رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حينما تكون الدراما هادفة!!


انتهى شهر رمضان هذا العام كما انتهى فى الأعوام السابقة وكما سينتهى فى الأعوام القادمة بمسلسلاته الهابطة وبرامجه التافهة وفى ظل غياب الضمير الوطنى سوف نظل نكتب ونحرق فى دمنا والمسئولين لا يشغلون بالهم بخطورة هذه الأعمال على المجتمع، أموال كثيرة يتم إنفاقها على هذا الإسفاف تدخل معظمها أرصدة الفنانين فى البنوك، الضرر كبير على البلد فالموضوعات التافهة وتركيزها على السلبيات وفقط وكأنهم لا يرون فى مصر نماذج إيجابية تستحق أن يشاهدها المواطنون على الشاشة، هذا الكلام نكتبه كل عام وللأسف الأمور فى ازدياد كما وكيفا وكأن أهل الفن والدراما فى مصر اتفقوا على خرابها وتدمير شبابها، ووسط هذا الكم الهائل من التفاهات التى تقدمها شاشات الفضائيات، فإن الإذاعة المصرية مازالت تحاول الاحتفاظ بقيمها ومبادئها فقدمت هذا العام أعمالا رمضانية محترمة سواء برامج أو دراما، حيث أنتجت إذاعة البرنامج العام مسلسلين غاية فى الأهمية وبملاليم مقارنة بتكلفة الشاشة، المسلسل الأول»شيخ من باريس» تأليف الكاتب الكبير محمد السيد عيد وهى دراما محترمة تسلط الضوء على الإسلام المعتدل من خلال قصة حياة الشيخ مصطفى عبدالرازق شيخ الأزهر الأسبق وأحد تلاميذ الإمام محمد عبده، والمسلسل الثانى هو «التنظيم السرى «للمفكر ثروت الخرباوى حول التاريخ الأسود لجماعة الإخوان فى القتل والإرهاب ويُظهر مؤسسها حسن البنا ليس فقط قائد تنظيم إرهابى خرجت من عباءته كل التنظيمات المتطرفة، ولكن المسلسل أيضا يُظهر البنا بأنه خائن لبلده من خلال تعاونه مع الانجليز حتى يصل إلى كرسى الحكم، أيضا هو منافق فكان يتعامل مع الانجليز واليهود بوجه ومع المصريين وحتى أعضاء جماعته بوجه أخر، مسلسل التنظيم السرى تأتى أهميته أن مؤلفه كان قياديا سابقا فى جماعة الإخوان ويعلم خباياها وأسرارها فهى شهادة من الداخل ولأننى اعتز بصداقتى بالمفكر الكبير ثروت الخرباوى فسألته عن حقيقة الأحداث الواردة فى المسلسل فأكد لى صحتها ولكنها وضعت فى إطار درامى شيق حتى تصل إلى المستمع، هو بحق مسلسل يستحق المتابعة من المواطنين والشكر لمؤلفه ولقيادات الإذاعة المصرية على الجرأة فى تنفيذه، كما أنه يستحق اهتمام الدولة وأن يتحول إلى عمل تليفزيونى ضخم ومترجم فسوف يكون له بالغ الأثر فى توضيح الوجه الحقيقى لجماعة الإخوان وكيف أنها اتخذت الدين ومازالت تتخذه لتحقيق أغراضها فى الوصول إلى السلطة، التنظيم السرى وهو أول تجربة درامية لمؤلفه فقد تفوق على نفسه حيث قال فى المسلسل ما لم يستطع أن يقوله هو فى مئات البرامج والحوارات الصحفية أو يستخرجه منه أشهر المحاورين، وهكذا حينما تكون الدراما هادفة تستطيع مساعدة المجتمع فى النهوض والتقدم وغرس القيم الايجابية فى نفوس مواطنيه، أما ما شاهدناه على الشاشة فتأثيره المدمر لن يكون فقط فى الخسارة المادية بل التدمير الأخلاقى.