رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

داعش والأمن القومى «1-2»


أشعل صعود «داعش» المتزايد، وبالأخص التساؤل المُلِّح حول دوافع انضمام بعض الشباب العربى و الغربى من جميع أنحاء العالم للتنظيم، جدلًا استقطابيًّا مألوفًا. فمن ناحية، هناك فريق يعتقد أن الأيديولوجية والدين والثقافة هى الدوافع الرئيسية وراء ذلك. فالمتأسلمون المتطرفون الراديكاليون والجهادية وصراع الحضارات كلها أجزاء متكاملة لا تتجزأ. ولعل الحجة القائلة بأن الصراع الحقيقى ينبغى أن يكون داخل الإسلام نفسه بين الراديكاليين والمعتدلين تُمَثِّل النسخة الأدق فى تعبيرها عن هذا الرأى، إذ تعطى الأولوية للعوامل الأيديولوجية.

بينما على الجانب الآخر، تتفوق العوامل الاجتماعية والاقتصادية على عوامل الأيديولوجية والدين. فنقص التعليم والبطالة والفقر وغياب الترقى كلها عوامل تخلق شعورًا متزايدًا بالإحباط والتطرف. ووفقًا لذلك الجانب، يعد نقص الفرص الاقتصادية والاجتماعية أكثر أهمية من حرب الأيديولوجيات أو حتى صراع الحضارات.

كلا الاتجاهين حجته مقنعة تصاحبها تداعيات كبيرة على صانعى السياسات، لكن المفتاح الرئيسى فى فهم دوافع المنضمين لداعش هو بالذهاب لأبعد من العوامل الاجتماعية الاقتصادية البسيطة أو حتى العوامل الأيديولوجية البحتة. فبدلًا من ذلك، تستحق نظرية «الحرمان النسبى» المزيد من الاهتمام عندما يتعلق الأمر بهذا السياق. على عكس «الحرمان المطلق»، يرتبط الحرمان النسبى بتنامى الطموحات والتوقعات. فالحرمان النسبى هو حالة تصف الاستياء الذى يتولد لدى الفرد نتيجة إدراكه أن ما يحصل عليه من مقومات المعيشة هو حد الكفاف، وهو أقل بكثير مما يستحقه أو يتوقعه، أو بمعنى آخر ما يحصل عليه فى مقابل ما يتوقعه ويستحقه. بالإضافة إلى مقارنة وضعه بقرنائه فى مجتمعات أُخرى أو حتى نفس مجتمعه، حيث غياب العدالة الاجتماعية، وغياب عدالة توزيع الفرص. وهو يختلف عن الحرمان المطلق، أى غياب مقومات الحياة الأساسية كالغذاء والمال.

كلا الاتجاهين يمكنه إيجاد أرضية مشتركة فى حالة أنهما اتفقا على أن تكون العوامل الأيديولوجية أكثر أهمية عند تصاعد الطموحات الاقتصادية والاجتماعية، لكن تلك الأخيرة لا تزال بطريقة أو بأخرى غير محققة بعد. لذا، فإن اتساع الفجوة بين التوقعات والفرص يؤدى إلى التطرف الأيديولوجى. التحدى الذى ينبغى علينا معالجته هو المظالم التى يستغلها الإرهابيون وتشمل المظالم الاقتصادية. فالفقر وحده لا يجعل شخصًا يصبح إرهابيًّا، كما هو الحال أن الفقر لا يجعل شخصًا يصبح مجرمًا. هناك الملايين، بل المليارات من الناس فى هذا العالم يعيشون فى فقرٍ مدقع، ويركزون على ما يمكنهم القيام به فى سبيل بناء حياتهم بحيث لا يضطرون أبدًا لاحتضان أيديولوجيات عنيفة متطرفة. وعلى العكس، هناك بعض الإرهابيين قد يأتون من خلفيات تتمتع بالثراء الفاحش مثل «أسامة بن لادن».

ونظرا لأن الإرهاب لا دين له و لا وطن و لا زمان و لا مكان فلقد قام المدعو «محمد يوسف عبدالعزيز» و يبلغ من العمر 24 عاماً بعمل إرهابى بالهجوم على مكتبين للتجنيد فى منطقة تشاتانوجا فى ولاية تينيسى الأمريكية و قتل 4 من قوات المارينز الأمريكية وذلك يوم الخميس الماضى، مما يتطلب الأمر تعاون الجميع على مكافحة الإرهاب وتوعية الشباب بخطورة انضمامهم لتنظيم «داعش» الإرهابى.. وإلى اللقاء يوم الخميس المقبل بإذن الله تعالى.