رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قاض مصرى يكشف: القواعد الدولية الخاصة بسلطات التحقيق والمحاكمة فى تحطم طائرات الهليكوبتر

المستشار الدكتور
المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى

فى دراسة حديثة للمفكر والمؤرخ القضائى المستشار  محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بعنوان ( القواعد الدولية الخاصة بسلطات التحقيق والمحاكمة فى تحطم طائرات الهليكوبتر لرؤساء الدول، وتواريخ وأسباب تحطم طائرات الرؤساء منذ عام 1936 حتى اليوم ) يوضح فيها العديد من القواعد الدولية لسلطات التحقيق والمحاكمة فى تحطم طائرات الهليكوبتر على وجه الخصوص.

 

ويعرض الفقيه المصرى لأهم القواعد الدولية لسطات التحقيق والمحاكمة أهمها التحقيق الوقائعي الأوليعن الأسباب الأكثر احتمالية لتحطم المروحية والحالات الأكثر شيوعًا. واعتماد سلطات التحقيق والمحاكمة على الفحص والاختبار من فريق الخبراء الفنيين بخلفية عسكرية أو مدنية عالية، والاحتفاظ بالمكونات الفعلية من حطام المروحية لإثبات عيب المنتج  عندما يكون تحطم المروحية بسببه ، وتعليم سلطات التحقيق والمحاكمة لشرح وتبسيط الجانب الفريد من طيران طائرات الهليكوبتر.

 

التحقيق الوقائعي الأولي عن الأسباب الأكثر احتمالية لتحطم المروحية والحالات الأكثر شيوعًا

 

يقول الدكتور محمد خفاجى " يجب أن يكون الهدف الأولي  في أي حالة تحطم مروحية هو تقييم الأسباب الأكثر احتمالية لتحطم المروحية والإصابات أو الوفيات الناتجة. والأسباب الأكثر شيوعًا لتحطم طائرات الهليكوبتر كما استقرت عليها القواعد الدولية هى :

 

الحالة الأولى:  فقدان التحكم في الدوار الرئيسي 

 

ويذكر عن الحالة الأولى " فقدان التحكم في الدوار الرئيسي بالنظر إلى أن أن الدوار الرئيسي هو المصدر الوحيد للرفع، فإن عدم القدرة على التحكم في دورانه أو درجة ميله سيؤدي إلى فقدان التحكم والاصطدام اللاحق. وكشفت حالات دولية كثيرة أنه غالبًا ما يكون فقدان التحكم في الدوار الرئيسي نتيجة لخلل في اللوحة المتأرجحة - التحكم في الوصلة- أو فشل النظام الهيدروليكي. ويمنع هذا العطل أيضًا أي مناورة للتدوير التلقائي، وهو إجراء طارئ مصمم للاستفادة من القصور الذاتي للدوارات الرئيسية للوصول إلى هبوط يمكن النجاة منه."

 

الحالة الثانية: فقدان فعالية الدوار الخلفى (LTE): 

 

ويشير للحالة الثانية " كشف الواقع الدولى أن العديد من حوادث تحطم طائرات الهليكوبتر بسبب فقدان فعالية الدوار الخلفى (LTE) ومعناه  فقدان فعالية دوار الذيل أن الطيار غير قادر على التحكم في الذيل أو الدوار المضاد لعزم الدوران، مما يؤدي عادةً إلى دوران المروحية في الاتجاه المعاكس لشفرة الدوار الرئيسية. وفي الارتفاعات المنخفضة، يكون فقدان السيطرة أمرًا خطيرًا لأن الطيار غير قادر على مناورة الطائرة للهبوط المستمر، وقد يحدث عطل في الدوار الخلفي بسبب فقدان الضغط الهيدروليكي، أو التواء أو كسر في كابل التحكم، أو تسرب في المؤازرة الهيدروليكية أو المجمع. ولكن لا ينجم فقدان فعالية دوار الذيل بالضرورة عن عطل في المعدات ويمكن أن يحدث في طائرة هليكوبتر ثقيلة أو محملة بالكامل تسافر بسرعة جوية منخفضة وتواجه ظروفًا جوية أو رياحًا معينة. وتؤدي تأثيرات الرياح إلى مقاومة قوة دوار الذيل ومن ثم فشل ذلك الدوار في توفير قوة دفع كافية لمواجهة الدوران المعاكس للدوار الرئيسي."

 

الحالة الثالثة:  ضربة الدوار الرئيسي للعائق الثابت

 

 ويضيف عن الحالة الثالثة " على الرغم من قدرة المروحية على التحليق بميزة فريدة، إلا أنها تمثل أيضًا خطرًا فريدًا. خاصة وهى تحوم بجوار مبنى أو بالقرب من غابات أوجبال منحدرة أو أنهار جليدية أو شلالات أو وديان أو هبوب رياح غير متوقعة أو تدفق هابط من الدوار الرئيسي يمكن أن يتسبب في حركة جانبية للمروحية دون سابق إنذار ولا وقت للتعافى، فيكون خطر اصطدام الدوار الرئيسي غير المقصود بجسم ثابت موجود دائمًا."

 

الحالة الرابعة : عطل جزء من مكونات الطائرة المروحية أو عطل في محركها 

 

ويذكر الحالة الخامسة " من الأسباب الأكثر شيوعًا لتحطم طائرات الهليكوبتر تعطل جزء من مكونات الطائرة المروحية. فكل شيء في المروحية يهتز بشكل مفرط، وهذا الاهتزاز المفرط لا يخلو من عواقب تتعلق بالسلامة. وهذه الضغوط الاهتزازية الزائدة المتأصلة في تصميم وهيكل المروحية قد تؤدى  إلى زيادة التعب المعدني وتشقق المكونات الحيوية للسلامة. مما يؤدي الاهتزاز المفرط إلى فشل كارثي في ​​المكونات دون سابق إنذار."

 

ويوضح "ومن بين الأسباب أيضا  عطل في محرك الطائرة المروحية. وكما هو الحال بالنسبة للطائرات ذات الأجنحة الثابتة، فإن تعطل المحرك يعد خللًا كارثيًا محتملًا. لكن وجه الإختلاف أنه إذا حدث عطل في المحرك المروحية في منطقة يمكن للطيار أن يستخدم فيها مناورة الدوران التلقائي، فلا يؤدي ذلك مباشرة إلى وقوع حادث مميت. وعلى ذلك فإن مهمة تشغيل المروحية وموقع عطل المحرك وارتفاعه، قد تجعل الدوران التلقائي أمرًا مستحيلًا. فيمكن أن يحدث ذلك إذا كانت المروحية تحلق فوق الماء أو غابة كثيفة أو حتى في وسط مدينة كبيرة ذات بنية بناء عالية الكثافة في وسط المدينة."

 

الحالة الخامسة: حوادث إضراب الأسلاك نتيجة الطيران على ارتفاعات أقل بكثير من الطائرات ذات الأجنحة الثابتة

 

ويؤكد " تتمثل الحالة الخامسة فى حوادث إضراب الأسلاك لطائرات المروحية نتيجة الطيران على ارتفاعات أقل بكثير من الطائرات ذات الأجنحة الثابتة، فالرحلات الجوية للمروحيات تكون على ارتفاعات منخفضة فتشارك المروحيات بشكل متكرر في الضربات السلكية أو الاتصال بخطوط الكهرباء التي قد تكون غير مرئية لطيار المروحية. وذلك على الرغم من أنه عادة ما تكون المروحيات التي تعمل في بيئات منخفضة الارتفاع مجهزة بأنظمة الحماية من ضربات الأسلاك (WSPS)  وهذه الأنظمة عبارة عن قواطع للأسلاك مثبتة أعلى وأسفل جسم الطائرة لمنع السلك من الإمساك بالصاري الدوار الرئيسي أو الانزلاقات."

 

"لذا يجب على الإدارات المحلية وضع علامة على خطوط المرافق في المناطق المجاورة للحركة الجوية المتوسطة إلى الكثيفة باستخدام المجالات ذات اللون الأحمر أو البرتقالي الزاهية الموضوعة على خطوط المرافق مما ينبه طياري طائرات الهليكوبتر إلى موقع الخط ويعمل على منع مثل هذه حوادث الضربات السلكية. والواقع كشف عن أن تقصير وإهمال الإدارات المحلية للكهرباء في تحديد خطوط الكهرباء الخاصة بها بشكل مناسب تجعل الرؤية مشبوهة للطيار."

 

الحالة السادسة: حريق ما بعد الاصطدام

 

ويذكر " تتمثل الحالة السادسة فى حريق ما بعد الاصطدام. فالعديد من حوادث تحطم طائرات الهليكوبتر تؤدى إلى نشوب حريق قد يلتهم المقصورة، بسبب أن الغالبية من طائرات الهليكوبتر تستخدم موقع خزان الوقود مباشرة أسفل مقصورة الركاب في طائرة الهليكوبتر، يجب على سلطات التحقيق والمحاكمة تقييم ما إذا كان خزان الوقود يفي بالحد الأدنى من مواصفات صلاحية التحطم. كما يجب أيضًا فحص تصميم خزان الوقود ومضخة الوقود باعتبارهما يساهمان في التسبب في حريق أو انفجار أي طائرة هليكوبتر بعد تحطمها. لذا فإن قدرة خزان الوقود على تحمل قوى الثقب أو التمزق عند الاصطدام يمكن أن تحسن بشكل كبير احتمالات تجنب أي حريق بعد الاصطدام وهو ما يجب أن تكون لسطات التحقيق على علم به من الخبراء."

 

اعتماد سلطات التحقيق والمحاكمة على الفحص والاختبار من فريق الخبراء الفنيين بخلفية عسكرية أو مدنية عالية

 

ويوضح " تعتمد سلطات التحقيق والمحاكمة على الفحص والاختبار من فريق الخبراء الفنيين، وهم الخبراء ذوي التدريب المحدد والخبرة في التحقيق في حوادث طائرات الهليكوبتر وتحليل الأعطال، لأن صيانة أنظمة ومحركات طائرات الهليكوبتر وقيادة الطائرات العمودية من الأمور المتخصصة للغاية، وخبرة الطيران العامة غير كافية. ويشمل الفريق الأساسي من خبراء المسئولية محللي الأعطال المعدنية، وأخصائي إعادة بناء حوادث تحطم الطائرات، وميكانيكي معتمد لهياكل الطائرات ومحطات الطاقة يتمتع بخبرة واسعة في طائرات الهليكوبتر. مع وجود طيار مروحية من ذوى الخبرة والحرص أيضًا أمام سلطات التحقيق والمحاكمة إذا كانت هناك أي مشكلة محتملة تتعلق بالتشغيل السليم للطائرة المروحية."

 

ويؤكد "ويتولى الخبراء الفنيين الإجابة لسلطات التحقيق والمحاكمة عن إعادة بناء مسار الرحلة النهائي وزاوية الاصطدام وسرعة اصطدام المروحية من خلال تحليل موقع اصطدام حطام المروحية والعلامات الأرضية وضربات الشفرة الدوارة على الأشجار أو غيرها من الأشياء. ذلك أن الشفرات الدوارة ستؤدى إلى الكثير من المعلومات المفيدة استنادًا إلى عمق واتجاه الخدوش أو الحفر، بما في ذلك ما إذا كان المحرك يوفر الطاقة الكاملة عند الاصطدام من عدمه. ويجب أن يكون فريق الخبراء على دراية جيدة بهذا التحليل استنادًا إلى التدريب والخبرة في مجال التحقيق في حوادث طائرات الهليكوبتر بخلفية عسكرية أو مدنية عالية لطائرات الهليكوبتر." 

 

الاحتفاظ بالمكونات الفعلية من حطام المروحية لإثبات عيب المنتج  عندما يكون تحطم المروحية بسببه 

 

ويضيف " على المستوى الدولى وأمام سلطات التحقيق وأثناء  المحاكمة يجب الاحتفاظ بالمكونات الفعلية من حطام المروحية لإثبات عيب المنتج  عندما يكون تحطم المروحية بسببه لإثبات عيب المنتج  ، وذلك فى الحالات التى يكون تحطم المروحية نتيجة مباشرة لعطل في أحد المكونات أو النظام، وفى هذا الصدد لا يمكن تقديم دليل أفضل إلى المحكمة من المكون الفعلي أو نظام التحكم المعين الذي فشل،للحصول على أقصى تأثير بصري على سلطات التحقيق فى المقام الأول، وهو ما يضفي على سلطات التحقيق والمحاكمة إحساسًا بالواقعية لمدى التحطم، ويجبرها على التركيز والاعتماد على الآلية المحددة للفشل."

 

ويشير "وأثناء المحاكمة، يجب أن يكون معروضًا على سلطة المحاكمة نموذج مصغر لطائرة الهليكوبتر التي تعرضت للحادث في حالتها قبل تحطمها. وينبغي استخدام هذا النموذج لتصوير الديناميكا الهوائية الأساسية لرحلة طائرات الهليكوبتر وتوضيح سيناريو التحطم. فلا يمكن للصور وحدها أن تعيد الإحساس والإدراك أثناء تسلسل حطام المروحية." 

 

تعليم سلطات التحقيق والمحاكمة لشرح وتبسيط الجانب الفريد من طيران طائرات الهليكوبتر

 

ويختتم " على المستوى الدولى تلجأ بعض الدول – مثل الولايات المتحدة الأمريكية - إلى تعليم سلطات التحقيق والمحاكمة  عن طريق الفنيين والخبراء، لشرح وتبسيط الجانب الفريد من طيران طائرات الهليكوبتر من خلال التعريف بطيران طائرات الهليكوبتر وتشغيلها في البيان الافتتاحي وطوال المحاكمة بحيث يكون  لديهم أي تصور لخصائص طيران طائرة هليكوبتر. ولا يمكن أن يفترض أن سلطات التحقيق والمحاكمة  لديها أي فهم أو خبرة على الإطلاق فيما يتعلق بخصائص طيران المروحية أو طريقة عملها، لذا فإن تعليمهم بالعناصر الأساسية حول طيران طائرات الهليكوبتر وإزالة الغموض عنها.بحيث يكون لسلطات التحقيق والمحاكمة فهم أساسي لرحلة الهليكوبتر للبت في القضية."