رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نفثة قديمة جديدة «1-2»


تقول بعض المصادر إن أمير الشعراء أحمد شوقى، قال القصيدة التالية، وهو يغنى مع الشعب آماله فى الدستور والنظام البرلمانى، ومن ذلك أن النظام البرلمانى الجديد الذى أخذت به مصر لعهد الملك فؤاد أحدث حرية واسعة بين الجماعات والأفراد، ولم تلبث هذه الحرية أن تحولت إلى تهاتر وتناحر شديد بين الأحزاب وصحفها...

... وشوقى فى قصيدته إنما يعبر عن الشعب الحزين الذى نال بعض حقوقه، فاستغلتها الأحزاب لتحصل على كراسى الحكم، كأنها مغانم أو مكاسب لها، تملأ حجورها هى وأنصارها بالذهب، وتترك الشعب وراءها ينقّ فى طينة البؤس نقيق الضفادع. هذه المقدمة من موقع «صدى البلد» تعليقاً قديماً مستجداً، كما قال الشاعر المصرى العظيم، أمير الشعراء أحمد شوقى، منذ عدة عقود، عندما شاهد قضية مستعصية هى قضية الخلاف فى الأمة فقال:

إِلامَ الخُلفُ بَينَكُمُ إِلاما

وَهَذى الضَجَّةُ الكُبرى عَلاما

وَفيمَ يَكيدُ بَعضُكُمُ لِبَعضٍ

وَتُبدونَ العَداوَةَ وَالخِصاما؟

هذا التساؤل العجيب لايزال قائماً، ليس فقط فى المجال السياسى أو الإدارة أو الحكم، بل فى كل الميادين عجباً وأسفاً. وليس ذلك الخلف أو الخلاف، فقط بين الدول مع اختلاف الألوان السياسية، واللغات والمصالح أو القوة أو الضعف أو التقدم العلمى أو التخلف، بل بين الدول، حتى تلك التى تدين بدين واحد، وقد ترتدى رداءً واحداً وعاداتها واحدة وأعرافها واحدة، وتقاليدها واحدة فى الغالب الأعم، بل أحياناً بين الأسرة الواحدة فى الوطن الواحد، وقد يكون كلهم من المتعلمين تعليماً عالياً أو من العمال أو من الفلاحين أو غير ذلك. انظر إلى هذا الوضع بتعجب شديد وألم أشد، لما لا نكون على قلب رجل واحد فى الأسرة، وفى الشارع وفى البلدة أو القرية أو المدينة أو الوطن أو الأمة؟ على مستوى الأسر الواحدة، ترى ملفات كبيرة وقضايا عديدة فى المحاكم، بعضها بسبب الإرث حتى البسيط منه، وقد تمتد تلك القضايا من الأجداد الى الأحفاد، وتظل فى المحاكم عشرات السنين ويرث الأبناء ثم الأحفاد، أسفاً وعجباً مرة أخرى وألف مرة، تلك العداوة والخلاف. وقس على ذلك الخلاف بين الأحزاب السياسية.

أما بين الدول فحدث ولا حرج، فهذه قضية فلسطين التى غيرت خريطة العالم والأمة المسلمة والأمة العربية فى عصرنا، ولاتزال تشهد انتفاضة وراء أخرى، أمام الإجرام الواضح بسند غربى وأمام المظالم العديدة، ولا جدوى حاسمة فاصلة من اجتماعات الدول العربية وحدها أو مع غيرها من دول أمريكا الجنوبية، ولا آسيا ولا أفريقيا ولا أوروبا تحت أى سقف، حتى لو كان دول اليورومتوسطية. المراهم لاتصلح إلا للتسكين، ولا تعالج إذا كان الأمر يتطلب جراحة أو بتراً. ما نشاهده اليوم – فى فلسطين – ويشاهده العالم أجمع لا يقره عاقل ولا يقبله أحد، قوياً كان أو ضعيفاً، وكلام الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ما هو إلا مرهم ومسكن أمام الظلم العالمى بقيادة أمريكا. والله لو لم ينجح العرب والمسلمون والأحرار فى العالم فى حل مرض وعادل ومقبول لقضية فلسطين، فلن ينجو من الشر الصهيونى أحد، وبوادر ذلك اليوم على الحدود القريبة أو البعيدة فى سوريا والعراق ولبنان ومصر وغيرها من الدول العربية والإسلامية. إسرائيل الصهيونية منكر يجب أن ننكره جميعاً فى الشرق وفى الغرب، وفى الشمال وفى الجنوب. لك الله يا فلسطين» إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ” ونحن ندعو الله تعالى أن يعين أهل الحق، إنه نعم المولى ونعم النصير. أقول نعم كما قال الشاعر على محمود طه رحمه الله تعالى:

وليس بغير صليل السيوف

يجيبون صوتاً لنا أو صدى

وصليل السيوف هنا، ومصادر القوة، تتغير من عصر إلى عصر، ومن ميدان إلى ميدان. والله الموفق.