رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حتمية قانون الإرهاب


.. وقد أثنت معظم دول العالم على ذلك التشريع ورأوا أنه جاء فى حينه وأنه لابد منه، وذلك بالنظر لما يحدث من عمليات إرهابية، وأن مصر بالفعل كانت هى الدولة التى قامت بالتصدى للإرهاب ومواجهته على «مستوى العالم» وأنها تتخذ التدابير القانونية إلى جانب تدابير المواجهة بالقوة له لتصفية وتجفيف منابعه.. وهو ما يؤكد على شىء مهم أن مصر لم تواجه الإرهاب بالقوة فقط من خلال التعامل مع هذه العناصر الإرهابية وتصفيتها ولكن أيضاً من خلال سن التشريعات التى تنص على مجموعة من الإجراءات التى تتخذ من قبل الجهات المختصة وهى بعض الدوائر فى المحاكم والتى تتطلب السرعة والإنجاز فى إجراءات المحاكمات وإصدار الأحكام.

وقد يكون ذلك الإجراء التشريعى فى ذلك القانون المشدد هو أحد مصادر القضاء على الإرهاب من خلال توفير عنصر الردع «deterrence» للجماعات المتطرفة أو الأفراد التى تسعى للدخول فى مثل هذه الخلايا ومراجعة أنفسهم أكثر من مرة قبل الانضمام لهذه الجماعات أو القيام بعملية تشكيلها.. وهو هنا يعنى شقاً مهماً فى هذه العملية وهو الشق الوقائى، أى التعامل مع الظاهرة منذ البداية.. وقد يرى البعض أن ذلك القانون ينطوى على قدر كبير من الغلظة ولكن من المؤكد أن الظروف التى تمر بها البلاد هى التى فرضته وضمنت صدوره وأن الحماية التى يوفرها ذلك القانون ليست للمواطن العادى أو للبلد.. ولكن أيضاً وذلك ما قد لا يدركه الكثيرون هى أنه يوفر حماية لهؤلاء الأفراد أو الأشخاص الذين يمكن التغرير بهم للدخول فى هذه الأنشطة تحت العديد من الدعاوى الزائفة.. وذلك «بردعهم» ومن ثم يتم حمايتهم قبل أن يصبحوا عناصر متطرفة فى مواجهة مع الدولة.. كما أن قانون الإرهاب يعنى فى ذات الوقت أن أى إجراء سوف يتخذ حتى ولو كان صارماً سوف يكون بناء على نصوص قانونية واضحة المعالم منذ البداية هدفها تحقيق ليس فقط الأمان للمواطن ولكن تطبيق «القاعدة القانونية»..

لذلك فإن إصدار قانون الإرهاب هو إحدى الخطوات فى مواجهة الإرهاب إلى جانب القوة.. ولكن هناك أيضاً إلى جانب هذه الإجراءات التشريعية إجراءات أخرى لمواجهة ذلك الإرهاب الذى يولد من رحم التطرف القائم على أساس فكرى أو عقائدى والذى يعنى القناعة بأفكار معينة والإيمان بها ومحاولة فرضها على الآخرين بالقوة وأن هذه الأفكار لا يمكنها أن تتصالح مع غيرها وهى ترفض التفاهم والحوار لديهاغائب تماماً بمعنى الحوار التفاهمى القائم على المناقشة وتقديم الحجج والتى يرفضها بالتأكيد المتطرفون دون أى محاولة للتفاهم أو الحوار مع الآخرين أمر قد يصل إلى حد الخيانة العظمى لمبادئ الجماعة أو الخطيئة.. لذلك فلابد من تغيير قواعد الحوار الفكرى الذى لابد وأن يقوم على قبول الآخر والإقرار بأن الاختلاف ميزة وأمر وجوبى وإيجابى فى الحياة.. لذلك كانت دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى تجديد الخطاب الدينى هدفها تحقيق ذلك الهدف وهو الوصول إلى الوسطية التى تعنى بقبول الأمر وتعنى شيوع التسامح بين الأديان ولا يصبح لدينا ذلك المبدأ المغلوط المعروف وهو «تناقشنى أناقشك تقنعنى أقنعك» وحتى ذلك ليس موجوداً بين هذه الجماعات المتطرفة الأحادية فى التعامل والتى ترفض الحوار من الأساس وتجعل بدلاً منه «التصفية الجسدية».