رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تشجيع الاستثمار.. ومعاقبة المستثمرين!


أراد محافظ البنك المركزى القضاء على السوق السوداء وتنظيم الاحتياطى النقدى من الدولار، فكان أن تعطلت عجلة النشاط الاقتصادى وانخفضت قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار، وارتفعت الأسعار وانتعشت السوق السوداء.

أراد محافظ البنك المركزى القضاء على السوق السوداء ورفع وديعة الدولار فى البنك المركزى فكان أن عطل دوران عجلة الاقتصاد.

فالمستورد المتعاقد على بضاعة قيمتها مليون جنيه يحتاج إلى ثلاثة شهور لكى يودع هذا المبلغ على دفعات يومية، كل منها عشرة آلاف دولار، وفقاً لسقف الإيداع الذى حدده البنك المركزى وفقاً لسياسته النقدية الجديدة، ويعرف الاقتصاديون أن تعطيل دورة رأس المال يترتب عليه خسائر ضخمة جراء تأخر العملية التجارية، وهى خسائر تلحق بدوائر كثيرة من المرتبطين بعمليات الاستيراد.

تبدأ بالمستوردين مروراً بالتجار وانتهاء بالمستهلكين.

والسؤال هو: كيف نطلق التصريحات وندبج البيانات ونتحدث فى الميكروفونات والمؤتمرات عن تشجيع الاستثمارات الأجنبية.

وفى ذات الوقت نعوق الاستثمارات بإجراءات نقدية بيروقراطية، ونعاقب المستثمرين الأجانب، ونحظر خروج أموالهم ونقوم بتفتيش جيوبهم قبل السفر للخارج دون النظر إلى أن تشجيع الاستثمارات الأجنبية معناه فرص عمل جديدة وزيادة فى الناتج القومى، ونمو فى النشاط الاقتصادى إلى غير ذلك من النتائج التى يعرفها القاصى والدانى!

لقد أخطأنا فى تشخيص أسباب المشكلة الاقتصادية، وبالتالى تحديد العلاج.

ظننا أن المشكلة الاقتصادية تكمن فى السياسات النقدية بينما هى جزء قليل من السياسات الاقتصادية، فالمشكلة فى السياسة الاقتصادية لا فى السياسة النقدية.

فالهدف من النشاط الاقتصادى وكما يقول الخبراء ليس زيادة الاحتياطى النقدى من الدولار فى البنك المركزى والتغنى بأن الاحتياطى وصل إلى كذا مليار.

ولكن الهدف هو زيادة رقعة النشاط الاقتصادى حتى ولو انخفض الاحتياطى مرحلياً لكنه سرعان ما سيعود أضعافاً مضاعفة نتيجة لتدفقات رؤوس الأموال، وتسريع عجلة دوران رؤوس الأموال.

فالهدف ليس تعظيم الاحتياطى النقدى من العملة الأجنبية، ولكن توظيف واستثمار ما لدينا من أموال، وليس التعامل مع الاحتياطى النقدى بثقافة «تحويشة العمر» ووضعه «تحت البلاطة»!

السياسة الاقتصادية هى التى تصوب السياسة النقدية وليس العكس.

والعربة يجب أن تكون خلف الحصان.. لا العكس!

هذه معلومة أبجدية، وليست اختراعاً عبقرياً!