أباء الثورة المصرية!
دخل «عودة » السجن فى ثلاثة عهود العهد الملكى والعهد الناصرى والعصر الساداتى وظل محاربًا ومحرضاً على الثورة حتى آخر يوم فى حياته، كان يوزع أفكاره الثورية على مريديه فى مقهى «ريش » وكأنه يوزع «اللب والسودانى !» وذات يوم اتصل بى وسألنى: جهزت شنطتك؟ وكان يقصد أن نستعد لدخول السجن معًا!
فى ذلك اليوم نشرت حوارًا معه فى صحيفة «العربى » بعنوان «مصر حبلى بالثورة »! فقد كان واثقًا إن ثمة ثورة كبرى فى الطريق ومصر تعيش حالة مخاض وكنا لا نصدق تفاؤله، وقال لى ذات مرة إنه تحول إلى كاتب بالصدفة، فقد كان يرسل مقالات قصيرة ل «روزاليوسف » لتنشر فى بريد القراء وطلبت السيدة روزا استدعاءه وعينته كاتبًا!
وذات يوم سألته لمَ تركت المحاماة؟ فروى لى قصة ذات دلالات إنسانية عميقة! فحين تخرج فى كلية الحقوق افتتح مكتبًا للمحاماة بمدينة «فاقوس » بمحافظة الشرقية، و ذهب ذات يوم مع قريبه الطبيب لفحص أحد الف احين المرضى حين
اجتاح وباء «الكوليرا » مصر فى منتصف الأربعينيات!
وبعد أن فحص الطبيب الفلاح الفقيراكتشف أن حالته ميئوس منها وأنه يعانى سكرات الموت جراء «الكوليرا ».. فسأله: نفسك تاكل إيه يا فلان؟ قال نفسى فى «كوزحلاوة طحينية »! وبكى «عودة » وأخرج من جيبه قروشًا لتحقيق أمنيته، وقرر يومها
إغلاق مكتب المحاماة والنضال لاجل هذا الفلاح الفقير