رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الاستهداف الأمريكى المنظم لمصر


ليس غريباً أن تقف أمريكا ضد محاولة مصر للخروج بالمنطقة العربية من الأزمات التى كانت تريدها واشنطن فى الشرق الأوسط، وقد كانت أمريكا وحليفها البريطانى يدركان أن نفوذهما فى الداخل المصرى كان قد ترسخ مع الوقت فى شكل مصالح تجارية ومنظمات حقوقية والآن فى شكل أحزاب سياسية...

... بل ووصل هذا الدور إلى قمته بعد ثورة 25 يناير 2011، بأن باتت السفارة الأمريكية دولة داخل الدولة وأصبحت واشنطن قبلة كثير من السياسيين خلال الفترة من 25 يناير وحتى ثورة 30 يونيو.

منذ ذلك الوقت كانت واشنطن تعى جيداً أنها سيطرت على المناخ السياسى والمشهد الإعلامى من خلف ستار، ولم يكن بعيداً عن يدها إلا الجيش المصرى والمؤسسات الأمنية فى مصر، وقد كانت واشنطن تنوى استخدام الإخوان وغيرهم ممن يطلقون على أنفسهم جهاديين وهم فى الواقع إرهابيون فى كسر القلب الصلب للدولة والوصول بها إلى حالة الدولة الفاشلة تمهيداً إلى فصل طويل من الفوضى المنظمة التى كانت ستصل بمصر فى النهاية إلى تقسيم فعلى وانهيار شامل بعد أن نتكلف حجم ضخم من القتلى قد يتجاوز المليون مواطن، وقد كان الرهان الأمريكى على تسكين المجتمع ومنع استفاقته حتى يتثنى لها التفكيك بحرية واستهداف الجيش وتفكيك لقلب الدولة الصلب.

فى 30 يونيو خرج المصريون فى رد فعل مبكر لم يتوقعه الأمريكيون، وبدا الجيش المصرى فى فك الحصار الأمريكى الذى نجح لبعض الوقت فى السيطرة على المناخ السياسى المصرى، وهنا بدأت مصر تستعيد أمنها واستقرارها، وتزيل كل مخلفات الفوضى، وقد بدأت مصر مع بداية فترة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كسر أطواق الحصار الأمريكى إقليميًا، إذ بدأ الأمريكيونيدافعون عن نفوذهم فى مصر من خط الدفاع الثانى بالنسبة لهم فى ليبيا والسودان وسوريا.

بدأت مصر تستعيد دورها فى المنطقة بعيدا عن الفلك الأمريكى، وبدأ الجيش المصرى يقود عملية استقرار القرار الوطنى بسياسة تنويع مصادر السلاح والتى بدأت بعد 30 يونيو 2013، تبع ذلك اتباع تحقيق نسب نمو اقتصادى جيدة وبدأت مصر تتبع سياسات تعمير سيناء وبدايته إقليم قناة السويس والذى كان إشارة البدء له هو قناة السويس الجديدة، والأكثر من ذلك تسديد مصر ديونها وأقساط الديون وفوائدها للمؤسسات الدولية وكذلك شركات البترول الأجنبية العاملة فى مصر، كل ذلك دون مساعدات خليجية منذ أن تولى الرئيس السيسى فترة ولايته ودون اللجوء إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولى، وكذلك توقعت المؤسسات الدولية تحقيق مصر لنسبة نمو ستصل إلى 5% خلال العام 2016.

هنا أدركت واشنطن أن عليها أن تشن هجومها من جديد على مصر فى محاولة لاستعادة نفوذها وكسر إرادة مصر وجيش مصر، لذلك لا تتعجبوا من الدعوات المستقبلية للتظاهر، ولا تندهشوا إذا وجدتم رجال أمريكا يعودون الواحد تلو الآخر إلى المشهد تحت شعارات استعادة الثورة، لكن فى حقيقة الأمر أدركوا هم أم لم يدركوا فهم فقط يلعبون دوراً مكملاً للأهداف الأمريكية على أرض مصر.