بين الكوميديا ومحارب التطرف.. بيتر ماهر: "الزعيم أعاد تشكيل مفهومنا عن الممثل"
قال الكاتب الشاب بيت ماهر الصغيران، إن الزعيم عادل إمام، نجح في إعادة تشكيل مفهومنا عن الممثل الكوميدي في عصرنا الحديث، بما يعادل ما فعله نجيب الريحاني في القرن العشرين، وهو تأسيس مسرح مصري قادر على مناقشة قضايانا المعاصرة في إطار ساخر.
وتحتفل الـ “الدستور” بذكري ميلاد زعيم الكوميديا الفنان عادل إمام، تحديدا صورة إمام في عيون المثقفين والمبدعين المصريين.
عادل إمام أعاد تشكيل مفهومنا عن الممثل الكوميدي
وقال الكاتب الشاب بيت ماهر الصغيران لـ"الدستور": من ضمن فضائل الفن القدرة على تجسيد الفضائل في صور فنية تعبيرية. إذا كانت الأديان أوصت بعدم السرقة على سبيل المثال؛ يمكن أن نقول بأن الفن جسد مثل تلك الفضائل في صور درامية، تنبذ مثل هذا الفعل المشين مما يؤكد على الفضائل ويقدم رسالة هادفة تنبذ الشر.
وأوضح “الصغيران” أن عادل إمام، أعاد تشكيل مفهومنا عن الممثل الكوميدي في عصرنا الحديث، بما يعادل ما فعله الأستاذ نجيب الريحاني في القرن العشرين، وهو تأسيس مسرح مصري يقدر أن يناقش القضايا المعاصرة في إطار ساخر يعكس الإطار العام للمجتمع.
وأضاف: إذا بحثنا عن خفوت نجم إسماعيل ياسين في وقت مبكر من حياته، سنجده لم يكن مجاريا لعصره على مستوى القضايا المطروحة، وإذا انتقلنا إلى نموذج آخر وهو فؤاد المهندس. سنجده كسر القاعدة لمرة واحدة فقط.
وتابع: قام ببطولة فيلم أرض النفاق حيث استطاع من خلاله الحديث عن البيروقراطية الحكومية، مع نقد بعض السياسات في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.
وأكمل: ما دون ذلك لم نجد أي أفلام يصنف بطلها على أنه ممثل كوميدي، قدم أفلاما تحمل طابع سياسي، إلى أن بدأ عادل إمام، في إعادة تشكيل وعي المشاهد من خلال أدواره. من خلال رسائله شديدة العمق والتأثير المباشر، خصوصا في حقبة التسعينات. بعدما بدأ خفوت نجم أبناء جيله مع صعود نجم الزعيم إلى أن وصل إلى قمة التألق.
بداية الحقبة، بدأت بفيلم اللعب مع الكبار، الذي جسد فيه الدور الذي يجب أن تكون عليه العلاقة بين السلطة والمواطنين، حيث الوقوف بكل حسم ضد المخربين بكل طوائفهم.
امتد هذا الأثر في سلسلة من أفلام أخرى، مع وجود ثنائي تمثل في كاتب وسيناريست كبير هو وحيد حامد، ومخرج كان شابا وقتها وذو رؤية سياسية ثاقبة. جاءت أفلامهم معا لتقدم إعادة تقيم للوضع السياسي والاجتماعي وحتى الاقتصادي في مصر آنذاك.
حارب التطرف بالفن
لفت “الصغيران” إلي أنه عندما اشتدت موجة الإرهاب في التسعينات من القرن العشرين وضع عادل إمام روحه على كفه، عندما صنع أحد أهم أفلامه في السينما وهو الإرهابي، حيث القدرة على اختراق مثل تلك الجماعات وفهم أهدافها وأفكارها مما أدى إلى معاداتهم الشديدة لـ عادل إمام، حتى وصل الأمر بتهديده بالقتل؛ إلا أن عادل إمام لم يهتم بمثل تلك التهديدات وصمم على استكمال محاربة الفكر المتطرف.
وواصل: إلى أن وصلنا إلى فيلم طيور الظلام، وهو في رأيي الشخصي واحد من أنضج أفلام مصر السياسية، الذي لخص سنوات حكم الرئيس الأسبق مبارك، وكيف أدى الترهل السياسي إلى غياب رؤية حقيقية وجادة في تغير السياسات القديمة مع استمرار ما يشبه التحالف غير المعلن مع الجماعات التي تتخذ الدين كستار لأغراض أخرى.
واختتم: هكذا استطاع عادل إمام طوال سنوات عمله، أن يقدم إلينا صورا درامية حققت تأثيرات في وعي وعقلية المشاهد العربي بشكل عام من خلال ما يعرف بالقوة المثقفة الناعمة.
