رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يا حلاوة


يقول خبراء الاقتصاد ورجال الأعمال إن مصر تستورد 90٪ من لوازم حلاوة المولد، وإن تكاليف الحلاوة المذكورة وصلت فى العام الحالى إلى حوالى 300 مليون جنيه، وإن تكاليف استيراد المواد الخام من الخارج تبلغ هذا العام نحو 40 مليون دولار، وإن أسعار المكسرات المستخدمة فى تصنيع الأصناف الراقية من حلوى المولد النبوى ارتفعت الآن إلى ضعف أسعار العام الماضى.

هذه الأرقام لا تشمل تكاليف إنتاج الأصناف الشعبية من حلويات المولد النبوي، وهى الأصناف التى يتم إنتاجها وبيعها وتناولها فى القرى والنجوع والأحياء العشوائية، ولا يهتم أحد بالبحث عن طرق تصنيعها أو المواد المستخدمة فى صناعتها أو الأضرار الصحية المترتبة على تعاطيها، ويقال فى تبرير ذلك إن أخواننا القرويين والعشوائيين لا يتأثرون بتناول أى منتجات غير صالحة للاستهلاك الآدمي، لأنهم هم أنفسهم غيرصالحين للحياة الآدمية وغير مؤهلين لها، ولأن المنتجات المحترمة النظيفة لا تعجبهم لاختلاف مذاقها عن المنتجات التى اعتادوا عليها!!

السلفيون وقطاع من العقلاء والحكماء يقولون إن المولد النبوى بدعة من البدع، وإن الصحابة لم يحتفلوا به، وإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يحب هذه الحفاوات الشخصية أو يدعو إليها أو يشارك فيها، وبالتالى لا يجوز أن يحتفل المسلمون بمثل هذه المناسبات، ولا يجوز أن يكون احتفالهم - إن صح - مقصورًا على تناول الحلويات وتحويل الذكرى إلى مناسبة وفرصة للأكل والإسراف والعبط! ويقال فى هذا الصدد إن إخواننا أصحاب الدولة الفاطمية هم المسئولون عن كل البدع الدينية الغذائية مثل حلاوة المولد وحلاوة المواسم الدينية الأخرى، فضلاً عن الكنافة والقطايف والعاشورة والفطير ولقمة القاضى وفتة العيد الكبير وكعك العيد الصغير والأطعمة التراثية الأخرى التى يوزعها المسلمون فى المقابر «رحمة ونور» لإخوانهم الموتى!

أما دار الإفتاء فقد أصدرت بيانًا تقول فيه إن حلاوة المولد طقس شرعى وإن شراء هذه الحلاوة وتناولها يمثل تقربًا إلى الله وليس بدعة كما يزعم السلفيون، وبعد صدور هذا البيان لم يعد من اللائق الحديث عن أسعار هذه الحلاوة أو تكاليف استيرادها أو الأضرار الصحية التى تسببها للأثرياء والفقراء والعشوائيين.

بعيدًا عن الحلال والحرام والفتاوى والآراء، وصل سعر قرص الحلاوة السمسمية فى العام الحالى إلى خمسين جنيهًا «القرص الواحد وليس الكيلو» ووصل سعر العلبة ذات الأنواع المختلفة إلى 400 جنيه للعلبة العادية و800 للفاخرة، وذلك فى المحال الشعبية وسط القاهرة، وهذه المحال تشهد زحامًا أسطوريًا من كل فئات الشعب المصرى الكريم، وهذا الزحام دفع بعض السياح الأجانب للظن بأن هذه المحال توزع الحلوى مجانًا على طريقة «موائد الرحمن» الرمضانية، ولكن المرشد السياحى المرافق لهم صحح المعلومة وذكر لهم الأسعار وأكد لهم أن المصريين ودعوا الفقر إلى الأبد وصاروا قادرين على شراء السلع الكمالية الدينية بأسعار فلكية، تقربًا إلى الله