رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا تستهينوا بداعش الإرهابية


فى أول أيام ظهور داعش، كتبت مقالاً بعنوان« ما بعد القاعدة» نشرته صحيفة «صوت الأمة» الأسبوعية، ولم تنشره «القدس العربى اللندنية» التى تغيرت سياسة التحرير فيها، بعد أن ترك الإعلامى العربى اللامع عبدالبارى عطوان رئاسة تحرير الصحيفة لتبدل الملكية، بدخول رجال أعمال خليجيين إلى هذه الصحيفة بالذات...

... ربما كجزء من سياسة مستقبلية أكبر من أن تكون مجرد عربية، وقد تظهر آثار هذا التغيير على قضايا مصيرية فى الوطن العربى فى المستقبل القريب أو البعيد، ومنها فلسطين والإرهاب والتفتيت والتقسيم.

أتعجب كثيراً من دوائر الإعلام أو السياسة الذين يطلقون على داعش، الدولة الإسلامية فى العراق وسوريا، بدلاً من أن يطلقوا عليها الاسم الصحيح فى ظنى، وهو داعش الإرهابية .

داعش تنطلق من قاعدتين أو جوازاً نقول، مبدأين خاطئين لا علاقة لهما بالإسلام، مبدأ التكفير ومبدأ الاستحلال. وقاعدة التكفير مثل المرض الذى يسهل انتشاره ويصعب علاجه كالكوليرا والبلهارسيا والسرطان وأخيرا الايبولا التى ظهرت فى إفريقيا مؤخراً.

هم لا يعترفون بالنصوص القرآنية القاطعة فى الدلالة والثبوت ولا بالنصوص غير القرآنية. القرآن يقول «وَقَاتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ» وهم فى ظنى لا يقاتلون فى سبيل الله بل فى سبل أخرى، وهم يعتدون على من يقاتلونهم، فقتلوا وشردوا وأسروا بلا رادع من دين ولا وازع من ضمير. اعتدوا على الأبرياء رجالا ونساء من أهل السنة والشيعة ومن المسيحيين ومن الطوائف الأخرى كالأيزيدين، ولم يدركوا أن الله تعالى لا يحب المعتدين.

التكفير حكم شرعى، وقد لا يفضى القول أو العمل أو السلوك من المسلم رغم أنه مثل عمل الكفار وسلوكهم وقولهم إلى اعتباره كافراً. لأن بوابة الدخول فى الإسلام، ليست العمل ولا السلوك ولا الأركان من الصلاة والصوم والزكاة والحج وحتى الجهاد، ولكن بوابة الدخول إلى الاسلام هى بالشهادتين «لا إله إلا الله محمد رسول الله». وعدم إنكار أى شىء من الدين، ولذلك غضب رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ من سيدنا أسامة فى الحرب لرد العدوان، عندما قتل كافرا فى الحرب، بعد أن قال الكافر لا إله الا الله . وقال صلى الله عليه وسلم له «أقتلته بعد أن قالها»!! لأن هذه الكلمة تعصم الدم والعرض والمال، فما بالك بالمواطنين المسالمين على اختلاف ملتهم الذين عقد معهم رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ فى المدينة دستوراً واتفاقيات على التعاون والتعاضد، حتى من يعتدى على المدينة وهم جميعا مواطنون بها .

أين داعش وجميع المكفراتية من فتح مكة وسلوك الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ والصحابه وإعلانه صلى الله عليه وسلم، من دخل دار أبى سفيان فهو آمن ومن دخل الكعبة فهو آمن، ومن دخل داره وأغلق بابه فهو آمن . وأهل مكة فى ذلك الوقت كانوا فى الغالب كفاراً ومشركين .هل تفهم داعش والمكفراتية ما قاله رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ تصويباً لما قاله سيدنا سعد بن عبادة، عندما قال عند دخول مكة «اليوم يوم الملحمة، اليوم يوم أذل الله فيه قريشاً، اليوم يوم تستحل فيه الحرمات»، كان التصويب من رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ جميلاً وواضحاً، وهو جوهر الرسالة «اليوم يوم المرحمة، اليوم يوم أعز الله فيه قريشاً – طبعاً بقيم الإسلام – اليوم يوم تصان فيه الحرمات» هل تعى داعش ذلك؟ هل يعى المكفراتية ذلك؟ وفى المقال المقبل نواصل الحديث عن فتاوى الاستحلال وخطورتها بمشيئته تعالى.