رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الوسواس القهري قد يدفع المريض إلى الانتحار

جريدة الدستور

تجد أحد الأشخاص يقوم بغسل يديه بشكل مرضي، أثناء جلوسك مع عائلتك أو أصدقائك، هذا الأمر لابد وأن سبب لك الكثير من الإزعاج، لتجد نفسك تتكلم بعصبية إلى هذا الشخص، وتطلب منه أن يتوقف عن هذا الفعل، إلا أنك لا تعلم أن هذا الأمر خارجا عن إرادته، ولا يستطيع التحكم به، لأنه مريض بالوسواس القهري، الذي يعد نوعا من اضطرابات القلق يميز أفكارا ومخاوفا غير منطقية ينتج عنها تصرفات قهرية.
أوضح الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أن الوسواس القهرى عبارة عن أفكار تنتاب الفرد بصورة متكررة ومبالغ فيها، وخاصة عندما يكون منفردا مع نفسه، وتكون هذه الأفكار لها علاقة بشيء مهم بالنسبة له، كأن يكون متدين، فتراوده أفكار عن الذات الإلهية والعقيدة، ويبدأ في التشكيك فيهم أو قول الألفاظ النابية عنهم، ويكون المريض مقتنعا بأن تلك الأفكار خاطئة لكنه يعجز عن التخلص منها.
وأضاف فرويز أن المريض بالوسواس القهري يلجأ إلى تكرار ما فعله عدة مرات، كأن يقوم بغسل يديه عدة مرات وفي كل مرة يأخذ وقتا طويلا، وهناك ايضا المخاوف المرضية كالخوف من الأماكن المغلقة والعالية والمزدحمة، وهناك حالات يسيطر عليها اعتقاد بأنه مريضة بمرض معين،مشيرا إلى ان هناك أفكار لحظية تحتل فكر المريض للحظات معينة، ولا يستطيع التخلص منها، الأمر الذى يدفعه إلى تنفيذ الفكرة كالقتل.
وأشار فرويز إلى أنه يجب التفرقة بين الشخصية الوسواسية والوسواس القهري، فالشخصية الوسواسية ليس لها علاج وإنما يمكن إعطاء الشخص أدوية تقلل من حدتها، وتجعله قادرا على التكيف مع المجتمع، كما أن هذه الشخصية تكون راضية عما تفعله وعما ينتابها من أفكار بغض النظر عن موقف الآخرين من ذلك، أما الوسواس القهري فالمريض يشتكى مما يحدث له ومما يفعله، مضيفا أن المريض بالوسواس القهرة ليس شرطا أن تكون له شخصية وسواسية.
وقال فرويز، إن علاج الوسواس القهري يعتمد على كل من العلاج المعرفي والسلوكي، فالعلاج المعرفي هو أن نخبر المريض عن ماهية المرض وأعراضه وأنواعه، أما السلوكي فيكون عن طريق مساعدته على الاسترخاء، وجعله يقضى على القلق باستمرار، الأمر الذي يساعده على التخلص من الأفكار التي تنتابه.
أوضح الدكتور إبراهيم مجدي حسين، استشاري الطب النفسي، أن الوسواس القهري سمي ذلك لأنه عبارة عن أفكار تسيطر على الشخص ويعجز عن قهرها والتخلص منها، كما أنه تنتج عن اضطرابات في المخ، فالجسم يصاب بخلل في إفراز المادة المسئولة عن تخفيف الشعور بالالم، ومنحه شعورا بالراحة، مما يؤدي إلى إصابة الشخص بتلك الحالة.
وقال حسين إن أنواع الوسواس الشائعة في مصر هى وسواس النظافة أى حرص الشخص على غسل يديه والاستحمام بشكل مرضي، وسواس تنظيم الأشياء، وسواس التأكيد على القيام بالعمل ، كإغلاق الباب مثلا، وهناك وسواس الافكار الجنسية الغير محببة، ويكون الشخص رافضا لها لكنه لا يستطيع التخلص منها، مشيرا إلى أن الوسواس دائما ما يكون له رد فعل ، فمثلا إذا راودت الشخص فكرة عن كونه ليش نظيفا، فيقوم بغسل يدية العديد من المرات.
وذكر حسين أن الوسواس القهري يسبب للمريض العديد من المشاكل النفسية منها القلق، الاكتئاب، الاتجاه إلى المخدرات اعتقادا منه أنها تساعد على التقليل من حدة هذه الأفكار، ومن الممكن أن يتحول المرض إلى اضطرابات ذهنية، مع احتمال لجوء الشخص إلى الانتحار للتخلص من هذه الأفكار.
ووجه حسين نداءً إلى الشيوخ الذين يطلقون صفة الكفر على المريض بالوسواس القهرى والذي تجبره حالته على السب في الذات الإلهية والتشكيك في الدين، بضرورة الامتناع عن ذلك لأنهم لا بد أن يدركوا أولا ماهية المرض وطبيعته، مذكرا إياهم بالآية الكريمة التي تقول "إن الله غفور رحيم".
ونصح حسين أسرة المريض بضرورة الصبر على المريض ومتابعته بصورة مستمرة ، فمثلا اذا ظل يغسل يدية أكثر من خمس دقائق نطلب منه التوقف، تشجيعه على البوح لهم بما يشغله، منبها إياهم إلى أن هذا المرض ليس شيئأ يتم الخجل منه.