رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

زمن البرغوت


تسأل إخوانك بتوع الرياضة عن سبب وكيفية حصول مدرب كرة القدم بنادى الزمالك على 48 ألف دولار شهرياً ــ أى حوالى ثلاثة ملايين جنيه ــ فيقولون لك إنه مدرب عالمى وسعره كده، ثم إن كل برغوت على قد دمه!!

تعود وتسأل أصدقاءك بتوع البنوك عن سبب استقالة عدد كبير من السادة مديرى ورؤساء الإدارات المصرفية والجهاز المصرفى فى مصر، فيقولون لك إن هؤلاء الرجال العباقرة كانوا يحصلون على رواتب شهرية توازى قدراتهم الاستثنائية وخبراتهم العظيمة، وأن منهم من كان يصل دخله الشهرى إلى ما يفوق راتب الكابتن «باتشيكو» ــ المدير الفنى البرتغالى لنادى الزمالك ــ وفى مقابل ذلك كان هؤلاء الرجال المحترمون يقومون بضبط سوق المال وإدارة القطاعات المصرفية المختلفة بأقصى قدر من الكفاءة العليا، هؤلاء العباقرة رفضوا الاستمرار فى وظائفهم، لأن الدولة المصرية الفقيرة قررت تخفيض راتب كل منهم إلى 42 ألف جنيه شهرياً وفق قانون الحد الأقصى للأجور، وقالوا إن البنوك العالمية تتنافس للحصول على خدماتهم مقابل رواتب ضخمة تصل أحياناً إلى ما يعادل عشرة ملايين جنيه كل شهر، بالإضافة إلى الفيللا والسيارة والعلاج والمصيف والحج والعمرة وشنطة رمضان وكسوة المدارس!

يقول القريبون من قطاع البنوك إن السادة العباقرة لن يذهبوا إلى بنوك أجنبية يتقاضون منها الملايين مقابل عبقريتهم ولكنهم سوف يبيعون هناك أسرار البنوك الوطنية التى استقالوا منها أو أنهم على الأقل سوف يستخدمون خبراتهم للإضرار بالبنوك الوطنية لصالح جهة العمل الجديدة! الأجور الخرافية فى مصر لا تقتصر على السادة موظفى البنوك، فهناك عصابات مليونية فى مجالس إدارات الشركات القابضة، وعصابات مليونية فى القطاعات الاستشارية بالشركات والمؤسسات العامة، وعصابات مليونية فى المناصب القيادية بالهيئات السيادية التى لا يجوز للعامة تداول أسمائها أو أسماء قياداتها، وعصابات مليونية فى القطاعات الرائجة مثل البترول والاتصالات وغيرها، وكل هؤلاء ليسوا عباقرة كإخواننا فى البنوك، ولكنهم يحصلون على الملايين رغم أنف الدولة والقانون بأساليب ملتوية يصعب حصرها أو رقابتها أو السيطرة عليها أو حتى تهذيبها.

وبعيداً عن الأجور الرسمية، هناك أشخاص آخرون يتقاضون الملايين بسبب فساد القوانين وعشوائية الإدارة، ومنهم ــ مثلاً ــ أساتذة الجامعات فى الكليات كثيفة العدد مثل التجارة والحقوق، حيث يحقق أعضاء هيئة التدريس ملايين الجنيهات من الكتب والمذكرات، ويحقق المعيدون ملايين أخرى من الدروس الخصوصية التى تسمح بها هذه الكليات حتى لا يتعجل المعيد فى الحصول على المؤهل وينضم لهيئة التدريس ويشارك فى سبوبة الكتب المليونية!1 هذا إلى جانب نجوم الدروس الخصوصية فى المدارس ونجوم الفساد فى كل قطاعات الدولة، وكل هؤلاء غير خاضعين لقانون الحد الأقصى للأجور أو الحد الأقصى للفساد، وكل برغوت على قد دمه