رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دور الحركة الإسلامية الوسطية فى محاربة الإرهاب «2 -2»


اليوم وقد رأينا ما رأينا - وخصوصاً فى تونس ومصر وفرنسا - أين تقف الحركة الإسلامية الوسطية مهما كانت مسمياتها؟ وأين يقف حزب النهضة كـ«حزب سياسى»، من هذا العنف والإرهاب؟ على سبيل المثال لا الحصر.هل يكتفى بالتنديد والشجب، وبيانات التنديد، أم أن جميع الأحزاب ومؤسسات الدولة، يجب أن تقف وتنحاز، بحيث تصبح صفاً واحداً إلى جانب محاربة الإرهاب، بكل ما يملكون، لأن ذلك الإرهاب يهدد أمن واستقرار ووحدة وتماسك الأوطان، أياً كانت النظم القائمة أو المعارضة القائمة.

القصة كلها مع الإرهاب هى: يا وطن أو لا وطن. وحالات مثل العراق وسوريا وليبيا ماثلة أمام العيون، وتنتظر كلها الحل الدولى، وذلك عندما لا تستطيع الدول العربية ولا الإسلامية أن تجد حلاً لقضاياها، طبعاً بعد الإنهاك وبعد التدمير. سلمية الدعوة لا تعنى أبداً سلبية الدعوة، بل فيها كل الايجابية. والمفترض أن الحركة الإسلامية تعرف أعداءها وأعداء الأمة جيداً، ولا تقف أبداً إلى جوارهم، ولا تستعديهم على أوطانهم ولا شعوبهم من أجل أن تبقى فى الحكم أو تعود إليه باسم الشرعية.

من واجب الدعوة الوسطية - مهما كانت فى صف المعارضة - للنظم القائمة أن تسعى للحفاظ على وحدة الوطن، لأن ذلك من منطلقات وحدة الأمة، أما تفتيتها وتمزيقها وتضعيفها، فيجعلها المطمع الأول للطامعين فيها وفى خيراتها، ولا ينال أهلها فيها ولا منها خيراً.

والحفاظ على وحدة الوطن يستنهض همم الجميع، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. كما تعلمنا فى الفقه والأصول والمناهج التربوية.

على الحركة الإسلامية الوسطية، أن تقوم بمحاربة التطرف والعنف والتشدد والإرهاب الفكرى والدعوى، ثم تقف إلى جانب محاربة الإرهاب بقوة، لأن الإرهاب يحتاج فى مواجهته إلى علاج للفكر والفهم والعقل، وعلاج على الأرض لمواجهة خطورته، وكما تعلمنا فى الأمثال الدقيقة، فإن الحديد بالحديد يفلح، وليس ذلك بالتنديد والشجب.

طبعا ذلك العنف اللفظى أو المادى - كما ظهر من أقوال وأفعال ومواقف، ينقل الحركة الوسطية من وسطيتها إلى أن تكون بجانب جماعات العنف واستخدام القوة المسلحة فى غير موقعها ولا موضعها رضيت بذلك أو لم توافق عليه، فهمت ذلك أو لم تفهمه. ولا تكون الدعوة بهذا هى الدعوة السلمية ولا الوسطية، واستخدام القوة فى شعب أعزل هو مما يؤكد الإرهاب أو العمليات الإرهابية ويحتاج إلى علاج حاسم.

إذن العنف ليس هو العلاج، حتى لبعض المظلوميات. والتشدد والتكفير لا يمكن أبداً أن يكون وسيلة للإصلاح ولا الحفاظ على الأوطان، وهذا لا يعنى الاستسلام للظلم.

الحركة الإسلامية الوسطية - أياً كانت وأين كانت - وطنية أو عالمية، عليها أن تراجع مواقفها، وأن تفهم الواقع فهماً دقيقاً، وأن تأخذ بالواجب الشرعى «وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ»، وإلا فإنها وما تقوم به من تربية وجهد كبير فى هذا الجانب يضيع هباء، وتكون الحركة مع ضخامة جسمها، كما يقول المثل المصرى «كالجمل يردم ما يحرثه أو ما يحرثه الآخرون».

الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر له قواعده، والدعوة لها قواعدها وأصولها، والعمل السياسى له قواعده وأصوله، والخلط بين هذه الحالات، لا ينتج عنه نتائج مرجوة ولا منشودة، وآن الأوان أن نستفيد من التجارب المريرة، وأن تعمل لصالح الأوطان ووحدتها، وأن نسعى لوحدة الأمة، وأن نتعلم الديمقراطية الصحيحة وأن نأخذ منها ما يناسبنا، ونعتمد على قيمنا وأخلاقنا ومبادئنا التى يجب أن يستفيد منها الغرب لأنها قيم إنسانية راقية وخصوصاً السماوية منها. والله الموفق