رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نظرةٌ عابرة من خارج الدائرة «1-2»


فى خضم الأحداث المتنوعة والمتلاحقة التى تشهدها مصر، والتحديات الخارجية والداخلية التى تواجهها وهى تعيد بناء الدولة بشكلٍ حضارى جديد يستند إلى ثوابت المبادئ والقيم المصرية الأصيلة، ويحقق أهداف ثورة شعبها العظيم فى 30يونيو، تبرز عدة موضوعات رأيت التعليق عليها بنظرة عابرة من خارج دائرتها.

من هذه الموضوعات تأتى الانتخابات البرلمانية القادمة، وهى الاستحقاق الثالث فى خارطة المستقبل التى رسمها الشعب بإرادته الثورية الواعية، وهو الحدث الذى بات يترقبه العالم كله بلا مبالغة. ودون التطرق إلى قانون مباشرة الحقوق السياسية والمواد الدستورية التى يستند إليها – وهى نصوصٌ فى مجملها تحتاج إلى إعادة نظر لأنها أُعدت لدعم تجربةٍ حزبيةٍ عقيمة، وتلبية مصالح ذاتيةٍ لأحزابٍ لا وجود لها فى الفكر الجمعى أو الواقع العملى للشعب المصرى –فإن ما نلحظه خلال الفترة الماضية ويثير الدهشة والتعجب، هو ذلك الصخب الهستيرى والضجيج المصطنع الذى تثيره بعض النخب السياسية والرموز الحزبية تحت مقولة «الخطر الداهم بعودة عناصر الحزب الوطنى المنحل للحياة السياسية أو تسلل عناصر التيار السياسى المتأسلم إلى مجلس النواب». ومع كل التقدير للمخاوف والهواجس التى تعترينا جميعاً من أثر تلك العناصر على مسيرة الوطن التى أرادها للمستقبل، فإننى أرى أن ذلك الصخب والضجيج بوتيرته التى تتصاعد بشكلٍ غير موضوعي، إنما يتجاوز تلك المخاوف ويهدف إلى استدراج الدولة لإجراءات الإقصاء القمعى لإخلاء الساحة تماماً لتلك الأحزاب الهلامية لتعبُر إلى البرلمان حتى ولو كان على حساب رغبة الشعب وإرادته.

وفى هذا السياق أرى بعض النقاط التى يجب الانتباه إليها:

(1) أن الحزب الوطنى مثل الأحزاب الأخرى، لم يكن فى يوم من الأيام يشكل كياناً حزبياً بالمعنى الصحيح على أرض الواقع، ولم يكن يمثل أبداً اتجاهاً أيديولوجياً محدداً فى التكوين الثقافى المصري، ومن ثَمَّ فقد ظل ارتباط أعضائه بالمجتمع ارتباطاً شخصياً وليس حزبياً. وبالتالى فلا وجود لتوجهات سياسية لذلك الحزب المزعوم يُخشى من عودتها، ويصير المستساغ منطقياً وعملياً النظر إلى هؤلاء الأشخاص وتقييمهم موضوعياً بعيداً عن فزاعة انتمائهم الحزبى السابق، احتراماً لفراسة الشعب ومشاعره أيضاً.

(2) بالنسبة لكل الجماعات والتنظيمات والرموز التى تنضوى تحت عباءة ما يسمى بالتيار السياسى المتأسلم، فأعتقد أن الشعب قد حزم موقفه منها فى ضوء ما شهده من أحداثٍ مأساوية وممارسات بغيضة لذلك التيار، ومع ذلك يبقى الاحتمال بوصول البعض منهم للبرلمان، ولكنّى أعتقد أنَّهُ بالوعى والتلاحم الشعبى، سيكون عددهم محدوداً وبالقدر المطلوب للشكل والجوهر الديمقراطي.

(3) إن مجلس النواب القادم بكل صلاحياته الدستورية الواسعة، سيكون محلاً للاختبار خلال عامه الأول، فإن بادر بإجراءات إصلاح النصوص الدستورية التى انتقصت من صلاحيات رئيس الدولة، واضطلع بمسئولياته فى الثورة التشريعية المنشودة، وعضد مسيرة الدولة التى انتهجتها بعد ثورة يونيو خاصةً فى مجال علاقاتها الدولية، فإنه سيصبح مجلساً جديراً بالبقاء، وإن لم يكن فأعتقد أن الشعب سيطيح به تأييداً لرئيس دولته الذى أصبح يمثل كل آماله الوطنية.

كاتب