رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لوغاريتمات «محلبية» وفوازير رمضانية!


فى يوم الثلاثاء 15 أبريل 2014 نشرت الصحف القومية على صدر صفحاتها الأولى صوراً للمهندس إبراهيم محلب وهو يقود أول سيارة «جراند شيروكى» تم تجميعها فى مصر.. وجاء فى نص الخبر: «شدد المهندس ابراهيم محلب على أنه لا نية للحكومة لتحريك أسعار البنزين والسولار والكهرباء أو المساس بمحدودى الدخل، وأن هدف هذه الحكومة هو وصول الدعم إلى مستحقيه، مطالباً القادر بتحمل مسئوليته وأن يدفع ثمن الخدمة التى تقدم إليه».

وفى يوم الأربعاء 23 أبريل 2014 عادت نفس الصحف لتنشر مانشيتات رئيسية باللون الأحمر عن اجتماع المجموعة الاقتصادية برئاسة محلب، والعنوان يقول: «لا زيادة فى أسعار البنزين».. وكانت الحكومة تبرر فى هذا الاجتماع الزيادة التى قررتها على أسعار الغاز الطبيعى منذ أيام بأنها راعت الفئات الأكثر احتياجاً...و...و.. إلخ والحقيقة أن الصحف التى نشرت تلك الأخبار لم تأت بالمحتوى المنشور من وحى خيالها، وإنما كانت مجرد مرآه تعكس وتنقل ما قالته الحكومة.

وفى الخامس من يوليو 2014 خرج المهندس إبراهيم محلب برفقة عدد من أعضاء حكومته يبررون الزيادات الأخيرة فى أسعار البنزين والسولار، ومن ضمن ما قيل فى بداية الأمر إن الهدف يتمثل فى علاج خلل فى هيكل الموازنة، وأنه لم يكن هناك مفرمن اتخاذ ذلك القرار الذى كانت ستدفع الأجيال القادمة ثمنه، وهنا يثور السؤال الأول: هل اكتشفت الحكومة هذا الخلل فجأة ولم يكن واضحاً لها فى شهر ابريل حين أقسمت بأغلظ الإيمان أنها لن ترفع أسعار الوقود؟ المؤكد أن هذا يعد أول اللوغاريتمات أو الطلاسم المطلوب فك شفرتها لفهم طريقة عمل الحكومة «المحلبية»!

أما ثانى اللوغاريتمات فيتمثل فى الهدف الحقيقى من الزيادة، فالحكومة تارة تقول إن الهدف هو تقليص حجم فاتورة الدعم وأن القرار سيوفر 51 مليار جنيه من تلك الفاتورة البالغ مقدارها 251 مليار جنيه، بما يعنى الحد من عجز الموازنة الذى كان قد وصل إلى 12.2% من الناتج القومى. وتارة أخرى تقول إن القضية ليست مجرد توفير والسلام، بل إن هذا المبلغ سيوجه للفقراء حيث سيخصص منه 22 مليار جنيه للصحة والتعليم، و10 مليارات جنيه للحد الأدنى للأجور، و12 مليار جنيه للمعاشات، و57 مليار جنيه للضمان الاجتماعى، و15 مليار جنيه لدعم المزارعين, وبحسبة بسيطة نكتشف وجود خطأ فى الأرقام التى قذفت بها الحكومة «المحلبية» فى وجوهنا حيث يبلغ إجمالى تلك البنود المذكورة رقم 116 مليار جنيه، بينما المبلغ الذى سيتم توفيره لن يتجاوز الـ 51 ملياراً، وإذا تجاوزنا تلك «المغالطة» المحاسبية نصل إلى السؤال أو اللوغاريتم الثانى: هل كان الهدف هو التوفير من أجل الحد من عجز الموازنة؟ أم مجرد تحريك الأموال وتوجيهها من قطاع لآخر مع بقاء العجز كما هو؟

أما الفزورة الرمضانية الأجمل، فكانت على لسان اثنين من وزراء الحكومة «المحلبية».. الأول هو خالد حنفى وزير التموين الذى قال إنه نزل إلى الأسواق بنفسه واكتشف أن أسعار الخضروات قد انخفضت بعد رفع أسعار الوقود!! والثانى هو أشرف سالمان وزير الاستثمار الذى قال إن رفع أسعار الوقود سيجعل مصر أكثر جاذبية للاستثمار الأجنبى!! طيب بأمارة إيه يا جماعة؟!

اللوغاريتمات والفوازير تكشف بوضوح أن الحكومة «المحلبية» فى حاجة إلى ضبط إيقاع حقيقى لتصريحات وزرائها، لأن الناس لم تعد تحتمل مزيداً من الاستفزاز.

كاتب صحفى