتاج الكهرباء من المفترض أن تكون قد انخفضت فتحقق الدولة أرباحا نتيجة لهذا التحول من أسعار بيع الكهرباء لمواطنيها. فكيف يا سيادة الوزير الهمام وخلال عامين فقط ومن خلال البيانات الرسمية للدولة ترتفع قيمة دعم الكهرباء بمقدار 12 ملياراً من الجنيهات؟؟!!

هل هى المبالغة أم الكذب أم الفساد أم عدم الشفافية مع شعبك الذى أقسمت على أن ترعى مصالحه رعاية كاملة لا أن تخدعه أو تستغل فقره وتبيع له الوهم؟! فإذا كان مرفق المياه قد يكون به مصادر للفساد فى أسعار «الشبة» المستخدمة فى التنقية أو منتجات الكلور وغيرها فإن هذا الأمر لا يتواجد فى محطات توليد الكهرباء المقصورة على الغاز الطبيعى والمحروقات والتى لم ترتفع أسعارها منذ سنوات فمن أين تأتى 12 مليارا من الجنيهات زيادة فى الأسعار وخلال عامين فقط؟؟! لأنه بهذا الأمر وبفضل رئاستك الحكيمة لهذا المرفق فإن أسعار الكهرباء ستتضاعف كل عام ومن الأفضل أن تطلبوا تحويل رواتب إلى صالح مرفق الكهرباء على أن تعطوا إلينا ما يفيض إذا كان هناك فائض أو يتم الحجز على منقولاتنا وبيوتنا تحت اسم مديونات لمرفق الكهرباء الذى يبيع للمواطن المصرى الكهرباء بأعلى من سعرها فى نيويورك ولندن واليابان وباريس ويستهلك المواطن فى مصر نسبة محسوسة من دخله فى خدمات المياه والكهرباء ليس لها مثيل فى جميع دول العالم وما يتبقى له لا يكفى إلا لأن يبحث عن بلد آخر ليهاجر إليه.

يضاف إلى هذا نظام الشرائح الغبى الذى ليس له مثيل فى العالم والذى يفرق بين المصريين وبعضهم حتى أنه يصنف المصريين إلى خمس طبقات فى نظام عميق غبى ونحن دولة نصنف عالمياً على أننا من أقل دول العالم نصيباً واستهلاكاً فى الكهرباء ومع ذلك فنحن الأعلى سعراً وإنفاقاً كنسبة من الدخول على هذا القطاع الذى سيكون أحد أسباب ثورة المصريين القادمة على الحكومة والغلاء. قد نتفهم وجود شريحتين مثلاً للكهرباء إحداهما للمنازل والثانية للقصور والقطاعات السياحية ولكن أن تكون هناك خمس شرائح فهذه هى بيروقراطية من يتولون الحكم والمسئولية فينسون أنهم من هذا الشعب وينقلبون عليه فى عداوة وعدوانية مقيتة وكأنهم أصبحوا من طبقة أو بلد آخر فيمارسون السلطة بدلاً من الحكم بالعدل والنظر إلى مستويات ومعدلات الدخول التى لا تحتمل مبالغات الكهرباء والمياه.

فإذا كان الأمر كذلك وأن جميع من يتولون السلطة ينقلبون على الشعب استرضاء للقيادة الحاكمة وبدلاً من أن يبذلوا الجهد والعرق للتخفيف عن كاهل الشعب المكافح الذى تتنامى فيه نسب الفقر والأمية بسبب أمثال هذه النوعية من المسئولين فإننا ندعو الدولة للتحول إلى إعذاب مياه البحرين المتوسط والأحمر بإسناد الأمر إلى الشركات اليابانية والأمريكية مع إسناد الإدارة لمواطنى الإمارات والسعودية والكويت الأكثر رفقا بالمواطنين، كما نطالب أيضا بإسناد مرفق الكهرباء والطاقة إليهم ليكونوا أكثر رحمة بالمواطن المصرى.

سؤالى الأخير هل نغير ما نقوم بتدريسه لطلابنا فى الجامعة عن اقتصاديات المياه فى الزراعة ونعلم الطلاب أن استخدام المياه الناتجة من إعذاب مياه البحر أقل تكلفة من استخدام مياه نهر النيل فى الرى والشرب؟!! حسبنا الله ونعم الوكيل.

■ كلية الزراعة جامعة القاهرة

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.