رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بُنسوَار يا هانم ..!!


 إن عمق وحجم المسافة بين ما كانت تقدمه الإذاعية الرائعة " أبلة فضيلة " للأطفال من تراث ثقافي وقيم أخلاقية، وبين ما يقدمه الإعلام المصري الآن عبر فضائياته المتعددة من " إسفاف" من خلال دوميته المتحركة " أبله فاهيتا " يعبر عن جد عن عمق وحجم المسافة الحضارية، بين ما كانت مصر عليه قبل منتصف القرن السابق،وما ألت إليه الآن من تراجع يضعها بجدار على رأس بلدان العالم المتخلف ..!!

وربما يخرج علينا " متفلسف " ومدعى وطنيه ليبرر هذا التراجع بأنه كان ولا يزال بفعل "مؤامرة دولية" .. ولكننا لا نستطيع أن نتجاهل الأيدي المصرية التى كانت ولا تزال فاعلة فى "الهدم" .. ولا يستطيع هو ذاته أن ينكر هذا "التخلف" الذى بتنا فيه وربما عليه ..!!

 

وما يدلل على تلك الهوة الحضارية العميقة هو ذلك  التخلف " التقني" الشديد، الذى بات بمثابة مرض خطير، لا يهدد الاقتصاد فحسب، بل الأمن القومى بصفة عامة .. حيث أن الاعتماد على دول أخرى فى إنتاج التكنولوجيا لا يقل خطورة فى زمن المعلومات عن الاعتماد على دول أخرى فى إنتاج " القمح" .. !!

ففي عام 1913 أنشئت مصر أول محطة لإنتاج الطاقة الشمسية المركزة فى العالم،حيث مولت مصر مخترع المحرك الشمسي، العالم الأمريكي " فرانك شومان " الذى صرح بأن "مصر بلا شك هي أفضل مكان في العالم لإنشاء محطة طاقة شمسية. وأكد على ضرورة تنفيذه في مصر نظراً لأهميتها كبلد في نشر الفكرة إلى العالم ولحجم إنتاجها الزراعي. وكان لهذه المحطة الفضل فى إنشاء أول وحدة رفع بالطاقة الشمسية بحجم صناعي فى العالم، بقوة "مائة " حصان وتضخ " ستة " آلاف جالون من الماء في " الدقيقة " الواحدة؛ لري حقول " القطن " الذي ظل بدوره هو الآخر الأجود عالمياً حتى منتصف القرن العشرين، كما احتوت المحطة على خمس جامعات طاقة شمسية،  وهو ما دفع " شومان " إلى القول بـ"أن ما حدث في مصر يعد انطلاقة لعصر جديد من الطاقة في التاريخ"..!!


وعلى المستوى الأخلاقي تزداد الهوة عمقا..  فإذا كانت تقارير الأمم المتحدة قد كشفت بأن مصر هى الأسوأ عالميا من حيث " التحرش الجنسي "وأنها حصلت بجدارة على المرتبة الثانية بعد أفغانستان فى معدلات التحرش التى تجاوزت 99.3%  واتخذت أشكالاً عديدة " لمس جسد الأنثى، التصفير والمعاكسات الكلامية، النظرة الفاحصة لجسد المرأة، التلفظ بألفاظ ذات معنى جنسي، الملاحقة والتتبع ". علما بأن 80 % من المصريات محجبات ..!! فإن ما أزعج الكاتب الصحفي الكبير "فكرى أباظة " عام 1932م قيام شاب بمغازلة سيدة فى الطريق" وكتب واصفا هذه الواقعة:"  إن الشاب الصفيق من هؤلاء يتعمد الوقوف على رصيف محطة الترام بالقرب من المكان المخصص لركوب السيدات، وعندما يجد سيدة تقف بمفردها؛ يقترب منها بمنتهى البجاحة .. ليقول لها دون سابق معرفة " بنسوار يا هانم ..!!

وربما  ما وصفه فكره أباظة ة هو " التحرش الجنسى" وما نشاهده يوميا  ربما له اسم أخر هو" التجحش الجنسى" ..!!