رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حاكموا لصوص التاريخ


قبل 25 يناير 2011.. علا صوتنا وبُحت حناجرنا مطالبين كل شرفاء الوطن ومسئوليه بالتحرك واتخاذ اللازم نحو آثار مصر التى تسرق وتنهب وتهرب إلى الخارج. لكن أحداً لم يسمعنا ولم يتحرك لوقف هذه الكارثة!.. وكيف يتحركون ضد مافيا كانت تسيطر على مقدرات البلاد وتتحكم فى رقاب العباد وتفرط فى ثرواتنا للعدو...

... بعد ثورة 25 يناير.. استيقظنا على كارثة أعمق وأخطر مما سبق.. لم يمر علينا يوم قبل قيام ثورة 30 يونيو إلا ونسمع عن اقتحام اللصوص لمخازن وقلاع وتلال ومتاحف الآثار هنا وهناك وسرقة ما فيها!!

القطع والمومياوات والتوابيت المسروقة كانت محددة ومعروفة سلفاً.. يعنى بمنتهى الصراحة الكلام ده مالوش غير تفسير واحد فقط.. هو أن من قام بسرقة هذه الكنوز ليس غريباً عن البيت الأثرى.. والدليل على ذلك كلام د. عبدالرحمن العايدى ــ مدير الإدارة المركزية لآثار مصر الوسطى سابقاً ــ عندما أكد للإعلام أن سرقة المتحف المصرى أثناء الثورة كانت مدبرة.. ولم يكتف «العايدى» بذلك، بل عرض فيديو لعدد من الرجال وهم يسرقون المتحف فى هذه الأيام.. وتساءل: أين الكاميرات التى كانت تراقب المتحف؟!.. وأضاف: أن ثمن هذه الكاميرات يتعدى الـ 80 مليون جنيه.. وكرر تساؤله: كيف اختفت الشرائط التى سجلتها كاميرات المتحف وقت اقتحامه؟

كلام «العايدى» يؤكد ما حذر منه الخبراء عندما قالوا إن الآثار التى نُهبت من هذا المتحف تعود لعهد إخناتون وتوت عنخ آمون.. ليه؟ لأنها أصبحت هدفاً لليهود لإثبات عبرانيتهم وحقهم المزعوم فى مصر بالكذب والافتراء.. إذاً فى هذه الحالة يمكن أن نطلق على هولاء «حاميها حراميها»!! أنا عارف إن كلامى هيزعل ناس كتير منى.. لكنه فى الوقت نفسه كلام مهم ولابد أن يصل لأعلى رأس فى الدولة.. فمن خان الأمانة وفرط فى تاريخ بلده لا يجب أن يستمر فى موقعه لحظة واحدة.. بل يجب أن يحاسب على جرمه مهما طال به الزمن.ولهؤلاء اللصوص أقول إن اليهود لم يكلوا أو يملوا من التآمر ضد مصر.. وأول خطوة فى هذه المؤامرة الكبرى يمكن أن تأتى عن طريق «صهينة الآثار المصرية»..وهنا يجب طرح السؤال التالى: من الذى سمح للجمعية الجغرافية الأمريكية ذات الإدارة الصهيونية برئاسة «روبرت ميردوخ إمبراطور الإعلام الأمريكى» بأخذ عينة من رفات الملك توت عنخ أمون؟.. واسألوا د. مصطفى أمين عن سبب حديثه الآن عن نقل رفات الملك الذهبى من الأقصر إلى القاهرة؟.. ولا تنسوا أن تسألوا د. عبدالحليم نور الدين ــ أمين عام المجلس الأعلى للآثارالأسبق ــ بالمرة عمن أتاح الفرصة عام 1993 للأمريكى المدعو «كريس وود» بالحصول على 27 عينة من مومياء توت عنخ أمون؟! نقول كمان ولا كفاية كده علشان المساحة؟ نكتفى بهذا القدر على أن نؤكد استمرار الخطة الصهيونية العالمية لسرقة أكبر عدد ممكن من آثارنا عن طريق وسطائهم هنا.. هذه الأطماع لم تقتصر على مصر.. بل شملت العراق الجريح وليبيا وسوريا واليمن.. فقد سرق نفس لصوص التاريخ من ليبيا آلاف القطع النقدية والأثرية الثمينة من خزانة «البنك التجارى فى بنغازى» أثناء ما سمى بـ «ثورة الربيع العربى» كما سرقوا ونهبوا كنوز العراق وخرَّبوا متاحفها.. وقد كشفت الصحف العراقية عن سرقة ألف قطعة أثرية عراقية معروضة حالياً فى متحف الأرض بإسرائيل!!. أما فى سوريا فإنهم الآن يعيثون فى الأرض فساداً.. فمنذ أيام نشرت الجرائد السورية خبر اختفاء تمثال نادر للإله «بعل» من قلب المتحف فى غفلة من مدير المتحف!!..هذا ومازال مسلسل سرقة الآثار فى وطننا العربى مستمراً.

ملخص الكلام ده كله: إننا نطالب القيادة السياسية بحصر شامل لكل آثار مصر حتى نعرف المسجَّل منها وغير المسجل.. وكذلك ما سرق منها وهُرّب للخارج وما هو موجود.. إضافة إلى ذلك التأكد من أن آثارنا الموجودة فى المتاحف والمعارض الخارجية أصلية أم مزيفة؟.. فهل ستستجيب قيادتنا الحكيمة لهذا الطلب من مواطن بسيط يعشق بلده ويخشى عليها من المؤامرات الخارجية والداخلية؟

كاتب صحفى