رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هروب داعش.. وكأنها لم تكن


بعد انتصاراتها المتلاحقة فى العراق وسوريا، ثم نقل إرهابها إلى لبنان، صارت تنظيم داعش الإرهابى حديث الساعة، خاصة بعد أن أعلنوا تنصيب أبى بكر البغدادى خليفة وأميراً للمؤمنين، ثم قاموا بتهجير المسيحيين من الموصل وقتل المعارضين لهم تواً ودون محاكمات، هذه الانتصارات لداعش أقلقت شعوب المنطقة، ولديهم حق، ولكن خلال فترة وجيزة، بدأ التنظيم يتراجع عن كل أرض كسبها، فقد شهدت مدينة الموصل العراقية هروباً جماعياً للمقاتلين العرب والأجانب فى صفوف تنظيم «داعش» الإرهابى باتجاه الحدود السورية والتركية، بعد أن قام الطيران العراقى الحربى بقتل المئات منهم فى الغارات الجوية التى نفذتها على مدار عدة أيام، كما أفادت الأخبار أن تنظيم داعش انسحب من عرسال اللبنانية بعد الضربات التى وجهها الجيش اللبنانى، وجنود داعش يهربون نحو الحدود التركية السورية وتدخل فى صراع دامٍ مع ما تسمى «جبهة النصرة»، وهو تنظيم إرهابى مماثل لداعش والقاعدة وبوكو حرام وغيرها من تنظيمات الإرهاب.

وهنا يبدو التساؤل حقيقياً، كيف ظهرت داعش فى وقت قصير تمتلك الأرض والمال والبترول، يهرب منها الجنود العراقيون فيسلمون أسلحتهم الثقيلة دون قتال، ثم تتوغل داخل الدولة العراقية وسوريا، وتهدد نقل نشاطها إلى ليبيا ثم مصر، ثم عندما تتلقى الضربات يهرب جنودها نحو أى ملجأ، فيما كان الصعود والهبوط، نحاول البحث عن إجابة.

الحقيقة أن ظهور «داعش» فى الغرب الشمالى العراقى جعل كثيرين من أهل السنة يتعاطفون معهم، ووجدوا فيها المعادل لما يروه طغيان نورى المالكى ورجال دولته، كما وجدت داعش قيادات بعثية سابقة تدافع عنهم، وأعلن عزة إبراهيم -نائب الرئيس العراقى الأسبق- أنها ثورة، ووصل الأمر بأن أطلقت «رغد» ابنة الرئيس السابق صدام حسين على ما حدث ثورة، ولكن ما قامت به داعش من جرائم تهجير للمسيحيين وقتل المسلمين، جعلت أهل السنة يعلمون أنهم يهربون من النار إلى الرمضاء، فأمثال داعش هم من قاموا بالقتل فى الرمادى والفلوجة عام 2004 - 2005، وكان يفتخر أبو مصعب الزرقاوى بعدد من قتلهم، فتأسس «مجلس الصحوة» من عشائر الغرب العراقى بقيادة عبد الستار أبو ريشه الذى اغتيل فيما بعد، وتمكنوا من الانتصار على الإرهاب، كل ذلك جعل أهل السنة فى الموصل والرمادى والحديثة وتلعفر وتكريت وديالى يتخلون عن نصرة داعش، فلم يجد الإرهابيون الحاضنة التى كانوا يريدونها، وما أن شن الجيش العراقى هجومه عليهم حتى فروا، كما فروا من لبنان وخلت الأرض إلا من مظاهر إرهابهم، والغريب أنهم كانوا يصدرون البترول إلى تركيا، كما يفعل الأكراد، وتأخذ تركيا البترول بأقل من نصف الثمن، وعندما افتضح الأمر غسل الجميع أياديهم الملوثة من أفعالهم، فلم يجد الإرهابيون الدعم، فانتهوا، وإن لم ينته الإرهاب فى المنطقة كلها، حمى الله مصر بجيشها.

كاتب