رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لن ننسى مواقفك سعود الفيصل


لن ولم ننس للأمير السعودى الراحل «سعود الفيصل» مواقفه المؤيدة لمصر شعبا وجيشا وقيادة..لن ننسى له موقفه المشرف فى حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 فى الوقت الذى كان فيه وزيرا للنفط فى عهد والده العظيم الملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- .. حينها هبت دول الأوبك «الدول العربية المصدرة للبترول.

...جنبا إلى جنب مع مصر وسوريا لاستخدام الذهب الأسود كورقة ضغط ضد قوى الشر حتى تعدل من موقفها الداعم للكيان الصهيونى ومطالبته بالانسحاب من الأراضى العربية المحتلة.. وقد كان هذا الموقف بمثابة إعلان حرب عربية-عالمية ونجح فيها العرب ولأول مرة فى فرض إرادتهم على أمريكا نفسها وبجدارة.. وحينما بعث الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون وزير خارجيته اليهودى هنرى كيسنجر إلى الملك فيصل لإثنائه عن قراره بقطع البترول عن الغرب.. ذكر «كيسنجر» فى مذكراته أنه «عندما صافح الملك فيصل فى جدّة عــــام 1973 رآه متجهما ً.. فداعبه قائلاً : « إن طائرتى تقف هامدةً فى المطار بسبب نفاد الوقود.. فهل تأمرون جلالتكم بتموينها وأنا مستعدٌ للدفع بالأسعار الحرة؟!» ..فنظر الملك وعلى وجهه علامات الغضب ورفع رأسه نحوى قائلاً: «وأنا رجل طاعن فى السن.. وأمنيتى أن أصلى ركعتين فى المسجد الأقصى قبل أن أموت.. فهل تساعدنى على تحقيق هذه الأمنية ؟!».. هذا هو باختصار الملك فيصل والد الأمير سعود.

الأمير الراحل «سعود» كان أيضا أحد أهم الدعائم السياسية المؤثرة إقليميا وعالميا فى ثورة 30 يونيه .. أيد وبكل قوة إرادة الشعب الثائر ضد جماعة الغدر والخيانة.. وهل يمكن لنا أن ننسى زيارته إلى فرنسا فى أعقاب هذه الثورة المباركة حينما قال: «من أعلن وقف مساعداته لمصر أو يلوح بوقفها.. فإن الأمة العربية والإسلامية غنية بأبنائها وإمكانياتها ولن تتأخر عن تقديم يد العون لمصر».. وأضاف:«إن هذه المواقف التى تتخذها الدول الغربية ضد مصر إذا استمرت لن ننساها ولن ينساها العالم العربى والإسلامى».. وقد كان لهذا التصريح أيضا مغزاه عند الغرب الذى يعتمد بشكل كبير على النفط السعودى.. كما أن «الفيصل» كان يعنى جيدا ما يقوله.. وهو صاحب رصيد كبير فى إدارة مثل هذه الأزمات.

الأمير الراحل لم يقف عند هذا الحد.. بل قاد بنفسه وبتوجيهات من الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز-رحمه الله- معركة شرسة ضد الأسرة القطرية الخائنة.. ومعه دول مجلس التعاون الخليجى ممثلة فى الكويت و الإمارات والبحرين فى مارس 2014 عندما اتخذوا قرارا بسحب سفرائهم من «الدوحة» احتجاجا على العداء القطرى الذى يقوده حاكم قطر الشاب ووالدته ووالده فى أعقاب ثورة 30 يونيه لصالح الأمريكان والإسرائيليين والأتراك والإيرانيين وإخوان إبليس.. وجاء تعقيب «الفيصل» بأن الأزمة مع قطر لن تحل ما لم تعدل عن سياستها تجاه الشقيقة مصر.. ولم يفت وزير الخارجية الأسبق التحذير مرارا وتكرارا من تنامى الدور الإيرانى فى العراق واليمن ولبنان وسوريا.. متهمًا «طهران» بفرض سيطرتها على التنظيمات الارهابية التى تعبث بأمن واستقرار هذه البلدان.. وكان واضحا جدا فى ميوله القومية-العربية وعدائه الشديد لسياسات الصهاينة ضد العرب بشكل عام وفلسطين بشكل خاص..وكانت آخر كلماته الإعلامية عن عملية «عاصفة الحزم» التى تقودها المملكة ضد عملاء إيران «الحوثيين» فى اليمن: «نحن لسنا دعاة حرب.. ولكن إذا قُرعت طبولها فنحن جاهزون لها». كما لعب «الفيصل» دورا كبيرا لتغيير موقف العرب من عودة عضويتها بالجامعة العربية بعد حالة القطيعة الطويلة التى فرضتها الجامعة على مصر بعد إبرامها اتفاقية كامب ديفيد عام 1979 .. والتى تسببت فى تغير الموقف السياسى للدول العربية تجاه «القاهرة».. ومن ثم تم تعليق عضوية مصر منذ هذا التاريخ وحتى عام 1989.. وقد تابعنا جميعا عواقب هذا الموقف فى الإجراء القاسى الذى اتخذته الجامعة فى اجتماعها ببغداد عام 1978دون مصر .. حيث نقلت الجامعة من القاهرة إلى تونس.. رحم الله الأمير «سعود الفيصل» وغفر له ذنبه وأسكنه فسيح جناته