رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«قضايا الدولة» ترد على «الغريانى»


وطمح أفراد هذا الشعب فى دستور عظيم يحقق ويلبى طموحه ومن أهمها العدالة الناجزة التى تعد حقا من حقوق الإنسان لأن بطء التقاضى يعد ظلما وجورا ويأسا من العدالة كمنظومة، إلا أنه على ما يبدو لم تصل هذه الثورة إلى المستشار حسام الغريانى.

تعقيبا على ما ورد بكلمة المستشار الغريانى- رئيس الجمعية التأسيسية للدستور- فى الجلسة العامة بتاريخ5/9/2012 لا أحد يشكك فى نزاهة المستشار الغريانى الذى يعد من أنزه رجال العدالة إلا أن ما أحزننى وولد فى نفوسنا اليأس والإحباط، بعد ما زرعته ثورة 25يناير المجيدة فى نفوسنا من الأمل والمستقبل المشرق لهذا البلد حتى نباهى الأمم وكانت من أهم مبادئ هذه الثورة الشريفة البيضاء العدالة الاجتماعية والتى هى مطامح هذا الشعب العظيم بعد ما خاض تجربته المريرة بنظام فاسد لا يعرف معنى العدالة وجارعلى حقوق هذا الشعب ونهب أمواله بل ساق الظلم والجور وعمل على تسييس القضاء لصالحه وتحقيق مكاسبه، وطمح أفراد هذا الشعب فى دستور عظيم يحقق ويلبى طموحه ومن أهمها العدالة الناجزة التى تعد حقا من حقوق الإنسان لأن بطء التقاضى يعد ظلما وجورا ويأسا من العدالة كمنظومة، إلا أنه على ما يبدو لم تصل هذه الثورة إلى المستشار حسام الغريانى بعد ما شاهدته بالجلسة العامة بالجمعية التأسيسية يلقى مقدمة هى فى الحقيقة تعد توجيها إلى الرأى العام وإلى أعضاء الجمعية التأسيسية وتدخلا منه فى سير العمل الفنى للجمعية وهو ما يخالف أساليب وضع الدساتير فى العالم ويتنافى مع مبادئ ثورة يناير التى تقوم على أسس الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأى وحرية عمل اللجان النوعية بالجمعية التأسيسية وهو ما أثار معه حفيظة أعضاء الجمعية كما أنه يتنافى مع طبيعته كرئيس للجمعية، كما أنه افتقد معه مبدأ الحيدة والتى كنت آمل أن ذلك يؤاثر عمله كرئيس للجمعية التأسيسية وهى من مبادئ علم الإدارة التى كنت أتمنى توافرها فى المستشار الغريانى، وكان يتعين عليه أن يتجرد من أى مواقف شخصية أو فئوية وينظر إلى تحقيق الصالح العام وتلبية رغبات الشعب المصرى العظيم الذى لولاه لما ترأس المستشار الغريانى أعظم جمعية تأسيسية فى تاريخ مصر، جمعية تأسيسية أصلية تقوم على إنشاء السلطات بل وحق تعديلها بما يكفل تحقيق المصلحة العامة وبما يتلاءم مع طبيعة واحتياجات شعبنا ولكن ما ألم بى أنه كان رجلا من رجال العدالة ومدركا لمساوئ العدالة وسلبياتها وكان يتعين عليه النظر بتلافى هذه السلبيات، فمنذ أن أصدر تقريره عندما كان نائباً لرئيس محكمة النقض سنة 2003 ببطلان الدوائر الانتخابية التى أشرفت عليها هاتان الهيئتان القضائيتان والذى تم إلغاؤه من الهيئة العامة للمواد المدنية والجنائية بمحكمة النقض وأيضاً صدور حكم المحكمة الدستورية العليا مخالفاً لرأيه وهو فى مسعى منه إلى استعداء هاتين الهيئتين بالرغم من دورهما البارز فى العدالة، فى مسلك أعضاء لجنة نظام الحكم إلى معالجة بطء التقاضى بتحويل هيئة قضايا الدولة إلى نيابة مدنية حيث إن الدعاوى المدنية والتجارية تظل عشرات السنين ملقاة بغرف المحاكم بل وييأس أصحابها من عدم الفصل فيها بل يصل الأمر إلى ضياع حقوقهم التى تعد حقوقا من حقوق الإنسان مثل حق الملكية أو الحقوق الشخصية والحريات وغيرها وتنفيذاً لتوصيات مؤتمر العدالة الأول سنة 1986 أوصى بإنشاء نيابة مدنية لتحضير الدعاوى المدنية والتجارية للفصل فيها من القضاء على وجه السرعة وهو ما يسمى بقاضى التحضير وهو معمول به فى دول ونظم قانونية كثيرة مثل فرنسا والنمسا وبعض الدول الأنجلوسكسونية والدول العربية مثل لبنان وإمارة دبى بالإمارات العربية المتحدة والتى نالت إشادة عالمية وبذلك تتحقق العدالة الناجزة، كما أن تأخير سرعة الفصل فى القضايا عمل على هروب فرص الاستثمار من مصر بدلا من جذب المستثمرين خوفا من العدالة البطيئة مما يهدد هؤلاء المستثمرين بضياع حقوقهم فكانوا يلجأون إلى دعاوى التحكيم فى الخارج بحجة أنها أسرع، وعندما اتفق أعضاء لجنة نظام الحكم بالجمعية التأسيسية على حل هذه المشكلة تحقيقا للصالح العام ومن أجل شعب مصر وذلك عن طريق تحويل أعضاء هيئة قضايا الدولة إلى نيابة مدنية تتولى تحضير الدعاوى المدنية والتجارية لسرعة الفصل فى القضايا، فضلا عن الاستفادة من أعضاء النيابة الإدارية بتوليهم الدعاوى التأديبية والادعاء العام التأديبى وتكون تبعيتهم للنائب العام وتوفيرا للخزانة العامة للدولة وضخ أعضاء هاتين الهيئتين اللتين تزخر بهما الدولة من علم وكفاءة على أعلى مستوى قانونى فضلا عن أنهم أصحاب مراكز قانونية متماثلة لأقرانهم بالنيابة العامة والقضاة وحلاً لهذه الأزمة بزيادة عدد القضاة، إلا أنى رأيت المستشار الغريانى انتفض ومعه رفيقه عاطف البنا معترضين على ذلك الأمر وبشراسة بل وصل الأمر إلى فرض المستشار الغريانى رأيه على اعضاء الجمعية وتوجيها منه إليهم بل وقام معه بنسف توصيات مؤتمر العدالة الأول ووقوفا ضد تحقيق الصالح العام وتطلعات شعبنا العظيم وضد تلبية طموحاته الذى لولاه ما كنا لنستطيع شيئاً وما كان أحد ليستطيع شيئاً لو لم تكن إرادة هذا الشعب وإرادة هذه الأمة قادرة على رفع إرادتها إلى مستوى أمانيها وهذا الدستور من أمانى هذا الشعب الذى أقسمنا على التضحية من أجله ونفديه بدمائنا لكن أصبت بخيبة الأمل عندما رأيت المستشار الغريانى يتدخل فى العمل الفنى للجان النوعية بالجمعية وهو ما يتنافى مع عمله كرئيس للجمعية يتسم ومحاولة تأثيره فى أعضاء لجنة نظام الحكم الأمر الذى قد يفقدهم استقلالهم فى عملهم بل اعتبر أن المستشار الغريانى يقف حجر عثرة أمام تحقيق الصالح العام وملبيا للمطالب الفئوية وأصحاب المصالح الشخصية والخاصة وهى أهداف تربأ وتنأى بها الجمعية التأسيسية ولا ينتظره دستور الثورة المجيدة الذى يتلهف عليه الشعب المصرى العظيم وإلا عفوا لم يعد إلا نتاجا لعهد بائد ولى وانتهى أمره - وإلا فلك الله يا مصر .

■ هيئة قضايا الدولة