رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

منظور آخر فى مشروع قناة السويس


التوحد الشعبى المذهل الذى خلقه ذلك المشروع القومي، يُعد رصيداً هائلاً فى ميزان قوة الدولة المصرية. ولذلك فإن الدعاوى الكاذبة التى انطلقت من الأبواق المعادية للتقليل من أهمية المشروع، لم تكن للنيل من المشروع بقدر ما كانت بغرض تفتيت ذلك التوحد الشعبى الذى أثار الخوف والفزع فى قلوب أعداء الوطن.

تحتفل مصر اليوم بافتتاح مشروعها القومى العظيم قناة السويس الجديدة، الذى أبهر العالم بفكرته ومستوى تنفيذه ومدة إنجازه، بما يمكن وصفه بالمعجزة التى تدل على عبقرية المصريين وجوهرهم النفيس وقدرتهم على قهر المستحيل وتحدى الزمن.

وإذا كان لهذا المشروع العملاق مردودات إيجابية وفوائد عظيمة فى كلا المجالين السياسى والاقتصادى على نحو ما أصبح واضحاً للجميع، فإننى أعتقد أن له جوانب أخرى فى غاية الأهمية تستحق النظر بإمعان والانتباه إليها، ونوجز بعضها فيما يلي: «١» إنه إذا كانت ثورة 30يونيه المجيدة قد استطاعت بحق أن تعيق وتوقف تنفيذ المخطط الأمريكى الصهيونى التآمرى لتدمير وتقسيم المنطقة وهو المخطط المعروف بـ«مشروع الشرق الأوسط الجديد»، وحالت دون تنفيذه فى مصر، فإن مشروع قناة السويس الجديدة سيكون أحد العوامل الرئيسية لإسقاط ذلك المخطط نهائياً على الأقل فيما يتعلق بالدولة المصرية. وإيضاحاً لذلك نقول إن ذلك المخطط الاستعمارى كان يهدف إلى تقسيم الدولة المصرية، وكانت أولى مراحله فصل سيناء أو جزء منها عن السيادة المصرية تحت دعاوى مختلفة وبما يحقق فى النهاية أغراض ومصالح الكيان الصهيونى على حساب الدولة المصرية وأمنها وسلامتها، ولقد تواطأ النظام الإخوانى الفاشى لتنفيذ ذلك المخطط وبدأ خطواته العملية بالفعل تحت شعارات زائفة وبقرارات وإجراءات كادت أن تطيح بالسيادة المصرية على أرض سيناء ومدن القناة ، إلا أن الشعب الذى استرد وعيه وأحس بحجم التآمر عليه وأدرك حقيقة الجماعة العميلة التى كانت تحكمه، انطلق بثورته بعد ذلك ليؤكد إصراره على التمسك بكل شبر من ترابه الوطنى والمحافظة على كل مقدراته الاقتصادية، فكان مشروع قناة السويس الجديدة وما يرتبط به من مشروعات آخرى، دليلاً على هذا الإصرار وتأكيداً للسيادة الوطنية، وهو ما يُعد الضربة الحاسمة لإجهاض وإسقاط فكرة انتزاع السيادة المصرية من على أرض سيناء أو منطقة القناة مهما كانت أنظمة الحكم فى مصر، لأن المصريين توحدت رؤيتهم وعقيدتهم وإرادتهم فى هذا الإطار، وأقاموا مشروعهم القومى الخالد فى ذات البقعة التى كان يطمع فيها أعداء الوطن الذين لن يكون أمامهم من سبيل إلا التراجع عن مخططهم الآثم. «2» إن التوحد الشعبى المذهل الذى خلقه ذلك المشروع القومي، يُعد رصيداً هائلاً فى ميزان قوة الدولة المصرية. ولذلك فإن الدعاوى الكاذبة التى انطلقت من الأبواق المعادية للتقليل من أهمية المشروع، لم تكن للنيل من المشروع بقدر ما كانت بغرض تفتيت ذلك التوحد الشعبى الذى أثار الخوف والفزع فى قلوب أعداء الوطن، ومن ثم فإن وحدة الصف المصرى فى حد ذاتها والتى تحققت بهذا المشروع، لهى من أعظم ثمار المشروع التى لا يعادلها شىء. «3» من المعلوم أن الصحارى والجبال والممرات المائية تعد أهم الموانع الطبيعية التى تساعد فى تأمين حدود الدول. وإذا كانت صحراء سيناء تمثل مانعاً طبيعياً لمصر فى مواجهة عدوها الأزلى وهى إسرائيل، ثم تأتى قناة السويس لتمثل المانع الطبيعى الثانى، فإن حفر القناة الجديدة يمثل المانع الطبيعى الثالث الداعم لأمن مصر القومى. ولا شك فى أن موقع المشروع قد تم اختياره بعناية فائقة بما يتوافق مع اعتبارات أمننا القومى ويزيد من دعائمه. «4» إن إنجاز المشروع فى ظل التحديات الجسيمة التى تواجهها مصر فى الداخل والخارج والظروف الصعبة التى تحيط بها، كان بمثابة ملحمة كفاح ونضال وهى حالة دائماً ما تستنهض الملكات الإنسانية الخلاقة خاصة فى مجال الفكر والثقافة، ولذلك فإن هذا المشروع القومى الذى ألهب مشاعر المصريين سيكون باعثاً لملكات الإبداع الحقيقية فى مجال العلوم والأدب والفنون المختلفة بما يحقق نهضة مصر الثقافية لتتبوأ مكانتها الحضارية المستحقة.. حفظ الله مصرنا الغالية ، وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل.

لواء بالمعاش